مرايا  -أظهر تقرير للبنك الدولي أن “إذا كان 2022 عاماً مملوءاً بعدم اليقين، فإن 2023 هو عام انعدام المساواة”، مشيرا إلى أن “بالنسبة للبلدان التي تأمل في التعافي من الخسائر المدمرة لجائحة كورونا، أصبحت المعركة أكثر صعوبة، بسبب التهديدات المتفاقمة المتمثلة في تغير المناخ، أو أوضاع الهشاشة، أو الصراع والعنف، أو انعدام الأمن الغذائي، والتي تجعل من الصعب على الاقتصادات في جميع المجالات التعافي بشكل كامل”.

وأوضح التقرير، تحت عنوان عام 2023 في 9 رسوم بيانية: تزايد انعدام المساواة، “كما هو الحال في معظم الأزمات، فإن أشد بلدان العالم فقراً هي الأكثر تضرراً، وتجد العديد من هذه البلدان، التي تعاني بالفعل المديونية الحرجة، نفسها تعاني ضغوطاً أكبر للحصول على الموارد، ويعد العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت جانباً حيوياً من سوق العمل ومصدراً للدخل، ولكن فقط لأولئك الذين يمكنهم الحصول عليه، ودعونا لا ننسى أزمة اللاجئين اليوم، فتحسين سياسات الهجرة لا يساعد على تخفيف حدة الأزمة فحسب، بل يمكن أن يساعد أيضاً في تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق الرخاء”.

وذكر التقرير، إن هذه الأزمات المتعددة جعلت العمل الإنمائي أكثر تعقيداً. وأصبحت الطريقة التي يتصدى بها البنك للتهديدات الجديدة والقائمة وإدارتها أكثر أهمية من أي وقت مضى.

وشدد على أن “الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك وصندوق النقد الدوليين لعام 2023، كانت نقطة تحول بالنسبة للمجموعة البنك على وجه الخصوص، حيث كشف رئيسها أجاي بانغا النقاب عن رسالة ورؤية جديدتين للمنظمة: خلق عالم خال من الفقر على كوكب صالح للعيش فيه”.

وفي نظرة للبنك إلى أداء العام 2023، تطرق إلى 5 قضايا رئيسية:

1. أوضاع الفقر

وعلى الرغم من تراجع الفقر المدقع في البلدان متوسطة الدخل، فإن الفقر في البلدان الأشد فقرا والبلدان المتأثرة بأوضاع بالهشاشة أو الصراع أو العنف لا يزال أسوأ مما كان عليه قبل الجائحة. ويؤدي استمرار الفقر في هذه البلدان إلى زيادة صعوبة تحقيق الأهداف الإنمائية العالمية الرئيسية الأخرى.

وبحسب البنك، فإن هناك نحو 700 مليون شخص حول العالم يعيشون في فقر مدقع، أي أقل من 2.15 دولار في اليوم.

وأضاف: على الرغم من أننا قطعنا شوطًا طويلا في مجال الحد من الفقر العالمي، إلا أن تلك المكاسب التي تحققت بعد تكبّد جهود مُضنية، واجهت انتكاسة كبيرة مع وباء كورونا، التي لم تجلب معها خسائر في الأرواح فحسب، بل جلبت معها الصدمات والأزمات التي أدت إلى ضياع نحو ثلاث سنوات من التقدم في مجال الحد من الفقر، وهذا يعني أننا خسرنا ثلاث سنوات في مكافحة الفقر.

وأشار إلى أنه منذ عام 2019، زاد عدد الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 6.85 دولارات للفرد في اليوم بشكل طفيف.

2 – الديون

وفي شأن الديون الدولية، سلط التقرير السنوي للبنك الضوء على أن البلدان النامية أنفقت رقماً قياسياً قدره 443.5 مليار دولار لخدمة ديونها العامة الخارجية المضمونة من الحكومة في 2022.

ودفعت أشد البلدان فقرا المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي رقما قياسيا قدره 88.9 مليار دولار، ويمثل هذا الرقم تكاليف خدمة الديون في عام 2022، بزيادة قدرها 4.8 بالمئة عن عام 2021.

وتواجه أشد بلدان العالم فقرا خطر أزمات الديون مع ارتفاع تكاليف الاقتراض. وأدت الزيادة في التكاليف إلى تحويل الموارد الشحيحة بعيدا عن تلبية الاحتياجات الحيوية في قطاعات مثل الصحة والتعليم والبيئة.

3 – آفاق الاقتصاد

أشار البنك إلى أن إصدار يناير 2023 من تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية، أظهر أن النمو العالمي يتباطأ بشدة في مواجهة ارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، وتراجع الاستثمارات، والاضطرابات الناجمة عن الحرب في أوكرانيا.

وكان من المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 1.7 بالمئة في عام 2023 و 2.7 بالمئة في عام 2024، مع توقع حدوث تراجع حاد في النمو على نطاق واسع. وتم تعديل التوقعات لتنخفض إلى نحو 95 بالمئة من الاقتصادات المتقدمة ونحو 70 بالمئة من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.

ومع بزوغ فجر العام الجديد، يقف العالم في منتصف الطريق لعشر سنوات غاية في الأهمية لتحقيق التنمية المرجوة. وسيعطي تقرير البنك الدولي القادم بعنوان “الآفاق الاقتصادية العالمية” الذي سيصدر في 9 يناير لمحة مهمة عن التحديات التي تكتنف المستقبل.

