عُقدت الأحد، في الجامعة الأردنية، جلسة نقاشية بشأن الآفاق والاتجاهات الاقتصادية العالمية، بالتعاون مع البنك الدولي ومنتدى الاستراتيجيات الأردني، بمشاركة رئيس الجامعة نذير عبيدات، والنائب الأول لرئيس مجموعة البنك الدولي إنديرميت جيل.

وفي الجلسة، التي حضرتها “المملكة” تحدث جيل عن الاقتصاد العالمي، والذي بين أنه شهد نموا اقتصاديا غير مسبوق حتى عام 2010. وتقاربًا سريعًا في الدخل بين الاقتصادات الغنية والفقيرة، في وقت يعيش فيه 75٪ من سكان العالم في بلدان ذات دخل متوسط.

وكشف أن النمو غير المسبوق الذي شهدته الدول النامية بين عامي 1990 و2015 كان نتيجة لاستقرار الاقتصاد الكلي والاستثمارات الخاصة والتجارة الدولية والحماية الاجتماعية، موضحا أن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يجدان أن الاقتصاد العالمي أظهر بعض علامات التعافي، لكنهما توقعا أنه سيظل أضعف بكثير مما كان عليه بين عامي 2000-2019.

وتوقع أن تكون الاستثمارات الخاصة محركا رئيسيا للنمو هذا العام.

وعن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، توقع انخفاضا في الإنتاج بشكل حاد في عام 2023، ومرة أخرى في عام 2024، مشيرا إلى أن بعض أكبر المخاطر التي تواجه الاقتصاد العالمي في عام 2023 هي؛ ارتفاع معدلات التضخم، ارتفاع أسعار الفائدة، انخفاض الاستثمار، واضطراب التجارة الدولية.

وبشأن الأردن، أشار في حديثه إلى أن على الحكومة التأكد من إدارة الدين بشكل كفء.

مؤشرات اقتصادية للأردن عُرضت في الجلسة، أشارت إلى استقرار النمو الاقتصادي عند 3% للأعوام (2024-2025-2026)، بعد توقع صندوق النقد الدولي ثباته عند 2.7٪ في العام 2023.

وتوقعت هذه البيانات، انخفاض الدين العام في الأردن للأعوام المقبلة، بعد أن وصل نسبته 110.175% حتى نهاية أيلول/سبتمبر الماضي.

رئيس الجامعة الأردنية نذير عبيدات، قال، إن “العامل البشري، المتمثل في رأس المال الفكري، يجب أن يكون أهم مكون يؤثر على النمو الاقتصادي” داعيا إلى رفع مستوى وجودة العامل البشري، وزيادة جودة الموارد البشرية، من أجل دفع عملية النمو الاقتصادي وتعزيز مستويات معيشة الناس”.

وأضاف أن “الجامعات بدأت تدرك أن البرامج الأكاديمية لا تساعد الطلبة في تحقيق آمالهم وآمال أسرهم بشكل كاف لعدة أسباب؛ منها التغيرات العالمية في البعد الاجتماعي والاقتصادي التي تؤثر على حياة الناس، إضافة إلى الاهتمامات الجيوسياسية التي تؤثر على الناس في كل مكان، خاصة فيما يتعلق بالأمن الغذائي وإمدادات الطاقة، والوضع الاقتصادي العالمي الذي يتسم بالخوف من ركود اقتصادي وشيك، وزيادة معدلات التضخم، إضافة إلى مشاكل الوصول والإنصاف وارتفاع الديون.

وأشار عبيدات إلى أن “مجموعة البنك الدولي تعلم جيدًا أن هذه التحديات والحواجز تضر بالفقراء بشكل أكبر، وأن الوضع تفاقم بشكل أكثر حدة خلال جائحة كورونا، التي أثرت على الجميع في هذا العالم الصغير، وإن بدرجات متفاوتة”.

وأكد على الحاجة إلى “إعادة النظر في جميع البرامج الأكاديمية من أجل الاختيار بعناية ما نحتاجه لمواصلة تقديمه، وما نحتاج تطويره وترقيته، وما يجب أن نلغيه، وما هي البرامج الجديدة التي نحتاج إلى تقديمها، مع إيلاء اهتمام خاص لاحتياجات طلابنا ومجتمعنا في السنوات العشر المقبلة”.

ودعا إلى الوضع في الاعتبار؛ الاحتياجات الناشئة عن الثورتين الصناعيتين الرابعة والخامسة، مع إعطاء الأولوية لبرامج التكنولوجيا الفائقة؛ مثل الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، موضحا أن “التعليم المناسب المتعلق بهذه التقنيات والبرامج الجديدة سيحتاج إلى بنية تحتية مناسبة ومختبرات جيدة التجهيز، وكثير منها مكلف للأسف، وبعضها بعيد المنال”.

وأكد أيضا الحاجة إلى “علماء مؤهلين تأهيلا عاليا مع شهادات وتدريب متقدمين، فضلاً عن مؤهلات من مراكز أكاديمية دولية معترف بها “وهذا يشكل عبئًا كبيرًا على ميزانيات الجامعات”.

