ضرورة إنشاء مرصد وطني لحالات قتل النساء والفتيات
يجب عدم قبول التعهد من الأسرة في حال وجود خطورة ولو متدنية على حياة النساء والفتيات
التوسع في إنشاء دور إيواء النساء المعرضات للخطر
تقديم الخدمات للناجيات من العنف وحمايتهن مع التركيز على النساء والفتيات اللاجئات
رفد المراكز الأمنية بالشرطة النسائية وبأعداد كافية وبناء قدراتهن في مجال العنف ضد النساء
تضامن: يجب إلغاء المادة 340 من قانون العقوبات وتعديل بعض النصوص في التشريعات الجزائية
فتوى حول حرمة القتل شرعاً بذريعة “الشرف”
4 جرائم بذريعة الدفاع عن “الشرف” و 6 جرائم بداعي الإنحلال الأخلاقي عام 2019
تضامن : جريمة قتل “أحلام” لم تكن الأولى ولماذا لن تكون الأخيرة؟… أصبحت منازلنا أكثر هشاشة وأقل أماناً لنسائها وفتياتها وأطفالها
مرايا – لم يعد الاستنكار والاستهجان لوحدهما كافياً للتعبير عن بشاعة وهمجية الجرائم المرتكبة ضد النساء، ولم تجد الدعوات الى اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة لحماية النساء والفتيات من جرائم القتل والعنف آذاناً صاغية، وأصبحت جرائم قتل النساء مفزعة لدرجة تقشعر لها الأبدان، واصبحت منازلنا أكثر هشاشة وأقل أماناً لنسائها وفتياتها وأطفالها، والى جانب ذلك يشهد بعض أفراد المجتمع وبصمت مطبق وقوعها لا بل ويوثقونها في إشارة ضمنية على موافقتهم عليها.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” الى أن جريمة قتل أحلام لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة ما دامت تشريعاتنا تتضمن أعذاراً مخففة لمرتكبي الجرائم بذريعة “الشرف” وما دام القانون يجيز ضرب الأطفال تأديباً، وما دام التنمر والعنف يزدادان إنتشاراً وتوسعاً، وما دامت اجراءاتنا وتدابيرنا مكبلة بتقديم شكاوى من عدمها، وما دامت العقوبة رهن التخفيف في حال إسقاط الحق الشخصي اختياراً أو إكراهاً.
وفي ذات الفترة في محافظة معان فقدت أم حياتها بأعيرة نارية على يد إبنيها كما أصيبت شقيقتيهما إصابات بالغة في جريمة أخرى، إلا أن النتيجة واحدة فقد فقدت إمرأتان حياتهما في جرائم أسرية مفزعة.
هذا وتشكل جرائم قتل النساء أخطر وآخر حلقة من سلسلة حلقات العنف المتواصلة ضدهن، وهذه الجرائم نتيجة حتمية لتبعات وآثار مختلف أشكال العنف الممارس ضدهن. وترتكبت جرائم “قتل النساء والفتيات لكونهن نساء” وهو يختلف تماماً عن جرائم القتل التي ترتكب ضد الأشخاص سواء أكانوا ذكوراً أم إناثاُ. فجرائم قتل النساء يقصد بها تلك الجرائم المرتكبة عمداً ضدهن كونهن نساء، وكان يشار الى هذه الجرائم قديماً على أنها جرائم “قتل الإناث” أو جرائم “وأد البنات” أو جرائم “القتل الممنهج للإناث”.
وفي الوقت الذي تدخل فيه أسباب إرتكاب تلك الجرائم وإزدياد معدلاتها ضمن نطاق التحليل العلمي المعمق لكل حالة لوحدها من مختلف النواحي القانونية، الاجتماعية، الاقتصادية، الصحية والنفسية، فإن التركيز على الإجابة عن السؤال الثاني حول المطلوب لمنع أو الحد من الجرائم المرتكبة بحق النساء والفتيات يبدو أكثر إلحاحاً لوقف نزف دماء البريئات.
