لم يعد بالإمكان أن يبقى العالم ثابتًا لا يتحرك تجاه تحديات اللجوء الإنساني وظلم الإنسان في مكان من العالم والتي يتحمل الأردن جزءا كبيرا منها فاق كل التوقعات وإمكانات دول كبرى، هي رسائل حملها جلالة الملك عبد الله الثَّاني إلى الأمم المتحدة وهم يجتمعون في نيويورك في دورتهم الـ 78.
سياسيون ومختصون قالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إنَّ جلالته حمل رسالة مليئة بالمبادئ الإنسانية التي يجب على دول العالم أن تقوم بدورها الكامل تجاهها، وفي الوقت نفسه كانت أهم تلك الرسائل ما يتعلق بالأمن الوطني الأردني والجهود التي يبذلها الأردن على مدى عقود في حماية حدوده من الإرهاب والمخدرات ومن تبعات الهجرات القسرية التي تعرض لها بشر بسبب الأزمات التي لحقت ببلادهم.
وقال رئيس لجنة الإعلام والتوجيه الوطني في مجلس الأعيان العين محمد المومني، إن خطاب جلالة الملك في الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها 78، كان غاية في الأهمية.
ولفت إلى أن من أهم ما تحدث به جلالته قوله: إن الأردن بدأ باستخدام أدواته السياسية والدبلوماسية بأسلوب خطوة مقابل خطوة مع سوريا إلى حين استقرار الأوضاع في الجانب السوري وعودة الأمن والاستقرار، مؤكداً أن الأردن مستمر بالدفاع عن حدوده.
وأشار إلى أن كلام جلالته يعد رسالة للعالم تتمحور بأن الأردن تبنى سياسة الانفتاح السياسي، لكنه لن يسمح بالمساس بأمنه وسيدافع عن حدوده بكل أدواته المتاحة.
وحول موضوع اللاجئين، قال المومني إن جلالة الملك تحدث بأرقام مهمة حيث إن ثلث عدد السكان في الأردن البالغ 11 مليونا هو من اللاجئين، لذلك فالأردن هو من أكبر الدول في العالم من حيث عدد اللاجئين، لا سيما وأن هنالك 1.4 مليون لاجئ في الأردن في ظل تراجع الدعم المالي الدولي للاجئين سيجبرهم بالبحث عن العمل لأبنائهم بدلًا من إرسالهم للتعليم.
وأشار المومني إلى حديث جلالة الملك عن عودة طوعية للاجئين السوريين وضرورة وجود إسناد دولي لجهود الدول المستضيفة للاجئين.
وبين أن حديث جلالة الملك قوي ومليء بمنظومة القيم الدولية تجاه الشعب الفلسطيني، لاسيما وأنه تحدث عن غياب العدالة إذ إن من حق الشعب الإسرائيلي أن يعبر عن هويته الوطنية في حين يحرم الشعب الفلسطيني في التعبير عن هوية الوطنية، لافتا إلى أن كلام جلالة الملك في هذا الخصوص قوي ومقنع للمجتمع الدولي.
وقال إن جلالته تحدث عن انعدام حرية التنقل والحق في الحياة الآمنة للشعب الفلسطيني، وأن هناك 5 ملايين فلسطيني ما زالوا تحت الاحتلال، لافتًا إلى أن ذلك كلاما قويا وعميقا يفهمه العالم ويستطيع التعامل معه.
وعلق المومني على حديث جلالته فيما يتعلق بالممارسات الإسرائيلية وانعكاساتها على زعزعة الثقة بالعدالة العالمية، مؤكدًا أن تجاهل القرارات الشرعية الدولية منذ سبعة عقود ونصف أدخل حالة من انعدام العدالة في حق الفلسطينيين وسكان الشرق الأوسط وهذا أمر خطير على الأمن والسلم الدوليين.
وقال إن جلالة الملك أكد أن الأردن متمسك بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وأنه ماض في دوره لتكون القدس والمقدسات في أمان وأن تكون القدس مدينة للوئام والسلام، معتبرا أن الأردن يقوم بهذا الدور بكل شرف ومن شأنه أن يجعلنا جميعا في موقع أن القدس هي مدينة السلام وليست للتناحر والاقتتال.
