قال رئيس الجمعية الفلكية الأردنية عمار السكجي، إن رؤية هلال رمضان في الأردن والمنطقة العربية “غير ممكنة” يوم الأحد 10 آذار/مارس المقبل، بناء على الحسابات والمعطيات الفلكية للهلال، واعتمادا على القيم الرصدية القصوى للمشروع الإسلامي لرصد الأهلة.
وأوضح في تصريح لـ “المملكة” الثلاثاء، أن رؤية الهلال غير ممكنة في الأردن والمنطقة العربية الأحد المقبل بحسب معيار عودة؛ وهو المعيار المتبع في الجمعية الفلكية الأردنية والمنطقة العربية، إضافة إلى العديد من المعايير المختلفة وأحدثها معيار علاوي.
وأرفق السكجي لـ “المملكة” صورتين تظهران رؤية محاكاة حاسوبية لمدينة عمّان وضواحيها لرؤية الأهلة ليومي الأحد والاثنين، مؤكدا على أن “الهلال لا يمكن رؤيته يوم الأحد في الأردن أو المنطقة العربية”.
وأكد على أن المرجع الرسمي في إعلان التحري وتحديد بداية شهر رمضان وغرة شوال هو من اختصاص مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية ودائرة الإفتاء العام ومفتي عام المملكة، موضحا أن “التقويم القمري” يعتمد على الاقتران المركزي، فيما يعتمد “التقويم الهجري” على الرؤية الشرعية التي يحددها المختصون من أهل الفقه.
وبين السكجي أن التقويم القمري المعتمد في علم الفلك الحديث في معظم المراكز والمؤسسات والوكالات الفلكية والفضائية، يعتمد بشكل أساسي على دورة القمر حول الأرض وبشكل دقيق على حسابات الاقتران النظرية، والحسابات الفلكية للاقتران دقيقة للغاية.
وفي علم الفلك، قال، إن “الاقتران يحدث عندما يكون جرمان سماويان أو أكثر مرئيين بالقرب من بعضهما البعض، وكأنهما على خط واحد، وهذا ينطبق على اقتران القمر بحيث يكون فيه الشمس والقمر والأرض على خط سماوي واحد”.
وبين أن علم الفلك الحديث يعتبر الاقتران المركزي بداية الدورة القمرية (التولد أو المحاق) أو بداية الشهر القمري، موضحا أن الاقتران يكون بالنسبة لمدينة عمّان وضواحيها في تمام الساعة 12 ظهرا من يوم الأحد 10 آذار/ مارس 2024، ويمكث الهلال فوق الأفق بعد غروب الشمس بنحو 13 دقيقة، ويكون عمره من الاقتران وحتى غروب الشمس 6 ساعات و40 دقيقة.
وأشار إلى أن ارتفاع الهلال سيكون قرابة درجتين وسبع ثواني، وإضاءة الهلال نحو 0.1%، والفرق السمتي بين موقع مركز القمر ومركز الشمس نحو 3 درجات، والاستطالة ثلاث درجات ونصف الدرجة؛ وهي البعد الزاوي بين مركز القمر ومركز القمر بالدرجات كما يشاهد من الأرض.
وبين أن حسابات الاقتران والمعطيات الفلكية دقيقة جدا؛ لأنها تعتمد على نماذج الفيزياء النظرية والتفاعلات الجاذبية بين الأجرام السماوية، وقد تم تصوير الهلال بعيد الاقتران باستخدام تقنيات التصوير الومضي، لكن تعذر الرؤية من الناحية الفلكية تعود بشكل أساسي الى فيزياء الغلاف الجوي من الانكسارات والانعكاسات، ولتأكيد ذلك، “نتخيل لو أزلنا الغلاف الجوي لرأينا الهلال بعيد الاقتران”.
السكجي، قال لـ “المملكة” إن موضوع القياسات في العلوم تطورت بشكل كبير جدا في القرنين العشرين والحادي والعشرين، وخاصة مع التطور التكنولوجي الهائل، ودخلت العلوم الإحصائية وطرائقها المختلفة لمعرفة دقة القياسات المتكررة لنفس الكمية، لكي نلقي الضوء على الدقة في القياسات الفيزيائية والفلكية.
وأضاف أنه “في عام 2017، حصد ثلاثة علماء على جائزة نوبل في الفيزياء لقياس أمواج الجاذبية الناتجة عن اندماج الثقوب السوداء، وكانت دقة القياس هائلة جدا، وتصل إلى جزء من ألف مليار مليار من المتر”.
وأشار السكجي إلى أن القياسات غير المباشرة يعتد بها في العلوم الطبيعية والهندسية والطبية والأمثلة كثيرة، لا تعد ولا تحصى، موضحا أن ثلاثة علماء حصدوا عام 1993 على جائزة نوبل في الفيزياء بسبب “القياسات غير المباشرة” لأمواج الجاذبية من خلال اكتشاف نوع جديد من النجوم النابضة، مشيرا إلى أن “هذا الاكتشاف أتاح لنا دراسة الجاذبية وتأكيد على صحة نظرية النسبية العامة”.
وقال، إن “مركبة الفضاء فويجر 1 والتي أطلقت في عام 1977 ووصلت الآن على أطراف النظام الشمسي في المنطقة بين النجوم، وعلى بعد 23 مليار كيلومترا، أي بعد 46 سنة ونصف السنة، وما زلنا نستطيع تحديد موقعها بدقة وكذلك التحكم ببعض أجهزتها”.
وأوضح أن الحسابات والقياسات الفلكية لمتوسط المسافة بين مركزي الأرض والقمر دقيقة جدا، بحيث تزيد عن جزء من واحد في المليون من السنتيمتر.
وعن الدقة في القياس في العلوم المختلفة، قال، إن “الدقة في عمليات القياس في الأجهزة الطبية والتصوير تكون عالية جدا وخاصة اجهزة التشخيص الحديثة، وبناء على نتائج هذه الأجهزة والتصوير يتخذ الطبيب قراره في العلاج، ومتخصص الاستشعار عن بعد وتصوير الأرض ويستخدم الصور الفضائية ويحللها لكي يستفيد منها المهندس وعالم الزراعة ومخطط المدن ودراسات التصحر”.
وأضاف السكجي أن “أقمار الملاحة الفضائية تعطي قيما دقيقة جدا للمواقع، وبناء على ذلك يتم اتخاذ العديد من القرارات في السفر والطيران والسفن، وهناك العديد من القياسات المباشرة وغير المباشرة، وهي معتمدة بشكل أساسي في العلوم الطبيعية والهندسية والطبية، وتخضع لمنطق البحث العلمي وطرائقه”.
وأوضح أن الحسابات النظرية لشروق الشمس وغروبها دقيقة جدا، ومعتمدة في كل دول العالم وذلك لاحتساب الزمن والتقويم الشمسي ولغايات أخرى، مشيرا إلى أن هذه الحسابات متناغمة ومتطابقة مع الرصد الفلكي للشمس بدرجة عالية، ومنها تم عمل محاكاة فلكية للزمن مثل الساعات والمزاول الشمسية وتطورها إلى الساعات الحديثة وهي دقيقة في الاستخدامات اليومية العادية، وتستخدم الساعات الذرية أيضا للتأكد ومتابعة ذلك وحسب الاستخدام والدقة المطلوبة.