وتقترح “تضامن” إتخاذ عدداً من الإجراءات وبصورة عاجلة بهدف التصدي لجرائم قتل النساء والفتيات وضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب وهي كالتالي:
ضرورة إنشاء مرصد وطني لحالات قتل النساء والفتيات
تطالب “تضامن” بإنشاء مرصد وطني تشترك فيه مؤسسات المجتمع المدني مع الجهات القضائية ممثلة بوزارة العدل والجهات الحكومية الأخرى كوزارة التنمية الاجتماعية ومديرية الأمن العام والطب الشرعي ودائرة قاضي القضاة ودائرة الإحصاءات العامة وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة، بهدف وضع الإستراتيجيات الدقيقة والفعالة لمنع و/أو الحد من هذه الجرائم، وذلك من خلال جمع البيانات المتعلقة بتلك الجرائم ومرتكبيها وأسبابها ودوافعها وعلاقة الجناة بالمجني عليهن وجنسياتهم، ومناطق وأماكن إرتكابها، والأحكام القضائية الصادرة بحق الجناة وتتبع حالاتهم بمراكز الإصلاح والتأهيل، والكشف عن الجرائم المرتكبة ضد النساء والفتيات والتي يتم إخفائها بذرائع مختلفة كالإنتحار.
وسيسهم المرصد في إصدار بيانات تفصيلية تجعل من التدابير والإجراءات المتخذه تصب في الإتجاه الصحيح، ويقدم التوصيات لمختلف الجهات ذات العلاقة والتي من شأنها منع و/أو الحد من الجرائم.
عدم قبول التعهد من الأسرة في حال وجود خطورة ولو متدنية على حياة النساء والفتيات
إن عودة النساء والفتيات الى أسرهن بعد توقيع تعهد من أي فرد من الأسرة أو أكثر بعدم تعريضهن للعنف وحمايتهن لن يجدي نفعاً حتى ولو كان مستوى الخطورة على حياتهن متدني جداً. وقد أثبتت التجارب السابقة بأن لا فائدة من هذا التعهد ما دام النساء لا زلن تحت الخطر والعديد منهن فقدن حياتهن تبعاً لذلك، وقد شهدنا في السنوات السابقة مقتل فتاة على يد والدها مباشرة فور توقيعه على التعهد أمام الجهات المختصة.
التوسع في إنشاء دور إيواء النساء المعرضات للخطر
على الرغم من وجود دور إيواء للنساء المعرضات للخطر إلا أن طاقتها الاستيعابية غير كافية ولا تشمل جميع محافظات المملكة، لذا فإن “تضامن” تدعو الى إنشاء المزيد من هذه الدور وتسهيل إجراءات التحاق النساء وأطفالهن والفتيات بها، وتقديم برامج تأهيلية وعلاجية بما فيها النفسية لضمان إعادة إدماجهن في مجتمعاتهن.
تقديم الخدمات للناجيات من العنف وحمايتهن مع التركيز على النساء والفتيات اللاجئات
على الرغم من وجود خدمات إجتماعية ونفسية وصحية للنساء والفتيات المحتمل تعرضهن للعنف أو الناجيات منه، في العديد من مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية، إلا أن هذه الخدمات خاصة الإيوائية منها لا زالت تشكل عائقاً أمام تقديم الحماية الضرورية والفعالة لهن.
ويزداد الأمر سوءاً مع الأعداد الكبيرة من اللاجئين في الأردن، والحاجة الملحة لوجود مثل هذه الخدمات للاجئات اللاتي يتعرضن لأنواع مختلفة من العنف بالإضافة الى ما تعرضن له أصلاً من صدمات نفسية ومشاكل جسدية وصحية بسبب النزاعات والحروب.
وتعتقد “تضامن” بأن التركيز على تقديم هذه الخدمات للنساء سيكون بمثابة الإجراء الوقائي الحاسم في منع إرتكاب جرائم قتل بحقهن.
