قال رئيس الوزراء الأردني الأسبق رئيس الديوان الملكي السابق فايز الطراونة إنه بعد محادثات أوسلو تم نقل كافة المحادثات بين الأردن واسرائيل إلى منطقة وادي عربة، حيث حدث تباطؤ في الثنائيات والفلسطينيون (منظمة التحرير) قاموا بالتفاوض مع الاسرائيليين مباشرة، وتم الحديث عن عودة ياسر عرفات إلى الضفة الغربية والانتخابات التشريعية والرئاسية والملاحق التجارية.
وأضاف في مقابلة مع قناة العربية عبر برنامج الذاكرة السياسية أن دينيس روس استمر بجولات مكوكية بين تل أبيب ودمشق وأصبح الأردن وحيداً في واشنطن وشعر أنه من الممكن احراز تقدم أكبر في حال كانت المفاوضات في وادي عربة حيث تم وضع مخطط يعيد للأردن كافة الأراضي التي زحفت عليها اسرائيل منذ عام 1967 حتى عام 1970 لاستعادتها لكن اسرائيل قالت إنه رغم وروده في جدول الاعمال لكنه عرضة للتفاوض وكانوا يميلون إلى خط رودوس عام 1949، ووجدنا نقطة التقاء في وادي عربة تبعد 18 كم بين خط وقف اطلاق النار وأعمق نقطة في الوادي ليتم وضع خيمة هناك وطاولة ليكون كل طرف على جانبه.
وتابع “أخذنا كل ما طلبناه وكل ما أعلنه جلالة الملك قبل الدخول لمؤتمر مدريد والمؤتمر الوطني الذي حصل في عمان كل شيء على الاطلاق أخذناه بما فيه حصتنا من المياه باليرموك على اتفاقية جونسون التي رفضتها الأمة العربية واسرائيل أخذناه وثبتناه على اسرائيل بـ 25 مليون متر مكعب”.
وعن الباقورة والغمر، أكد الطراونة أن الغمر 4500 دونم بعيدة عن الحد الأردني الاسرائيلي 5 كيلو متر وعند ازاحة الشبك الفاصل كانت تابعة لشخص متنفذ جداً في الكنيست وكان رابين يطلب تعديل للحدود لأخذها ومنح الأردن أراض أخرى بدلاً منها، لكن الملك الحسين قال إنه وعد شعبه بإعادة كل سم للسيادة الأردنية، ووجدنا بنداً مقبولاً جداً في القانون الدولي يتعلق باستعمال الأراضي وليس تأجيرها لمدة 25 سنة، ونحن كأردن قلنا سنمنحهم حق الاستعمال مقابل استغلال بحيرة طبريا لتخزين المياه الفائضة من نهر اليرموك بالشتاء وفي الصيف نأخذها لغور الأردن وذلك قبل بناء سد الوحدة والأمر مهم جداً فالأردن ثاني أفقر دولة بالعالم في المياه، فمنحناهم حق استغلال أراضي الغمر مقابل الحصول على حق استغلال بحيرة طبريا، وعندما أقرينا هذا البند كنا على حق فالمياه تفيدنا أكثر.
وشدد على أنه عندما رفض جلالة الملك عبدالله الثاني تجديد البند كان محقاً لأن المعاهدة قالت برضا الطرفين فلم نكن خارجين عن المعاهدة، اضافة إلى ان تصرفات اسرائيل كانت واضحة وخاصة اختراقاتها للمسجد الأقصى وحرمان الفلسطينيين من الصلاة به وتصرفات في المستوطنات ومحاولة اغتيال خالد مشعل كان هناك اختراق للمعاهدة.
وعن الخلاف بين الأردن وسوريا، أشار الطراونة إلى أنه عند توليه لحقيبة الخارجية حدث اجتماع لوزراء خارجية اتفاقية برشلونة في مالطا، فتوجه للاجتماع الذي حضره وزير الخارجية السوري آنذاك فاروق الشرع وطلبت الاجتماع معه وقلت له علاقتنا بتركيا قوية وطلبت منه أن يتوسط الأردن بين سوريا وتركيا فالمنطقة لا ينقصها حرب جديدة وبعد 3 أيام من المحادثة وقيام الشرع بنقلها للرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد هاجمنا الاعلام السوري وتحدث عن التحالف الأردني التركي ضد سوريا وحشد تركي ضدها، معلقاً على الأمر فنحن لا ندخل بتحالفات وعلاقتنا مع الجميع جيدة.
ولفت إلى أن بعض أعضاء مجلس النواب قام بتلقف الأمر وأصبح شغل الحكومة الدفاع عن عدم دخولها بتحالفات، إلى أن هددت تركيا سوريا وتم الدخول باتفاقية بينها، ولو قبلت سوريا الوساطة لأحضرت لهم اتفاقية أفضل بكثير.
وعن العلاقة الأردنية الايرانية، بين الطراونة أن إيران حاولت اختراق الصف الأردني، وليس بالحرب أو الكلام ومنذ بعد الثورة الايرانية، خاصة بعد وقوفنا مع العراق في حربه ضدهم، ولكن دون علاقات دبلوماسية.
وقال إن محاولة اختراق حدثت خلال توليه لرئاسة الحكومة حيث جاء السفير الايراني بعرض من بلاده برغبتها في مساعدة الأردن وكان في تلك الفترة محمد خاتمي رئيسا لإيران، وقلنا لهم إننا منفتحين وكنا بحاجة لجر المياه من الديسي وكانت الكلفة تقدر بحوالي 500 مليون وكان العرض الايراني انجازه بـ 150 مليون مع ترك مصنع أنابيب للأردن وتم الطلب أن تكون ادارة الشركة في معان البعيدة عن المشروع، وهو ما دفعني للتفكير بأن معان منطقة ساخنة معتقدين أنها قليلة الولاء ويمكنهم الدخول من هناك وهو ما رفضناه وقلنا لهم سنقوم ببناء مكان لكم في منطقة المشروع ولم يعودوا للتواصل بعدها.
