مرايا –
رغم أنه كفيف منذ ولادته ويقوم بغسيل الكلى من مرتين إلى ثلاث في الأسبوع الواحد منذ ثلاث سنوات، إلا أن الشاب محمد صالح الفاعوري، لم يستسلم للمرض ولا لأي شكل من أشكال اليأس، بل أصر على تسطير قصص نجاح كان آخرها تفوقه بامتحانات الثانوية العامة (التوجيهي)، وحصوله على معدل 96.1 % في الفرع الأدبي.
يقول الطالب الفاعوري، إنه نشأ في أسرة حرصت على زرع الإيمان بالله تعالى في قلبه وعقله، والتسليم بحكم الله وقدره، بالإضافة إلى تنشئته على قوة العزيمة والإرادة والطموح، بعيدا عن أي أجواء سلبية قد يتسلل إليه الإحباط من خلالها.
وأضاف الفاعوري، وهو من مدرسة علان الثانوية للبنين في مدينة السلط، أنه ولد كفيفا، ويقوم بغسيل كلى منذ نحو 3 سنوات، مشيرا إلى أن كل ذلك وما يرافقه من معاناة، كان يتصدى له بطاقة إيجابية عالية، واضعا نصب عينيه النجاح في الحياة العلمية والعملية.
وأكد، أن سر نجاحه في “التوجيهي” هو متابعته للدروس أولا بأول وتنظيم الوقت واستغلاله بالشكل الأمثل، مشيرا إلى الدور الكبير لوالدته التي كانت تتابع معه شؤون دراسته وغيرها طيلة الوقت، وتحرص على توفير الأجواء المناسبة له، وكذلك دور إدارة المدرسة ومعلميه الذين لم يبخلوا من جهتهم في دعمه ايضا.
ويتطلع الفاعوري إلى دراسة اللغات الأجنبية في الجامعة الأردنية، لافتا إلى أن طموحاته لا حدود لها، وقد يكمل الدراسات العليا إذا تسنى له ذلك.
من جانبه أكد والد الفاعوري أنه يتمتع بذكاء عال ومهارات استثنائية رغم ظروفه الصحية الصعبة.
وقال إن محمد هو أصغر أبنائه، حيث له أخ وأخت أكبر منه، مشيرا إلى أن الأخت كفيفة أيضا وتقوم بغسيل كلى منذ 14 عاما، فيما الأخ الأكبر متزوج ومنتسب لجهاز الأمن العام.
وأضاف الوالد، أنه متقاعد من القوات المسلحة ويعمل حاليا “سائق تكسي”، حتى يتمكن من توفير حياة كريمة لأسرته، لافتا إلى أن جزءا كبيرا من وقت عمله مخصص لنقل محمد وشقيقته لغسيل الكلى من منزلهم في منطقة علان بمدينة السلط إلى المدينة الطبية.
وأكد أنه لن يتوانى يوما عن تكريس كل جهده وطاقته من أجل إسعاد أبنائه، مشيرا إلى أنهم هم أيضا مصدر سعادته وفخره دائما، مشيدا بدور والدتهم أيضا في متابعة شؤونهم وحرصها على أن يكونوا بأفضل حال.
وتمنى والد محمد، بأن يتم تبني تكاليف دراسة ابنه الجامعية من قبل الجهات المعنية بذلك، كونه متفوقا ويمتلك قصة نجاح يمكن وصفها بـ”الاستثنائية”، لافتا بهذا الخصوص إلى صعوبة تحمله تكاليف الدراسة في ظل ظروف مادية صعبة.
من جهته، يقول عمر العناتي، وهو أحد معلمي الفاعوري، إنه “كان مثالا للطالب المجتهد المؤدب الذي يحترم زملاءه الطلبة ويقدر معلمية، ولم يُذكر خلال دراسته في مدرسة علان الثانوية أن أحد الطلاب قد شكى منه، فهو مثال للطالب المتفوق الناجح وهو قدوة لزملائه”.
وأضاف العناتي، أنه كمعلم لغة عربية ومربي الصف الثاني ثانوي أدبي، كان يلمس تميزا ودقة في إجابات الفاعوري بالامتحانات، حيث يحفظ الكلام من الكتاب كما لو أنه يقرأ منه حرفيا.
وأشار إلى أن طالبين هما (عمر وعلي)، كانا دائما برفقة الفاعوري خلال الدوام المدرسي، ويقضيان له مشترياته ويساعدانه في إنجاز احتياجاته، فيما كان يرافقه في الامتحانات النهائية والشهرية المعلم أحمد النبابتة، الذي ظل يثني على ذكائه وتميزه.