رفد المراكز الأمنية بالشرطة النسائية وبأعداد كافية وبناء قدراتهن في مجال العنف ضد النساء
إن القضاء على ثقافة الصمت لدى النساء والفتيات المعنفات المتمثل في عدم إبلاغ الجهات الرسمية عند تعرضهن لأي شكل من أشكال العنف، يرتبط مباشرة بإمكانية تغيير الثقافة المجتمعية السائدة والتي تدين ضمنياً الضحية، وتستهتر مراجعة النساء للمراكز الأمنية لوحدهن تحت أي سبب كان. وكخطوة أولى يمكن توفير شرطة نسائية في المراكز الأمنية وبناء قدراتهن لإستقبال هذه الحالات وتشخصيها وتوصيفها بالصورة الصحيحة مما يفسح المجال أمام المعنفات من التحدث بحرية ووضوح ودون حياء.
إلغاء المادة 340 من قانون العقوبات وتعديل بعض النصوص في التشريعات الجزائية
وتشير “تضامن” الى ضرورة تعديل بعض النصوص التشريعية في قانون العقوبات الأردني لعام 1960 وتعديلاته، خاصة الأحكام المتعلقة بإسقاط الحق الشخصي في الجرائم المرتكبة بذريعة “الشرف”، وأيضاً على وجه الخصوص المواد 97 و 98، و 99، و340 منه.
وتتمسك “تضامن” بضرورة إلغاء المادة 340/عقوبات إلغاءاً تاماً، وإلغاء أثر إسقاط الحق الشخصي عن الجاني كسبب مخفف للعقوبة إذا كان الجاني والمجني عليه/عليها من ذات الأسرة، وبالتناوب تطالب بضرورة رفع الحد الأدنى للعقوبة في حال توافر عذر مخفف الى سبع سنوات كحد أدنى في الجنايات التي عقوبتها الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤيدة أو الإعتقال المؤبد، وخمس سنوات كحد أدنى في الجنايات الأخرى.
فتوى حول حرمة القتل شرعاً بذريعة “الشرف”
كما صدرت فتوى بحثية رقم 3258 تاريخ 1/12/2016 عن لجنة الإفتاء في دائرة الإفتاء العام في الأردن حول حكم ما يعرف بالقتل من أجل الشرف.
وقد جاء في الفتوى المذكورة ” إن ما يسمى بـ “جرائم الشرف” واحدة من أبشع الجرائم التي تنتشر في المجتمعات اليوم، يظن القاتل أنه من خلالها يُطهر عن نفسه العار والمذمة، ولا يدري أنه يرتكب ما هو أخطر وأكبر، وهو سفك الدم الحرام، الذي يزيد فساده على فساد أي جريمة أخرى، وأنه بذلك يستوجب على نفسه القصاص في قول كثير من الفقهاء؛ لاعتدائه على نفس معصومة لم تقم البينة قضاءً على زوال عصمتها، ولأن القاتل تقحَّم ما لا شأن له به بتوليّه إنزال العقوبة بنفسه، والأصل في بلاد المسلمين أن يتولى القضاة النظر في مثل هذه القضايا، كي يستتب الأمن، وتستقر المجتمعات، ويقوم كل بما عليه من واجبات، وينال ما له من حقوق”.
كما جاء فيها “إن قيام الشخص بقتل قريبته بدعوى حماية الشرف وصيانة العرض، فعل محرم شرعاً، وجريمة يجب أن يحاسب القاتل عليها، وأن لا تكون القرابة أو الشك عذراً مخففا له؛ لأن الأحكام لا تثبت بالشك، ولأن القضاء هو من يتولى إصدار الأحكام ويتابع تنفيذها لا الأفراد. والله تعالى أعلم”
9 جرائم قتل أسرية بحق النساء منذ بداية عام 2020
فخلال شهر كانون ثاني 2020 وتحديداً بتاريخ 10/1/2020 أقدم شاب على قتل شقيقته طعناً في محافظة الكرك، وبتاريخ 19/1/2020 فارقت زوجة عشرينية الحياة بعد إلقاء نفسها من شرفة منزلها في الطابق الثالث إثر خلافات عائلية مع زوجها في منطقة البتراوي بمحافظة الزرقاء. وبتاريخ 20/1/2020 توفيت فتاة عشرينية إثر سقوطها عن سطح منزلها بلواء الوسطية في محلفظة إربد، علماً بأن التحقيقات لا زالت جارية والتي قد تسفر عن وجود جرائم قتل خلف حالات الإنتحار المشار اليها.