وقال إن حماية الشباب الفلسطيني من التطرف أمر في غاية الأهمية التي يراها جلالة الملك في ظل وقف التعليم في العديد من مدارس الأونروا ، مبينا أن جلالته حذر من فقدان الشباب الفلسطيني للأمل والتعليم ما يجعله عرضة للتطرف والتشتت، وفقدانه الثقة بالعدالة الدولية.
كما أكد جلالته على أهمية العدالة الدولية وضرورة تكاتف الإنسانية العالمية في ظل تعرض نحو 350 مليون إنسان في العالم من انعدام الأمن الغذائي ما يرتب أعباء كبيرة على المجتمع الدولي…فهم بشر مثلنا وإخوة لما ويجب علينا مساعدتهم والوقوف إلى جانبهم.
وقال العين محمد داودية لـ (بترا)، إنَّ جلالة الملك عبد الله الثاني حمل إلى أمم العالم، ليس هموم الأردن والقضية الفلسطينية والإقليم فحسب، بل هموم بني البشر المتصلة باللاجئين والبيئة والجوع والغذاء والظلم والحاجات، بالحقائق والأرقام .
وأضاف جلالة الملك في خطابه، أن الجيش والشعب من خلف جلالته وسيحمي حدودنا من الإرهاب والتهريب والمخدرات، وهذا يعني أنَّ الأمن الوطني الأردني يوليه الملك أقصى درجات العناية والاهتمام، وهو مسألة مقدسة لا يمكن التهاون في أي تفصيلة فيه.
وأضاف أنَّ الملك ركز في كلمته الشاملة وحظيت باهتمام إعلامي واسع، على مسألة اللاجئين السوريين، الذين تقع على بلادنا أعباء استضافتهم الهائلة، وأن لا حل لمشكلتهم إلا على أرض وطنهم وفي ديارهم، مناشداً ضمير العالم وقادته أن يتولوا مسؤوليتهم الأخلاقية والإنسانية بلا إبطاء.
وبين أنه وكما هو نهجه دائما، فقد حمل جلالة الملك القضية الفلسطينية إلى ذلك المحفل الهائل مدافعا عن حقوق شعب فلسطين العربي وعن أجياله الشابة المتابعة، إلى الكرامة التي تمارس حقها الإنساني الطبيعي المشروع في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، سعيا إلى الاستقلال والحرية والكرامة.
وأكد أن الملك سيظل بما له من مكانة محترمة فريدة بين شعوب العالم وقادته، من أبرز الأصوات وأكثرها مصداقية وحرقة على السلام العادل في الإقليم وحماية المدينة المقدسة مما يطالها من الانتهاكات الإسرائيلية المتصلة التي تنذر بأسوأ العواقب على الإقليم والعالم وعلى إسرائيل ذاتها، التي تتفاقم انتهاكاتها وتحدياتها للشرعية الدولية.
وقال إن حديث جلالة الملك الحار الصريح ومكاشفته الصادقة، تشكل منهاج عمل وخطة تحرك دولية وأوروبية وإسلامية وعربية تسهم في حماية السلام العالمي والسلام الإقليمي والاستقرار الذي هو العنصر الأهم في ضمان مستقبل خال من العنف والتطرف والعدوان والظلم والكراهية.
وبين عميد كلية الأمير الحسين بن عبد الله الثاني للعلوم السياسية والدراسات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني، أن حديث جلالة الملك في الأمم المتحدة لامس المصالح الوطنية الاستراتيجية الأردنية وكثيرا من القضايا الدولية والإقليمية التي هي أيضا هم الأردن كلاعب إقليمي ودولي نشط فعال،مضيفا” لكن إذا ما ركزنا على القضايا الملحة والأولويات بالنسبة للأردن نجد أنه لطالما كانت القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في تأسيس دولته المستقلة والوصاية الهاشمية الأردنية على المقدسات الإسلامية والمسيحية على رأس هذه الأولويات.
وأكد أن الأزمة السورية ومنذ تفجرها أنتجت تحديات كبيرة منها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وفي هذا السياق تحدث جلالة الملك عن أكثر القضايا إلحاحا بالنسبة للأردن في السياق الاجتماعي والاقتصادي والإنساني ألا وهي قضية اللاجئين السوريين والتي تشكل ضغطا هائلة على الأردن الذي احتضن الملايين منهم في سياق دوره الإنساني والعربي.
