مرايا – شؤون محلية – أطلق خبراء متخصصون وجهات دولية تحذيرات حول ما سيشهده “الأردن مستقبلا من نزاعات على الموارد الطبيعية كالمياه والزراعة وغيرها، إذا لم تكن هناك سياسات واستراتيجيات طويلة الأمد، للتعامل مع تدفق اللاجئين، أكان ذلك بسبب الصراعات السياسية أم جراء نشوئها عن تأثيرات التغير المناخي”.
جاء ذلك في نطاق تأكيداتهم بأن الكوارث والتغيّر المناخي هما مصدر قلق متزايد للبشرية، فتقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تشير إلى نزوح شخص واحد كل ثانية، جراءها منذ عام 2009، وقد نزح 22.5 مليون شخص، بسبب أحداث مرتبطة بالمناخ أو الطقس منذ عام 2008.
وسيُؤدي تغيّر المناخ لازدياد معاناة الناس من الفقر والنزوح، وفق مؤشرات حديثة للمفوضية، ما سيتسبب بتفاقم عوامل تؤدي للصراع، وتعقد الاحتياجات والاستجابات الإنسانية، ولا سيما في الدول المستقبلة للاجئين.
ووفق الخبيرة بالشأن البيئي صفاء الجيوسي، فإنه و”بسبب الظروف السياسية التي تعصف بالمنطقة العربية، سيرتفع الانتقال او الهجرة بسبب الكوارث الطبيعية بخاصة المناخية؛ لكنها لا تقع ضمن الاولويات الحكومية”.
واستندت الجيوسي في رأيها إلى أن “ذلك لم ينعكس على تقارير المساهمات المحددة محليا او ما يسمى بالـNDCs، فالدول الوحيدة التي ذكرت اللجوء المناخي هي: مصر وموريتانيا والسودان وجنوب السودان وتونس؛ فقط من الدول العربية”.
وحذرت في تصريحات لـها من أن “الضغط على الموارد الطبيعية سيزيد التنقل الداخلي او الخارجي، بخاصة في دولة كالأردن التي تعاني أساسا من شح في المياه”.
المفوضية الدولية كانت قد أشارت الى انه في العام 2008، نزح نحو 20 مليون شخص بسبب أحداث مناخية قاسية، مقارنة بـ4.6 مليون شخص، نزحوا داخليا بسبب النزاع والعنف في الفترة نفسها”.
وشددت الجيوسي على أن “هذه السنة محورية ومهمة في اتفاقية باريس، فالحوار التيسيري او ما يسمى بحوار تلانوا، فرصة ذهبية للدول العربية، بالرغم من تراجع مساهماتها المحلية، وتعكس اللجوء البيئي، لتتمكن من نشر الوعي حوله من جهة، وحث المجتمع الدولي لأخذه بالاعتبار، كون دولنا هي الاكثر تأثرا من تبعات التغير المناخي”.
أما بالنسبة للمفوضية، فإن “العواقب المترتبة على تغير المناخ جسيمة، ويرجح أن تصبح الموارد الطبيعية الشحيحة كالمياه الصالحة للشرب أكثر محدودية، كما أن بقاء محاصيل وثروات حيوانية، مهدد في مواقع معينة، حال ازدادت حرارتها وجفافها أو برودتها ورطوبتها، لذا، يشكل الأمن الغذائي مصدر قلق مباشر في أنحاء عديدة من العالم”.
وتتفق الخبيرة في نوعية المياه الدكتورة منى هندية مع تحذيرات اطلقتها المفوضية، مبينة أن “ما يحدث في دول مجاورة من كوارث ونزاعات، يزيد عدد اللاجئين للمملكة، ويشكل عنصر مفاجأة للجهات المعنية، فالبنية التحتية تكون مهيأة لأي زيادة طبيعية في السكان، ولا يجري إدخال بند التغيرات المستقبلية الطارئة التي قد تحدث على تلك الإعداد، كهجرة اللاجئين القسرية”.
