منظمات مجتمع مدني تستهجن عدم تضمينه نصا لتنظيم عقود العمل
رغم ترحيب منظمات مجتمع مدني بصدور نظام عمال الزراعة بعد انتظار دام حوالي 13 عاما، الا انها انتقدت حصر تطبيق بنوده على المنشآت الزراعية التي يتجاوز عدد العاملين فيها ثلاثة، مؤكدة ضرورة ان تشمل كل عمال الزراعة دون استثناء.
المديرة التنفيذية لمركز العدل هديل عبد العزيز ترى انه ورغم تأخر صدور النظام 13 عاما الا انها “خطوة مهمة انهت معاناة العاملين في القطاع لأنه سيمكنهم من التمتع بحقوقهم العمالية”.
لكن عبد العزيز تستغرب وجود العديد من البنود في النظام جاءت تكرارا لبنود قانون العمل “وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على انه “لم يكن هناك داع لتأخير صدور هذا النظام كل هذه السنوات وكأنه ببساطة ضم العمال تحت مظلة قانون العمل”، مشيرة الى ان وقف إسباغ الحماية على العاملين في الزراعة طيلة هذه السنوات كان تعطيلا لنص قانوني بدون داع”.
ولفتت عبد العزيز الى ان مركز العدل كان طالب في مذكرات وتقارير سابقة ان يضم النظام بعض البنود التي تراعي خصوصية وطبيعة العاملين في الزراعة مثل اصطحاب العمال لأطفالهم معهم على سبيل المثال، لكن النظام لم يتطرق لمثل هذه الامور.
وقالت، “من الجيد ان النظام نص على اجازة الامومة لكن لم يشرح كيف سيتم تطبيقها في ظل موسمية العمل الزراعي”، مؤكدة ضرورة توضيح هذه التفاصيل وكذلك بالنسبة لإشراك العامل في الضمان الاجتماعي في ظل موسمية العمل الزراعي”.
مديرة جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان لندا كلش ثمنت اصدار النظام لكنها انتقدت غياب بعض التفاصيل عنه منها انه “لم ينظم عقود العمل وما يترتب على العلاقة التعاقدية من آثار وحقوق وأحكام”، معتبرة أن عقود العمل المكتوبة من الضمانات المهمة لحفظ الحقوق وتوضيح حدود العلاقة العمالية والتزامات كلا الطرفين، وتؤدي إلى تمكين الوزارة من ممارسة الدور الرقابي والإشرافي على سوق العمل ومدى توفر ظروف العمل اللائقة.
وقالت كلش، “يجب أن يتضمن النظام النص على تنظيم عقود العمل باعتباره متطلبا تشريعيا في المقام الأول يضمن التزام صاحب العمل بتوثيق التعاقدات، ويمكن في هذا الإطار إضافة نص يتعلق باعتماد الوزارة نموذج عقد عمل موحد ينظم على ثلاث نسخ باللغة العربية وبلغة يفهمها العامل، على أن يحتفظ كل من العامل وصاحب العمل والوزارة بنسخة منه”.
ولفتت كلش الى عدم تضمين النظام أحكاما خاصة تتعلق بحالات إنهاء عقود العمل، سواء أكانت محددة المدة أو غير محددة، مثل حالات استحالة تنفيذ العقد بتلف الموسم الزراعي أو تلف المحاصيل الزراعية أو وفاة العامل أو في حالة عدم رغبة أحد الأطراف في استمرار العقد.
كما لم تتضمن مسودة النظام “تنظيم حالات انهاء العقد بسبب صاحب العمل مع احتفاظ العامل بحقوقه كأن يرتكب انتهاكات جسيمة على العامل، أو بسبب العامل كأن يتسبب بخسارة كبيرة لصاحب العمل”، بحسب كلش.
من جهته يقول مدير بيت العمال للدراسات حمادة ابو نجمة ان صدور نظام عمال الزراعة يشكل نقلة نوعية وتاريخية في تطور الحقوق والحمايات للعمال في الأردن وتنظيم العلاقة بين أصحاب العمل والعمال، لينهي حقبة زمنية طويلة من استثناء قطاع الزراعة من قانون العمل، عانى خلالها عمال الزراعة من غياب الحمايات القانونية كانت خلالها علاقات العمل في هذا القطاع دون تنظيم أو رقابة.
وأضاف، “لقد كان لمنظمات المجتمع المدني دور هام في هذا التغيير من خلال مطالباتها بشمول عمال الزراعة بقانون العمل وضرورة إصدار النظام الذي أوجب القانون إصداره منذ عام 2008، انتهاء بتقديم صيغة نموذجية تتضمن أهم المعايير الدولية وتجارب الدول في هذا المجال والاحتياجات الوطنية، بعد أن تجنبت الحكومات المتعاقبة إصدار النظام رغم الصياغات التي كانت تقدمها وزارة العمل”.