وأضاف أن المحاولة الثانية كانت عام 1997 عندما كان هناك مؤتمر لوزراء خارجية العالم الاسلامي وكنت أول مسؤول رسمي أردني يذهب لطهران بعد الثورة والتقيت بوزير الخارجية الايراني وسيلتحق بنا القادة بعدها، ومن المفترض أن يحضر سمو الأمير الحسن ولي العهد آنذاك القمة وذلك لدواعي أمينة وكان جلالة الملك الحسين قال لي إن هناك أردنيين اعتقلا في عام 1981 خلال الحرب العراقية الايرانية وكانت رغبته أن نعيدهما معنا وعندما طلبنا من الجانب الايراني ذلك وافق مباشرة مع اشتراطه فتح الحج للمزار الجنوبي ووافقنا على طلبهم مقابل مرافقة أمنية نقوم بها.
ولفت إلى أنهم اعتبروا الكرك مدخل لهم وعندما وصلوا وجدنا معهم دولارات ومنشورات عن ولاية الفقيه على أساس أنهم يريدون التجنيد فلا يوجد شيعة في الأردن وكان هذا مدخلهم ما دفعنا لايقاف الأمر، وبقيت العلاقات بيننا جيدة ولكن العلاقات الاقتصادية بيننا قليلة، فالأردن بسياسته الخارجية لا يوجد كسر عظم أو اندلاق.
وأشار إلى أن الأردن خرج عن الخط الأمريكي أكثر من مرة رغم التحالف الكبير والمساعدات الكبيرة التي تقدم لنا منها.
وعن محاولة اغتيال خالد مشعل على الأراضي الأردنية، قال الطراونة إن جلالة الملك الحسين تعامل معها بمصداقية عالية وبغض النظر عن العلاقة الأردنية مع حماس ولكن محاولة الاغتيال داخل الأردن تعد على السيادة قبل أن يكون على خالد مشعل وخرق لمعاهدة السلام، وكان موقف الملك الراحل الحسين صلباً حيث وضع المعاهدة في جانب مقابل الترياق لانقاذ حياة خالد مشعل، وأطلق سراح الشيخ أحمد ياسين من السجن.
وأضاف أنه كان في نيويورك لاجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة وجاء سمو الأمير الحسن ومدير المخابرات الأسبق سميح البطيخي إلى واشنطن فذهب معهم وعندما عاد قال له الوفد الأردني بالجمعية العمومية إن وزير خارجية كندا يريد رؤيته بأي ظرف للمطالبة بالجوازات المزورة الكندية لعناصر الموساد الذين حاولوا اغتيال خالد مشعل.
وبين أنه أبلغ سمو الأمير الحسن بالطلب الكندي، وقال له سموه لا أستطيع ايقاظ الملك الراحل الحسين الآن، وسأقوم بسؤال البطيخي عن التحقيقات وفي حال كانت مكتملة يمكن ارسالها لهم وهو ما اجاب عليه البطيخي بالايجاب.
وعن مرض جلالة الملك الراحل الحسين، قال كنت أذهب للحصول على التوجيهات كل 3 أو 4 أسابيع لأخذ التوجيهات وأعود، وآخر زيارة في شهر كانون أول كان وضعه جيداً وطلب منه جلالة الملك الراحل في حال وفاته أن لا يتم تأخير الدولة الأردنية أي دقيقة، فكانت رغبة الراحل أن تسير الأمور بسلالة كاملة، وبعدها قرر جلالته العودة للأردن وكان بأحلى صورته وأعلن تغيير ولاية العهد، وفي يوم الجمعة قام بطلبي وقال لي اخترت عبدالله ليكون ولياً للعهد وهو حقي الدستوري.
وعن الرسالة المختصرة في بداية مرض الراحل الحسين قال كانت الرسالة الموجهة لنائب الملك الأمير الحسن آنذاك تتحدث عن حاجة الراحل الحسين للعلاج للكيماوي نتيجة اصابته بمرض السرطان وأن الأمر قد يستغرق 6 أشهر.
وأضاف مضمون الرسالة جعنلي خائفاً فالملك الراحل الحسين كان والد للأردنيين، وفي الساعة 7 والنصف صباحا توجهت لمكتب الأمير الحسن وقلت له هذه رسالة من جلالة الملك ولا استطيع نشرها بهذا الشكل، ونحتاج لاعطاء الخبر للأردنيين على جرعات ليوجهني بالتوجه إلى رئيس الوزراء آنذاك عبدالسلام المجالي وتحدثت مع المجالي واتفقنا على اختصارها، وعندما سافرت إلى باريس لايصال رسالة للرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك من جلالة الراحل الحسين للاعتذار عن لقاء، تم ابلاغي من السفير الأردني بأن الراحل الحسين يبحث عني وعندما تحدثت مع جلالة الراحل الحسين خرجت رسالتي بشكل أنا لم أفهمه لماذا لم يتم نشر رسالتي كما أرسلتها، لأرد عليه لقد اجتهدت فرد علي “بارك الله بك، ولكن الذي أرسلته أنشروه فأنا لا أخفي شيء عن شعبي، ويجب أن تنشر كما جاءت، وتم نشرها”.