وأصبحت الآفاق الاقتصادية لبلدان الاقتصادات النامية قاتمة في عام 2023. وقد أثبتت السنوات الأربع الأولى من عشرينيات هذا القرن الحادي أنها من بين أضعف السنوات نموا على مدى 30 سنة.

4 – تراجع آفاق النمو على الأجل الطويل

توقع التقرير الصادر بعنوان “تراجع آفاق النمو على الأجل الطويل: الاتجاهات والتوقعات والسياسات” في مارس 2023، أن ينخفض الحد الأقصى لمعدل النمو طويل الأجل للاقتصاد العالمي، دون زيادة معدلات التضخم إلى أدنى مستوى له منذ 30 سنة خلال الفترة المتبقية من عشرينيات القرن الحالي.

ويرجع ذلك إلى أن معظم القوى التي عززت الرخاء منذ أوائل التسعينيات ضعفت، ويشمل ذلك تزايد عدد السكان في سن العمل.

5 – المناخ

شدد البنك على أن لتغير المناخ آثاراً سلبية على البشر والاقتصاد، وقد يُجبر 216 مليون شخص على الهجرة داخل بلدانهم بحلول عام 2050. ويمكن أن يؤدي إلى زيادة معدلات الإجهاد المائي، فضلاً عن انخفاض غلة المحاصيل، وخاصة في أكثر مناطق العالم معاناة من انعدام الأمن الغذائي. أما أنظمة الأغذية الزراعية فهي مسؤولة أيضاً عن ثلث جميع الانبعاثات. والتوسع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة، والاستثمار في توصيل الكهرباء على نطاق واسع، مع تجنب إنشاء محطات فحم جديدة وإيقاف تشغيل المحطات القديمة وإخراجها من الخدمة، يُعد أمرًا بالغ الأهمية لتوفير الطاقة النظيفة لتشغيل المنازل والمدارس والمستشفيات ومنشآت الأعمال.

وبحسب البنك، فإن خفض الانبعاثات وزيادة القدرة على الصمود والتكيف أمر ممكن، لكنه سيتطلب تغييرات اجتماعية واقتصادية وتكنولوجية هائلة. وفي هذا الشهر نفسه فقط، أثناء انعقاد مؤتمر المناخ الثامن والعشرين في دبي (COP28)، أعلن البنك الدولي عن إجراءات جريئة لزيادة تمويل الأنشطة المناخية، وتوسيع نطاق شروط الديون المعنية بالقدرة على الصمود، وتعزيز الجهود بشأن أسواق الكربون، و”الحد من انبعاثات غاز الميثان بصورة كبيرة” وغير ذلك من الإجراءات الأخرى الكثيرة.

“في عالم يواجه فيه أشد الناس فقرا وطأة الصدمات، فإن تغير المناخ يأتي أيضا في إطار هذه الصدمات ولا يختلف عنها. ويأتي التصدي لهذه الصدمات في صميم التحدي الذي يواجه التنمية وتهيئة كوكب صالح للعيش” بحسب تقرير البنك الدولي.

وتشكل الدول مرتفعة الدخل 16 بالمئة من سكان العالم، ولكنها تنتج 31 بالمئة من انبعاثات غازات الدفيئة، ومن حيث إجمالي الانبعاثات تصدرت الصين القائمة بإنتاج 26.4 بالمئة (18 بالمئة من سكان العالم)، تليها الولايات المتحدة الأميركية بنسبة 12.5 بالمئة (تضم 4 بالمئة من سكان العالم)، والهند بنسبة 7.1 بالمئة (تضم 18 بالمئة من سكان العالم)، والاتحاد الأوروبي بنسبة 7 بالمئة (6 بالمئة من سكان العالم). بحسب البنك الدولي.

6 – أسواق السلع الأولية

وفقاً لأحدث إصدار من نشرة آفاق أسواق السلع الأولية، فإن تصاعد الصراع الحالي في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى الاضطرابات الناجمة عن الحرب الروسية في أوكرانيا، يمكن أن يدفع أسواق السلع الأولية العالمية لحالة من عدم اليقين.

وانخفضت الأسعار العالمية للسلع الأولية بنحو 25 بالمئة في عام 2023، مقارنة بعام 2022، وهو أكبر انخفاض منذ تفشي الجائحة. وأدى اندلاع الصراع في الشرق الأوسط في أوائل أكتوبر إلى ارتفاع أولي في الأسعار، وإن كان تأثيره ضئيلا حتى الآن. ولا تزال أسعار معظم السلع الأولية أعلى من متوسطها في 2015-2019.

ويتوقع البنك، أن يبلغ متوسط أسعار النفط 90 دولاراً للبرميل في الربع الحالي، قبل أن تتراجع إلى 81 دولاراً السنة القادمة مع تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.

ورجح البنك أن تنخفض أسعار السلع الأولية بشكل عام بنسبة 4.1 بالمئة في 2024. كما أشارت تقديرات البنك الدولي إلى تراجع أسعار السلع الزراعية في السنة القادمة مع ارتفاع الإمدادات، كما من المتوقع أن تنخفض أسعار المعادن الأساسية بنسبة 5 بالمئة في العام المقبل. كما توقع البنك الدولي أن تستقر أسعار السلع الأولية في 2025.