وأشارت هندية إلى أن “هنالك تقارير عالمية، بينها تلك الصادرة عن جهات المانية، بينت أن دول الخليج سترتفع فيها درجات الحرارة إلى معدلات غير مسبوقة، وستطول فترة الصيف، وستؤدي لنزوح مواطنيها لدول أخرى كالأردن، لكن الجهات الحكومية لا تأخذ بهذه التوقعات جديا، ولا تضمنها في سياساتها طويلة الأمد”.
وأضافت “نحن نعمل دائما بمبدأ الفزعات ودون أي تخطيط استراتيجي، اذ لا تستعين الحكومة بالمختصين من الأكاديميين وغيرهم، لإجراء دراسات حول الهجرة المرتبطة بالكوارث الطبيعية والنزاعات السياسية، التي أدرجتها دول عدة ضمن استراتيجياتها”.
ولفتت إلى أن “التصميم المتعلق بإنشاء محطات تنقية أو مياه عادمة وغيرها، لا يؤخذ موضوع اللاجئين فيها بالاعتبار، ويتوقع بأن تطرأ تغيرات في الأعوام المقبلة على النمو الطبيعي لسكان المملكة”.
وبينت هندية أن “الشأن البيئي لا يقع ضمن أولويات الحكومة، فأصحاب القرار ليس لديهم الخبرة الكافية بالقضايا البيئية، برغم أن تداعيات الهجدرة، لا تقتصر على الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بل على موارد الدولة كذلك”.
واعتبرت أن “هنالك كثيرا من الإجراءات للتخفيف من الآثار الناجمة عن التغير المناخي، أحدها مباشر والآخر غير مباشر، كتخضير المناطق في الأردن، والبحث عن مصادر أخرى للمياه، لكن الموضوع معقد جدا، بخاصة إذا ما صدقت النبوءات المتعلقة بالهجرة، والتي يجب أن تكون بمنزلة حقيقة لأصحاب القرار”.
ولا يقتصر تأثير المهاجرين على الشأن الاقتصادي والمياه، بل يتعداه للموارد الزراعية، إذ تتوقع المفوضية أن “أشخاصا سيُضطرّون لمحاولة التكيف مع هذا الوضع، غير أن ذلك سيعني اضطرار كثيرين للانتقال بشكل واع إلى مكان آخر إذا ما أرادوا البقاء على قيد الحياة، وقد يؤدي ذلك لإشعال فتيل الصراعات مع المجتمعات الأخرى، إذ أن عدداً متزايداً من الأشخاص سيتنافسون على كمية متناقصة من الموارد”.
ولتفادي آثار الهدر المتزايد نتيجة التغير المناخي والصراعات السياسية، كان من المفترض، من وجهة نظر الدكتور البيطري رامي العبابنة أن “تكون ثمة استراتيجيات وسياسات زراعية، تضعها وترسمها جهات حكومية معنية، لتنمية القطاع الزراعي وتطويره، وتنمية الإنتاج الوطني، ورفعه، لكن ما يحدث العكس، فالكميات المنتجة تتناقص، كالحليب والخضراوات والفواكه”.
وقدم العبابنة مثالا قال فيه إن “كميات الحليب المنتجة قبل عشر سنوات، هي ذاتها اليوم، إذ لم تتضاعف برغم ارتفاع عدد المستهلكين، بحيث تسد الجهات المعنية النقص من هذا المنتج باستيراده من الخارج”.
وحذر من “اتباع الحكومة لسياسات خاطئة في التعامل مع مشكلة اللاجئين، لأنها ستؤدي لحدوث أزمات مستقبلية، لا يمكن التعامل معها، إذا لم تكن هنالك إدارة صحيحة وناجحة لفترة طويلة المدى، وتعتمد على الإنتاج الوطني”.الغد