ولفت إلى أن القضية الأكثر إلحاحا كانت الأمن الوطني الأردني حيث إن هناك تهديدات أمنية للأردن تمثلت في إرهاب الجماعات المتشددة والمتطرفة، وقضايا المخدرات والأسلحة وتعاطى الأردن بفاعلية مع هذه التهديدات وصلت حد الاشتباك.
وبين أنَّ الأردن ومنذ شهور انخرط في سياق سياسي ودبلوماسي مع الأشقاء العرب، من أجل إيجاد عملية سياسية يكون للعرب دور رئيسي فيها لحل المسائلة السورية، وهذا الجهد الدبلوماسي العربي والأردني يرتكز على المبادرة الأردنية للتعاطي مع هذه القضية، لذلك نجد أن جلالة الملك في خطابه أبرز القضية أمام الجمعية العامة، مؤكدا جلالته أن الأمن الأردني هو خط أحمر لا يقبل المساومة وأن الأردن سيدافع عن أمنه الوطني.
وقال النائب الأسبق الدكتور هايل ودعان الدعجة، إن جلالة الملك عبدالله الثاني، سلط الضوء على عدد من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية خاصة التي تتعلق بملف اللاجئين السوريين الذي بات يشكل تحديا واضحا للدول كافة.
وبين الدعجة، أن جلالته تطرق لاستضافة الأردن لأكثر من مليون و400 لاجيء سوري، مما شكل تحديا كبيرا أمام إمكانيات وقدرات الأردن وضغطا يصعب تجاوزه في ظل الموارد المحدودة في عدد من القطاعات كالمياه والصحة والتعليم والطاقة وغيرها خاصة وأن التمويل الدولي بدأ بالتراجع.
وأشار إلى أن جلالته أكد على ضرورة أن يضطلع المجتمع الدولي بمسؤولياته حيال تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لحل الأزمة السورية حلا سياسيا لإنهاء الأزمة وعودة اللاجئين إلى بلدهم سوريا لأن مستقبلهم فيها وليس في الدول المستضيفة.
ونوه إلى أنَّه فيما يتعلق بموقف الأردن الواضح والحازم في الحماية والدفاع عن حدوده وأمنه من التهديدات التي تمس أمن الوطن والتي تتمثل بتهريب الأسلحة والمخدرات والمتفجرات بالطائرات المسيرة من سوريا إلى الأردن، أوضح جلالته أن الأردن عمل وبشكل حازم وجدي على بذل الجهود المطلوبة كافة لحفظ أمن حدوده ومواطنيه.
وأكد أن الأردن لن يتهاون نهائيا في الدفاع عن أمنه وإن تطلب الأمر اتخاذ إجراءات صارمة في سبيل ذلك حتى وإن لجأ إلى الحل العسكري لوقف عمليات التهريب عبر حدوده.
بدوره، أكد السفير الأردني الأسبق زياد المجالي، أنَّ جلالة الملك ركز في بداية خطابه خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها 78، على الأمن الغذائي وربطه مباشرة بقضية اللاجئين السوريين وتحقيق العيش الكريم لهم.
ولفت إلى أنَّه وخلال 12 سنة الأردن قام بدوره حيث فتح ذراعيه أمام الأشقاء السوريين، ولكن للأسف المؤسسات الدولية لم تفِ بما ترتب عليها من المخصصات المطلوبة للإنفاق على اللاجئين، وهو الأمر الذي تكبده الأردن نيابة عن المجتمع الدولي.
وأضاف الأزمة رتبت على الأردن مسؤولية أمنية حيث إن التطرف ما زال موجودا والجماعات الإرهابية تشكل خطرا “الإرهاب المباشر” أو من خلال المخدرات وأصبحت المسؤولية كبيرة جدا ولابد المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته بالتعامل مع ذلك.
وبين أن جلالته أشار إلى قضية الأونروا وهي مهمة جدا، لأن الأردن محطة رئيسية من محطات عمل الوكالة وأي قصور سيؤدي إلى أن تصبح الأجيال الفلسطينية في مجتمعات اللاجئين فريسة لتجنيدهم من قبل الإرهابيين.
