مرايا : كتب  -د.م. أمجد الشباطات 
إن الرؤية التي أطلقها جلالة الملك فرصة عظيمة وطوق نجاة للإدارة الأردنية في الدولة بمجملها فكرا وهياكلَ ونُظم لكي تخرج من قالب الجمود والإجراءات البالية الحالية التي تقيد حركة التطور ولا تأخذ بعين الاعتبار سرعة التغيير من حولنا ولا تتبنى المنهجية الإدارية المناسبة لتعوض الفارق الزمني عن العالم بسبب التوقف الطويل عن التطوير الإداري ومن ثم المزامنة مع العالم ومع بعض دول الاقليم من حولنا التي تبنت رؤى واعدة وفق خطط تنفيذية علمية وعملية جعلتها تقفز للأمام قفزات سريعة, وأيضا فرصة لإعادة النظر فورا  بمخرجات التعليم ليس فقط لتواكب العصر والاحتياجات المحلية والإقليمية (ونرفع سقف الطموح ونقول عالميا) ولكن يجب أن تستقرئ جيدا التغيرات المتوقعة وخاصة التكنولوجية وعلى رأسها مجال الذكاء الاصطناعي, وحديثي هنا ليس موجها فقط إلى القطاعات الحكومية ولكن للقطاع الخاص والنقابات المهنية.
الرؤية عبارة عن تحول وتغيير من واقع حالي إلى واقع افضل بإذن الله ولا بد لأي تغيير أن يواجه معوقات لذا يجب أن يتم إدارة هذه المعوقات والتعامل معها لتتحقق النتائج المستهدفة وخلاف ذلك فان فرص الفشل ستكون مرتفعة.
بحسب شركة ديلويت ) (Deloitte فأن 60-70 % من مشاريع التغيير تفشل لأسباب عدة كلها مرتبطة بعدم وجود إدارة للتغيير قبل وأثناء وبعد مشاريع التغيير في المؤسسات المعنية، والفشل هنا إما أن يكون عدم تحقيق بعض أو كل الأهداف نهائيا, أو التأخر الزمني لتحقيق الأهداف, وبعض التأخيرات الزمنية لبعض الأهداف تؤدي إلى فشل كامل لمشروع التغيير بسبب فوات الأوان او حصول تطور جديد يلغي الحاجة لهذا المشروع كما في حالة ما يسمى (Disturbance Business) . 
 
بعد قراءة متأنية للوثائق الخاصة بالتحديث الاقتصادي من ناحية إدارية وجدت أن المنهجية غير موجودة لإدارة هذا التغيير المهم والكبير , نعم يوجد أهداف كبيرة ولكن تغيب الألية التنفيذية العملية وهذا يتمحور في جانبين , الأول عدم تطبيق فكر محافظ المشاريع المنبثق من علم إدارة المشاريع في كافة الوزارات والمؤسسات وبالذات الرئيسية بحيث تكون أساس إداري ومصدر للإجراءات التنفيذية (SOP)   خلال الفترة الانتقالية وتضع قوالب للحوكمة أثناء و بعد انتهاء التنفيذ من خلال وجود مكاتب إدارة المشاريع والجانب الأخر عدم وجود إدارة شمولية للتحول والتغيير, والذي يحتاج لمكاتب تحول ومكاتب إدارة تغيير وما يتضمنه من إجراءات تبدأ بدراسة الفجوة بين الواقع الحالي والواقع المراد الوصول اليه ولا تنتهي عند رفع الوعي فقط, فعملية إدارة التغيير عملية مترابطة وأيضا جزء أصيل لتحقيق الرؤية وعنصرها الرئيس الموظف(ة) والتي تبدأ من عندهم بخطوات متسلسلة ومتلاحقة لتبني التغيير قبل بدء الإجراءات بشكل علني خارج الوزارة أو المؤسسة أو الشركة.
 
الجانب الاخر والمهم الذي يجب أن يتحرك وبسرعة هو الملف التعليمي والتدريبي بمجمله في الأردن.
إن المحور التعليمي لا يقل أهمية عن المحور الإداري ومخرجات التعليم، فنحن بحاجة إلى مراجعة كاملة لمناهج التخصصات الجامعية وطريقة التعليم والتدريب والمحتوى ومدى ارتباطها بالحاجة الفعلية ومن يُعلم ومن يُدرب كخبرات حقيقية لها تجارب وبصمات وتستطيع نقلها. الموضوع بحاجة إلى جرأة ومعرفة لأن التغيير المطلوب هو تغيير جراحي وكبير، والبداية تكون بالربط الحقيقي والعضوي بالحاجة الفعلية لسوق العمل من مهارة ومعرفة وخاصة البرمجيات المتخصصة في كل مجال وبالذات المستقرة منها, وأيضا الأخذ بعين الاعتبار ما سيتمخض عن التطور الحاصل في برامج الذكاء الاصطناعي على المهن المستقبلية , وعلى سبيل المثال برنامج ChatGPT)) ,والذي اطلقته مؤخرا (OpenAI) أحدث وسيحدث نقلة كبيرة في مجالات عدة وسيؤثر على مهن عديدة وحتى على المبرمجين, وفتحَ الباب على اختراعات أخرى تُمكن الالة من أداء مهام بتصرفات تشبه الى حد كبير تصرفات الانسان وبدقة أكبر.
وفي النهاية إن وضع أهداف كبيرة بدون الية تنفيذية واضحة وعملية والاستفادة من تجارب الاخرين وتوظيف المعرفة الإدارية الحقيقية وبدون اجراء إعادة هيكلة للنظم الإدارية القائمة نكون كمن ركّب ديناصورا على اقدام دجاجة وطلب منه المسير.