مرايا –
حُملت جِرار الماء “المقدس” في موكب محتفل، يضم رجال دين وفرقا كشفية وحاملي شموع، وتوجهوا إلى كنيسة معموديّة السيّد المسيح، بعد ملئها من بقايا مياه ضحلة راكدة من نهر الأردن، في يوم الحج الكاثوليكي إلى المغطس.
وتوجه أكثر من 5 آلاف حاج وحاجة من المسيحيين الكاثوليك إلى موقع معموديّة السيّد المسيح (المغطس)، الجمعة، لإحياء يوم الحج 23، والمشاركة بقداس احتفالي ترأسه بطريرك القدس للاتين بييرباتيستا بيتسابالا، في الكنيسة التي يُتوقع تدشينها نهاية 2023.
قبل بدء القداس الاحتفالي، عُقد مؤتمر صحفي على ضفاف نهر الأردن، احتفى خلاله مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام الأب رفعت بدر بأول يوم حج إلى المغطس يخلو من قيود جائحة كورونا.
غرف المياه
وشجع بطريرك القدس للاتين الحجاج والمؤمنين من أنحاء العالم على الحضور للمغطس، وإمضاء الليالي في الجوار، بعد الإعلان عن مشروع تطوير المنطقة المجاورة لموقع عمّاد السيد المسيح عليه السلام (المغطس)، وذلك خلال المؤتمر الذي تداخلت رنين الأجراس وأصوات قرع طبول الكشافة معه.
نزل البطريرك بييرباتيستا والمطران جمال دعيبس والأب رفعت والمونسنيور ماورو إلى ضفة النهر، بعد المؤتمر وغرفوا الماء “المقدس لمباركة المؤمنين”، قبل التوجه لموقع الكنيسة.
بعد غرف المياه لم يُسمح لأحد بالنزول عند المياه، واكتفى رجال الأمن بتعبئة القوارير الصغيرة للحجيج بالمياه التي يغلب عليها الطين، في ظل انحسار واضح لمياهه وإحاطته بشكل كثيف بأغصان أشجار وسُعف نخيل عند ضفة النهر الغربية.
وانخفض منسوب جريان النهر إلى 7%، مما ترتب عليه أيضا هبوط في مستوى البحر الميت بمقدار ثلاثة أقدام سنويا، وفق وكالة بترا.
وقع الأردن وإسرائيل، في تشرين الثاني/نوفمبر، على إعلان نوايا لإعادة تأهيل وتحسين بيئة ونظام المياه لنهر الأردن والبحر الميت، على هامش قمة المناخ المنعقدة في شرم الشيخ.
“إلى الرب نطلب”
وصل موكب الفرق الكشفية إلى الكنيسة ومرّ حاملو الأعلام على وقع تراتيل فرق الترتيل بين الحضور الذين اختفت الكمامات من على وجوههم بعد رفع القيود الاحترازية المتعلقة بالجائحة.
يشارك يزن طنوس (19 سنة) ضمن الكشافة، ويساعد في تنظيم الصلاة وفعاليات القداس الاحتفالي في الكنيسة بشكل “تطوعي”، ويرى في تطوعه عملا مفيدا ويعطيه الفرصة لزيارة المغطس، وعبر عن أمله في حديث لـ”المملكة” بزيادة عدد الزوار في العام المقبل.
في الكنيسة التي زينت نوافذها الرسوم، تواجدت فرق الترتيل والكشافة والشبيبة المسيحية، والأساقفة والكهنة المشاركون ضمن وفد تنسيقيّة الأساقفة من أجل دعم الأرض المقدّسة القادمين من دول أوروبيّة وأميركا الشماليّة.
رُفعت الأدعية والصلوات من أجل ديمومة الأمن والاستقرار في الأردن ومباركة الحضور وطلب الغفران، لتنشد الجوقة بأداء أوبرالي “إلى الرب نطلب”، ثم يرد الحضور “استجب يا رب”.
ورش الأساقفة الماء “المقدس” على الحضور الذي تميز بتعدد جنسياته على وقع نشيد الجوقة “أنتم الذين بالمسيح اعتمدتم”، وزغردت نسوة فرحا برش المياه.
وتُليت في الكنيسة التي انتشر في جوانبها الشمع وسعف النخيل ودخان الأبخرة، تراتيل “أؤمن بالله”، “إن شئت حياتي”، “يا مريم العذراء”، “أنت المسيح فنشهد”، “في ظل حمايتك”، “عذراء العذارى”، ثم كانت ترتيلة الختام: “عليك السلام بلا ملل”.
وألقى البطريرك عظة القداس، متحدثا فيه عن معاني المعموديّة الروحيّة والإنسانيّة قائلا: “المعمودية هي فخر لكنها أيضا مسؤولية في نشر المحبة والقيم الانسانية والروحية”.
موقع “المغطس” في وادي الخرار في قرية بيت عنيا شرق نهر الأردن، أدرجته لجنة التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونيسكو” على قائمة التراث العالمي عام 2015.
واعتمد البابا يوحنا بولس الثاني هذا الموقع موقعا للحج المسيحي، في عام 2000، ضمن خمسة مواقع أردنية رئيسة إلى جانب جبل نيبو ومار إلياس ومكاور وسيدة الجبل في عنجرة.
جمال النمري الذي يحج للمغطس للمرة الثالثة رأى أن وجوده في المكان “مناسبة عظيمة للحج في منطقة مقدسة، ولاحظ في حديث لـ”المملكة”، أن عدد الحضور تضاعف منذ حضوره الأخير في 2018، وتمنى عند حجه العام المقبل حلول السلام والخلو من الأوبئة والخير للأردن.
ويعتبر المغطس المكان المخصص للأعياد السنوية لحجاج الطوائف المسيحية، ويسمى عيد الغطاس أو عيد الحج المسيحي الكبير، الذي يعد موروثا تقليديا يمثل كيفية تعميد السيد المسيح من يوحنا المعمدان (النبي يحيى عليه السلام)، وفق هيئة المغطس.
وتوجد في موقع المغطس 5 برك؛ الأولى في المنحدر الغربي السفلي للتل؛ وتعود للعهد الروماني، وهناك بركتان تقع الأولى على قمة الطرف الشمالي لتل الخرار. وبركة جنوبية مستطيلة الشكل ولها درج داخلي على الجهة الشرقية وأربع درجات تمتد على امتداد عرض البركة.