وبين أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان، أن خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني في الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 78، يأتي دليلاً على عالمية الخطاب الهاشمي ومحوريته في بناء أي استراتيجية دولية لمواجهة التحديات الأبرز في عصرنا الحديث وهي القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين والأمن الغذائي والتغير المناخي والتي كما قال جلالته : “إن العالم لا يملك رفاهية التهرب من مسؤوليته في مواجهتها حتى لا يترك جيلاً ضائعاً”.
وأضاف أن المدقق في خطاب جلالته يرصد التركيز على الترابط الوثيق بين نظرية الأمن العالمي والأمن الوطني، وهذا التشخيص الدبلوماسي الدقيق للواقع العالمي يأتي في سياق مناداة جلالته بالعلاج اللازم والوحيد وهو إعادة بناء الثقة والتضامن العالمي انطلاقا من الشرعية الدولية وقراراتها المجمع عليها.
ولفت إلى أنَّ القضية الفلسطينية ركيزة أساسية في الموقف الأردني ودائمة الحضور في الخطاب والرسالة العالمية الموجهة باستمرار من القيادة الهاشمية للعالم في جميع المحافل، فقد حظيت بتركيز واضح من جلالة الملك في خطابه التاريخي الذي نبه فيه قادة العالم إلى أن تأخر السلام والعدل أشعل دوامة من العنف في المنطقة.
وأكد أن الثقة بالأمم المتحدة مقترنة بضرورة إلزام إسرائيل بالتوقف فورا عن الاستيطان وتدمير البيوت والاعتداء على المقدسات في القدس، باعتبارها بؤرة القلق والاهتمام الدولي، فحقوق اللاجئين ومستقبل الشباب الفلسطيني وحل الدولتين بما في ذلك إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس هي أساس السلام.
ولفت إلى أن الخطاب الهاشمي التاريخي على عهده وثوابته في الدفاع عن الحق التاريخي الفلسطيني، وستبقى الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الدرع الذي يحافظ على الهوية الحضارية العربية في القدس وفلسطين خاصة في إطار مسلسل التهويد الشرس الذي تمارسه حكومة الاحتلال الإسرائيلي، والتي تزداد وتيرتها هذه الأيام مع بداية موسم الأعياد اليهودية.
وأكد أن الثقة العالمية بحكمة الخطاب الهاشمي ومشروعية وعالمية منطلقاته ومضامينه جعلت منه نداء عالمي يستحق الإنصات والتقدير، فهو خطاب حقوق وسلام وأمن عالمي، وسيبقى الأردن شعبا وقيادة هاشمية الداعم والسند للأهل في فلسطين والقدس مهما بلغت التضحيات وكان الثمن .
ونوه رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب النائب خلدون حينا، إلى أن جلالة الملك كشف بطريقة ذكية وحكيمة عن مختلف الأخطار والتحديات التي تواجه المملكة، مشيراً إلى أن جلالته خاطب العالم من خلال هيئة الأمم المتحدة بلغة واضحة وصادقة.
وأكد أن جلالته شدد من على منبر الأمم المتحدة على أن الأردن سيواجه بجرأة ودون تردد المخاطر التي تهدد الأمن الوطني الأردني جرّاء الأزمة السورية، وهي إشارة قوية إلى أن الأردن سيتعامل بحزم تجاه كل هذه الأخطار.
وأعاد جلالة الملك تحميل العالم من خلال الأمم المتحدة مسؤولية اللاجئين السوريين، الذين يجب على الأسرة الدولية أن تتخذ كل القرارات والإجراءات لضمان عودتهم إلى بلدهم، لأن مستقبلهم ومستقبل أبنائهم هناك وليس في الدول المُستضيفة لهم، موضحاً أن جلالته قرع ناقوس الخطر عندما أعلن من على منصة الأمم المتحدة بأن ثُلث عدد سكان الأردن من اللاجئين.
وأكد أن جلالة الملك حذّر دول العالم بأن ضبابية مستقبل الفلسطينيين قد تصبح سوداء، وهو تعبير عن أن عدم تدخل الدول الكبرى المؤثرة في العالم من تمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم على أرضهم وعاصمتها القدس، ستقود المنطقة إلى وضع حتمي خطير.