ويشدد ابو نجمة على ان إيجابيات النظام الذي صدر تفوق سلبياته، فقد شمل بأحكامه كافة أشكال العمل الزراعي (النباتية والحيوانية) والمنشآت والحيازات الزراعية التي تمارس الأعمال الزراعية كليا أو جزئيا، سواء كان صاحب العمل شخصا طبيعيا أو اعتباريا، كما شمل كافة أشكال عقود العمل غير محددة المدة، ومحددة المدة ومنها الأعمال المؤقتة والموسمية، والأهم أنه نص صراحة في المادة 16 منه على تطبيق أحكام قانون العمل في الحالات التي لم يرد بشأنها نص خاص في النظام، الأمر الذي يعني شمول عمال الزراعة بكافة أحكام قانون العمل وليس فقط الأحكام التي وردت في النظام.
لكن ابو نجمة يؤكد انه “كنا نأمل أن لا يتم استثناء من يعملون لدى أصحاب العمل الذين يستخدمون 3 عمال فأقل من الأحكام الخاصة بساعات العمل والعطل والإجازات والضمان الإجتماعي، فهذا الاستثناء ليس له أي مبرر، ومن الطبيعي أن يكون للعامل ساعات عمل محددة سواء عمل لدى صاحب عمل يستخدم 3 عمال فأقل أو لدى صاحب عمل يستخدم أكثر من ذلك، ولا أعتقد أن أصحاب العمل يرون غير ذلك، وكذلك الحال بالنسبة للعطل والإجازات والاشتراك بالضمان الإجتماعي”.
وأشار الى أن هذا الاستثناء يذكرنا بالاستثناء الذي كان ينص عليه قانون العمل السابق قبل عام 1996 الذي كان يستثني من بعض أحكامه ما أسماه بالمؤسسات غير المنتظمة، وهي المؤسسات التي تشغل 5 عمال فأقل، إلا أن هذا الاستثناء كان يربك العلاقات العمالية ويعقد الرقابة على الحقوق والالتزامات ويتسبب في صعوبات جمة في إجراءات المحاكم”.
ويرى أنه بصدور هذا النظام أصبح الآن من حق عمال الزراعة الحصول على كافة الحمايات التي نص عليها قانون العمل، في الأجور وعقود العمل والسلامة والصحة المهنية وإصابات العمل والأمراض المهنية وخدمات التشغيل والتدريب والتنظيم النقابي والمفاوضات الجماعية، وبشكل خاص أصبح من حقهم اللجوء إلى مفتشي العمل وتقديم شكاواهم بشأن حقوقهم وكذلك إلى المحاكم وسلطة الأجور بإقامة دعاوى عمالية معفاة من الرسوم وتخضع للإجراءات المستعجلة للبت فيها بعد أن كانت المحاكم ترفض معاملة دعاواهم معاملة القضابا العمالية.
كما يرتب النظام مسؤوليات كبرى على وزارة العمل من حيث إصدار تعليمات خاصة بالتفتيش وبالسلامة والصحة المهنية وبأوقات العمل في الظروف الجوية الاستثنائية، والأعمال المحظور تشغيل الأحداث فيها، والسكن العمالي، كما يتوجب عليها تأهيل المفتشين لخصوصية التفتيش في القطاع الزراعي واستخدام التكنولوجيا الحديثة في التعامل مع مواقع العمل الشاسعة جغرافيا، كما على مؤسسة الضمان الاجتماعي العمل وضع القواعد التنظيمية لشمول عمال الزراعة بتأمينات الضمان والرقابة على الإلتزام بها بحسب ابو نجمة.
وتعلق مديرة برنامج العمل اللائق التابع لمنظمة العمل الدولية ريم اصلا//// على النظام بالقول “النظام ممتاز ولكن الاجازات والانتساب للضمان الاجتماعي من المهم ان تكون لكافة العماله بحسب قانون العمل وقانون الضمان وبغض النظر عن حجم المنشأة. وايضا اجازة الامومة لمصلحة الام والطفل والتي استثناها النظام لمن يوظف 3 عمال/عاملات واقل”.
بدوره قال المرصد العمالي الاردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية “انه بالرغم من الترحيب بصدور النظام ونشره في الجريدة الرسمية، الا أن النظام استثنى في المادة 15 منه العاملين والعاملات لدى أصحاب الأعمال الزراعيين الذين يشغلون ثلاثة عمال فأقل من عدد من الحقوق العمالية الواردة في نصوص النظام”.
ونوه المرصد في بيان صدر عنه امس أن حرمان العاملين والعاملات الذين يعملون لدى أصحاب الأعمال الذين يشغلون ثلاثة عمال فأقل من معايير عمل أساسية “يعتبر مثلبة خطيرة في النظام، وليس لها ما يبررها”.
وأوضح “ان صدور النظام سيسهم في تحسين شروط عمل عشرات آلاف العاملين والعاملات في القطاع الزراعي الذين يلعبون دورا مركزيا في تعزيز الأمن الغذائي للأردن”.
وقال، ان “غالبية العاملين والعاملات في الزراعة في الأردن يعانون من شروط عمل ضعيفة ومحرومون من معايير العمل اللائق التي يتضمنها قانون العمل الأردني”.
وأكد أنه “يعول الآن على وزارة العمل في الإسراع في تطبيق هذا النظام، وعدم التعامل معه باعتباره متطلبا لاستكمال تفعيل قانون العمل فقط”.الغد