“نعلم أن هناك فجوة في الأردن والعالم بين كفاءات البرامج الجامعية ومتطلبات الصناعة أو سوق العمل” وفق عبيدات، الذي دعا إلى معالجة عدم التطابق هذا على وجه السرعة وبعناية.

وأشار إلى أنه “عند التفكير في سوق العمل لا يجب عدم حصر الاهتمام بالأردن فقط، بل يجب أن الأخذ بعين الاعتبار أسواق العمل الإقليمية والدولية”.

جلسة النقاش، تضمنت نقاشات بين كبيرة الخبراء الاقتصاديين في البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا روبرتا غاتي، ومدير الأبحاث في منتدى الاستراتيجيات الأردني والبروفسور في الجامعة الأردنية غسان أومت، والمديرة التنفيذية لمجموعة سيتي بنك نور جرار، والطالب في الجامعة الأردنية ورد الصباغ، وأدار الحوار نائب رئيس منتدى الاستراتيجيات الأردني كريم قعوار.

وركزت الجلسة على فهم الظروف العالمية الناشئة وكيف يمكن لاقتصادات مثل الأردن أن تتغلب على الاضطرابات وإدارة المخاطر والاستفادة من فرص النمو والتنمية الشاملة والمستدامة.

الجلسة الحوارية، أكدت أن جهود التنمية في جميع مناطق العالم تواجه تحديات متزايدة، تتفاقم بسبب التباطؤ الحاد المتوقع في النمو العالمي وتأثيره طويل الأمد على الازدهار العالمي، حيث بينت على أنه في مواجهة التضخم المرتفع، وأسعار الفائدة المرتفعة، وانخفاض الاستثمار، والاضطرابات الناجمة عن الحرب الروسية في أوكرانيا، من المتوقع أن ينخفض النمو العالمي إلى 1.7٪ في عام 2023 من 3.0٪ المتوقعة قبل ستة أشهر فقط.

وأشارت الجلسة إلى أن البلدان الصاعدة والنامية تواجه مخاطر متزايدة مدفوعة بأعباء الديون الثقيلة، وضعف الاستثمار الذي يضاعف من الانتكاسات المدمرة بالفعل في التعليم والصحة والفقر والبنية التحتية الناجمة عن أزمة فيروس كورونا.

“على الرغم من هذه الصورة القاتمة، يمكن للسياسات المحلية أن تساعد البلدان على الصمود في وجه العاصفة، وتحسين التوقعات وبناء اقتصادات أقوى مع الاستثمار المناسب في الأصول المادية والبشر” وفق بيان الجلسة.

غاتي، قالت، إن الأردن تمتع باستقرار هائل من حيث الأسعار في العام الماضي، موضحة أن المخاطر الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تمثلت في التضخم والضعف الكبير للبلدان المستوردة للنفط والحيز المالي بعد تفشي الجائحة.

وأضافت أن مهارات المستقبل ومحو الأمية الرقمية ستلعب دورًا كبيرًا في استقرار سوق العمل وتشديده، داعية الأردن إلى العمل على تحسين نظامه التعليمي.

قعوار، قال، إن السياق العالمي الصعب تكشف في أعقاب جائحة عالمية، لا سيما مع ضغوط التضخم التي دفعت العديد من البنوك المركزية إلى تشديد سياستها النقدية وتقييد الوصول إلى التمويل الدولي.

وأضاف أن “أداء الأردن كان قويا فيما يتعلق بالسيطرة على التضخم، وتخفيف الآثار السلبية لتكلفة المعيشة، حيث حافظ على زخم النمو، على الرغم من أن هذا لم ينعكس بعد على خلق فرص العمل وزيادة الدخل”.

جرار، قالت، إن “القطاع الخاص هو المحرك الرئيسي للنمو الذي يقوده الاستثمار وخلق فرص العمل في الأردن” مضيفة “نحن بحاجة لتسليط الضوء على المشاريع الناجحة التي نفذت في الأردن، وإبراز تلك النجاحات”.

“تلعب الشفافية والاتساق والقدرة على التنبؤ في التشريعات دورًا كبيرًا في جذب المستثمرين. ويجب أن يشعر المستثمرون بالثقة في الاستقرار التنظيمي مع إيجاد عائد جذاب لمخاطرهم” وفق جرار.

وأعرب أومت عن أهمية الاستثمار للحد من معدلات البطالة المرتفعة خاصة بين فئة الشباب خريجي الجامعات، مؤكداً أن الوصول إلى نمو اقتصادي قوي ومستدام سيساهم في خلق عدد أكبر من الوظائف واستيعاب الخريجين الجدد.

الطالب الصباغ، أكد أهمية السير قدماً بمبادرات رؤية التحديث الاقتصادي، والتركيز على القطاعات الاستراتيجية ذات الأولوية، خاصة تلك التي ستدعم الميزان التجاري بزيادة الصادرات إقليمياً وعالمياً. كما شدد على ضرورة أن تنظر الحكومة إلى خريجي الجامعات على أنهم مورد اقتصادي فاعل ومنتج ومبادر، وذلك برفع كفاءتهم من خلال المبادرات والبرامج المختلفة.