وقال حينا إن جلالته أعاد التأكيد بأن الأردن لن يسمح بتهديد هوية القدس، مؤكداً جلالته بأن الأردن سيواصل التزامه بالمحافظة على هوية القدس بموجب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة.
من جهته بيّن الكاتب الصحفي حسين الرواشدة، أن ما قاله جلالة الملك في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يمثل ضمير كل أردني وعربي ومسلم فقضايا اللاجئين والأمن والغذاء مشتركات إنسانية تهم الإنسان في هذا العالم حيثما كان.
وقال إن جلالة الملك خاطب قادة العالم والمسؤولين فيه بصراحة ليدق ناقوس الخطر من المأساة التي يعاني منها اللاجئون محذرا من التوقف عن إيجاد حلول سياسية واقتصادية لإنهاء أزمتهم.
وأضاف أنه وكما قال جلالته، فإن الأردن يتحمل مسؤوليته بالنيابة عن العالم في استقبال اللاجئين، لا سيما وأن ثلث سكانه من اللاجئين لكنه لا يستطيع أن يستمر بهذا الدور إذا ما تخلى العالم عن دعمه.
وأكد أنَّ الدولة الأردنية تنهض بدور كبير لمواجهة أخطار المخدرات والإرهاب التي تتسلل إلينا وإلى دول الجوار من مناطق الصراع المحيطة بنا فالأردن لديه من العزم والقوة والإرادة على الصمود والتصدي لكل تهديد مهما كان مصدره، خاصة في ضوء التطورات المتسارعة التي يشهدها الإقليم لا سيما في ظل تصاعد الأزمة في سوريا.
وقال النائب خير أبو صعيلك، إن خطاب الأردن ممثلا بخطاب رأس الدولة جلالة الملك عبدالله الثاني كان الأكثر صراحة ووضوحا والمحتكم إلى العقل في طرح قضايا وأزمات المنطقة.
وأضاف أن جلالته وضع النقاط على الحروف فيما يدور في الإقليم خاصة التطورات في القضية الفلسطينية، وهو يؤطر لتكاتف الجهود الدولية لحل القضية وأهمية التوصل إلى حل سياسي، بالإضافة إلى التأكيد على الوصاية الهاشمية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من العقيدة السياسية الأردنية.
وأكد أن الحديث الملكي كان بشكل صريح وواضح فيما يتعلق بتقصير المجتمع الدولي تجاه مسألة اللاجئين السوريين، ووضع الأردن في تبعات هذه الملف، حيث أسهم الأردن في تأمين حياتهم واحتياجاتهم على حساب الأردنيين من خلال مشاركتهم في قطاعات الصحة والتعليم وغيرها من القطاعات الأخرى، حيث يعيش على الأرض الأردنية 230 ألف شاب سوري ولدوا على الأراضي الأردنية ولم يروا بلادهم وقدمت لهم كل وسائل الاهتمام والرعاية.
وأضاف أن الحديث الملكي تجاه الاضطرابات التي تحدث في سوريا كان واضحاً، وأن الدولة على أتم الاستعداد لحماية أمنها من أي اضطرابات تحدث على الساحة السورية، مشيراً إلى الدور الكبير الذي قدمه الأردن لمساعدة الشعب السوري.
وبينت الأكاديمية والباحثة في الشؤون القانونية والسياسية دانييلا القرعان، أنَّ المصلحة الأولى هي حماية الأمن الوطني للأردن وحماية حدوده حتى يكون قادرا على تحمل تبعات اللجوء ، وحتى ينعم أبناء الأردن بالأمن والأمان .
وأشارت إلى أن قضية اللاجئين السورين كانت المرتكز الذي تحدث من خلاله جلالته وخاطب المجتمع الدولي على اعتبارها قضية تمس الجميع وليس فقط الأردن بحكم الجوار والموقع الجغرافي، وأن مستقبل اللاجئين السورين يكون في بلدهم وليس في البلدان المستضيفة، لكن علينا أن نفعل الصواب ونقف إلى جانبهم حتى عودتهم إلى ديارهم.
وقالت ” إن الأردن كان وما زال يواصل التزامه الحقيقي بالمحافظة على هوية المدينة المقدسة، من خلال الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية والتي يرفض أي مساس بقدسيتها .
