مرايا – حذر المرصد العمالي الأردني، اليوم الأربعاء، من زيادة عمالة الأطفال في الأردن جراء أزمة “كورونا المستجد”، حيث أشار إلى أن العوامل الأساسية التي تزيد عمالة الأطفال تفاقمت بشكل كبير خلال الأشهر الثلاث الماضية.
جاء ذلك في تقرير أصدره المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية اليوم بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال الذي يصادف في الثاني عشر من حزيران/يونيو من كل عام.
وأكد المرصد العمالي على أن تواءم التشريعات الوطنية في مكافحة عمالة الأطفال لم تحل دون زيادتها خلال السنوات الماضية، وذلك لأن الواقع وديناميته أقوى من التشريعات حسب التقرير.
وبين تقرير المرصد العمالي أن “أن قانون العمل الأردني رقم (8) لسنة 1996 والتعديلات التي أجريت عليه، يحظر تشغيل الأطفال والأحداث، فقد نصت المادة (73) منه، على منع تشغيل الأحداث (الأطفال) الذين لم يكملوا سن السادسة عشرة من عمرهم بأي صورة من الصور، وحظرت المادة (74) من القانون ذاته تشغيل الأحداث الذين لم يكملوا الثامنة عشرة من عمرهم في الأعمال الخطرة أو المضرة بالصحة”.
وأوضح التقرير أنه كان يوجد في الأردن ما يقارب 70 الف طفل في سوق العمل ممكن تنطبق عليه وصف عمالة الأطفال وبشكل مخالف لجميع المعايير الأردنية والدولية، منهم 45 ألفًا يعملون في مهن خطرة، وفقا لإحصائيات عام 2016، حيث لا يتوفر إحصاءات اكثر حداثة.
وأوصى التقرير الى ضرورة اعادة النظر في السياسات الاقتصادية التي يتم تطبيقها في الأردن منذ عقود، وهي وهذه السياسات هي التي أدت إلى زيادة معدلات الفقر، حسب التقرير، إذ أن أغلبية الأطفال العاملين ينتمون الى أسر فقيرة، تدفعهم حاجتهم لإخراج أطفالهم من مقاعد الدراسة، أو التساهل في تسربهم من المدارس بهدف المساهمة في توفير مداخيل اضافية تساعد هذ الأسر على تلبية حاجاتها الأساسية.
وطالب التقرير بإعادة بناء منظومة الحماية الاجتماعية على أساس معايير حقوق الانسان وارضيات الحماية الاجتماعية، واعادة النظر بسياسات الأجور باتجاه زيادتها بما يتواءم مع مستويات الأسعار المرتفعة في الأردن.
وأوصى التقرير أيضًا بوقف العمل بأمر الدفاع رقم 6 وملحقاته من قرارات وبلاغات، وذلك لكي تعود مستويات الأجور إلى مستوياتها الطبيعية قبل الأزمة، كخطوة أولى قبل زيادتها، لتمكين الأسر من الحياة الكريمة.
كذلك طالب المرصد العمالي بضرورة تطوير العملية التربوية والتعليمية خلال المرحلة الأساسية للحد من عمليات تسرب الأطفال من مدارسهم، وتوفير وسائل التعلم عن بعد للطلاب لجميع الطلبة بشكل عادل. بالإضافة إلى تشديد الرقابة من قبل المؤسسات الرسمية على الأماكن التي تتركز فيها عمالة الأطفال، والعمل على تطبيق القوانين التي تحظر عمل الأطفال، ووضع عقوبات رادعة بحق المخالفين وعدم الاكتفاء بدفع غرامات بسيطة، هذا إلى جانب تفعيل الحملات التوعوية حول الآثار السلبية الناتجة عن عمل الأطفال في المدارس والأسر.
وطالب التقرير بضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه اللاجئين السوريين، للحيلولة دون اضطرارهم لدفع أطفالهم إلى سوق العمل لمساعدة أسرهم في تغطية نفقاتهم الأساسية، وتطوير قاعدة بيانات دقيقة يتم تحديثها دوريًا لعمالة الأطفال في الأردن.
وأوضح التقرير أن المقصود بالأطفال حسب التعريف الذي قدمته اتفاقية حقوق الطفل المعتمدة من الأمم المتحدة عام 1989 “جميع الأشخاص الذين لم تتجاوز أعمارهم 18 عاماً”. وفي هذا السياق تم تقسيم الأطفال إلى شريحتين: الأولى تتمثل في الأطفال دون سن 16 عاما، ويحظر تشغيلهم بأي شكل من الأشكال، والشريحة الثانية تتمثل في الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين (16-18) عاماً، يسمح بتشغيلهم في مهن غير خطرة وغير مضرة بالصحة.
وأرجع المرصد العمالي الأردني الارتفاعات المتتالية في عمالة الأطفال في الأردن إلى تفاقم التفاوت الاجتماعي وعدم المساواة، إضافةً إلى تراجع مؤشرات العدالة الاجتماعية، والتي نجمت بشكل أساسي عن تنفيذ سياسات اقتصادية لم تأخذ بعين الاعتبار النتائج والآثار الاجتماعية لهذه السياسات، والتي تركزت خلال العقود الماضية على تحرير الاقتصاد الوطني، والإمعان في تنفيذ سياسات مالية تقشفية متنوعة.
وأكد التقرير أن مختلف المعطيات تشير إلى أن عمالة الأطفال سوف تزداد بشكل ملموس جراء تداعيات أزمة فيروس “كورونا المستجد” والتي تشير أيضًا إلى أن معدلات البطالة سوف ترتفع بشكل كبير إلى جانب ارتفاع معدلات الفقر. الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى زيادة عمالة الأطفال. لأن غالبية الأطفال العاملين ينحدرون من أسر فقيرة، حيث تضطر هذه الأسر لدفع أبنائها إلى سوق العمل للمساهمة في توفير دخل للأسرة، و/أو غير قادرة على الاستمرار في الإنفاق على أطفالها في المدارس.