وفي شهر شباط، وبتاريخ 25/2/2020 أقدمت إمرأتان على قتل سيدة ضرباً وخنقاً في منزلها تربطهما بها صلة نسب إثر خلاف بينهم.
وفي شهر آذار وبتاريخ 8/3/2020 وهو اليوم العالمي للمرأة، أقدم زوج على قتل زوجته التي لم يمض على زواجها منه سوى بضعة أشهر، وذلك بدفعها عمداً وسقطت في قناة الملك عبدالله بالأغوار الشمالية مدعياً بأنه أقدم على ذلك إثر خلافات عائلية. وفي الثلث الأخير من ذات الشهر أقدم إبنان على قتل والدهما رمياً بالرصاص وزوجته طعناً في منطقة البادية الشمالية إثر خلافات بينهم.
وفي شهر نيسان وبتاريخ 10/4/2020 قتلت سيدة ثلاثينية بعيار ناري في محافظة معان، وبذات اليوم أقدم زوج على إصابة زوجته بعيار ناري إثر خلافات بينهما في منطقة مرج الحمام بالعاصمة عمان.
وخلال شهر أيار 2020 الحالي، وبتاريخ 6/5/2020 أقدم شاب على طعن شقيقته البالغة من العمر 14 عاماً داخل منزلهما جنوب العاصمة عمان، مما أدى الى وفاتها.
وخلال شهر تموز 2020 وبتاريخ 16/7/2020، قتلت أم بأعيرة نارية على يد إبنيها وأصابا شقيقتيهما إصابات بالغة في محافظة معان، وفي محافظة البلقاء بمنطقة عين الباشا أقدم أب على قتل إبنته الأربعينية بواسطة “طوبة” مهمشاً رأسها.
4 جرائم بذريعة الدفاع عن “الشرف” و 6 جرائم بداعي الإنحلال الأخلاقي عام 2019
أظهر التقرير الإحصائي الجنائي لعام 2019 والصادر عن إدارة المعلومات الجنائية وقوع 110 جرائم قتل عمد وقصد الى جانب 8 جرائم ضرب مفضي الى الموت، وأن عدد الجناة في جرائم القتل العمد والقصد بلغ 201 شخصاً من بينهم 11 إمرأة وشكلن ما نسبته 5.5% من مجموع الجناة، فيما بلغ عدد المجني عليهم في هذه الجرائم 115 شخصاً من بينهم 26 إمرأة وبنسبة 22.6% من مجموع المجني عليهم. وهي شكاوى جرائم قد تتغير أوصافها القانونية عند إحالتها إلى القضاء.
علماً بأن “تضامن” كانت قد رصدت وقوع 21 جريمة قتل أسرية بحق النساء والفتيات خلال عام 2019 عبر رصدها لوسائل الإعلام المختلفة.
ومن حيث دوافع إرتكاب الجرائم حسب التصنيفات المعتمدة في التقرير، فقد كانت أبرز الدوافع الخلافات الشخصية والسابقة وبنسبة 48.2% (53 جريمة)، تلاها الخلافات العائلية 30.9% (34 جريمة)، والإنحلال الأخلاقي 5.5% وبعدد 6 جرائم، والأسباب المالية 4.6% (5 جرائم)، والدفاع عن “الشرف” 3.6% وبعدد 4 جرائم، والأمراض النفسية 2.7% وبعدد 3 جرائم، والتمهيد لجرائم أخرى 1.8% (جريمتان)، والدفاع عن النفس والثأر ومجهولة بنسبة 0.9% لكل منها وبعدد جريمة واحدة.
منير إدعيبس – المدير التنفيذي
جمعية معهد تضامن النساء الأردني