وفي السياق، قال أمين عام حزب النهج الجديد الدكتور فوزان البقور، إن جلالة الملك ركز على القضايا المتعلقة باللاجئين السوريين في الأردن وضغط الموارد المحدودة، والتي من المهم العمل على تعزيز التعاون الدولي والتفاهم المشترك للتصدي لهذه التحديات، والتغلب على زيادة العبء على الأردن.
وأضاف أنه يمكن النظر في البحث عن مصادر تمويل إضافية وتعزيز التعاون مع المنظمات الدولية والمجتمع الدولي لدعم اللاجئين وتحسين البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية مثل الماء والغذاء، وكذلك تعزيز الجهود المبذولة للتوعية والتنمية المستدامة لضمان استدامة الأمن الغذائي والعدالة الاجتماعية للجميع في المجتمع.
وأشار جلالته إلى أن الأردنيين يحرصون على مساعدة المحتاجين والعمل على توفير حياة كريمة للاجئين، وأن الأردن يعتبر وجهة للعديد من اللاجئين، بما في ذلك الفلسطينيون والسوريون، وقد استضاف الأردن مئات الآلاف من اللاجئين على مر السنين.
ولفت إلى أن الملك طالب بإعادة تسليط الضوء على قضية اللاجئين السوريين ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته التي بدأ ينسحب منها من خلال إغلاق غالبية المنظمات الدولية أبوابها بالأردن نتيجة لنقص التمويل، مما شكل عبئا كبيرا على ميزانية الدولة.
وأضاف البقور أن التزام الأردن بإيواء ومساعدة اللاجئين يعكس القيم الإنسانية والتراث الثقافي للأردن، وهو جزء من جهوده لتعزيز السلم والاستقرار في المنطقة.
وأكد أن الملك تطرق في خطابه إلى أن الأردن يعتبر حاميًا للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس بموجب الوصاية الهاشمية التي نصت عليها الاتفاقيات بين الأردن وإسرائيل، وأنه يتولى الحفاظ على الأماكن المقدسة في القدس وضمان الوصول الحر والكرامة، لجميع الأديان، هذا الدور الهاشمي تجلى في جهود الأردن في حماية المسجد الأقصى والكنيسة القديسة القبرصية والمواقع الدينية الأخرى في المدينة المقدسة.
وبين أن الأردن يهدف إلى المساهمة في المحافظة على التراث الثقافي والديني في القدس، في إطار الجهود الدولية للتعايش السلمي وحقوق الإنسان.
من جهته قال أمين عام حزب العدالة والإصلاح غازي عليان، إن جلالة الملك خاطب الضمير الحي في هذا العالم في قضايا كانت وما زالت مصيرية، لا سيما ما يتعلق بقضايا اللاجئين والأمن والغذائي والتغير المناخي ، وعلى رأسها القضية والحقوق الفلسطينية.
وأكد ان جلالة الملك ذكَّر العالم بما قام به الأردن تجاه اللاجئين وما قدمه من أنموذج في الاهتمام بهم وحمايتهم وتوفير احتياجاتهم من الغذاء والدواء والتعليم ومتطلبات الحياة الكريمة، انطلاقا من رسالته الإسلامية والعروبية ودوره التاريخي.
وبين أن جلالة الملك أشار في خطابه إلى حالة العجز التي يعاني منها العالم في توفير كل ما تستحقه الشعوب المستضعفة، ومنها الشعب الفلسطيني، في ظل تنكر عالمي لقضيته العادلة وحقه في أقامة دولته المستقلة.
وأكد أن القدس ما زالت تشكل بؤرة الاهتمام والقلق لدى الأردنيين والعالم العربي والإسلامي لما يمارس فيها من تهويد وطمس للمعالم العربية والإسلامية فيها بدعم من الحكومة الإسرائيلية.
وقال إن جلالة الملك وضع العالم أمام مسؤولياته الأخلاقية، في قضية اللاجئين، محذرا من ترك الشباب الفلسطيني عرضة وضحية للجهل والحرمان من التعليم ودفعهم نحو مصير مجهول.
وقال إن الأمن الوطني الأردني يشكل أولوية لجلالة الملك، الذي أكد أنه خط أحمر ولن يسمح بالمساس به والتأثير عليه حماية لأمن المنطقة والعالم.