م.ز مازن أبوقمر
مع تزايد التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه العالم اليوم يتجه الاهتمام بشكل متزايد نحو الاقتصاد الأخضر بوصفه أداة حاسمة لتحقيق التنمية المستدامة، إذ أصبح من الضروري تبني هذا النهج بجدية أكبر لتحسين حياتنا وحياة الأجيال القادمة.
إن الاقتصاد الأخضر نظام اقتصادي يهدف إلى تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، مع الاعتراف بأهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية، وتحسين رفاهية المجتمعات، وتعزيز المساواة الاجتماعية؛ حيث يعتمد الاقتصاد الأخضر على مبدأ أن التنمية الاقتصادية لا ينبغي أن تكون على حساب البيئة، بل يجب أن تتكامل معها لتحقيق الاستدامة.
ومن هنا، فلا بد من إدراك أن إمكانية جني فوائد كبيرة من خلال تبني ممارسات الاقتصاد الأخضر في العديد من المشاريع الزراعية قد توصلنا إلى مراحل فاعلة وواقعية في تحسين كفاءة استخدام المياه، وتقليل الاعتماد على الأسمدة الكيميائية؛ من خلال استخدام التقنيات الحديثة والزراعة العضوية، وستؤدي هذه الإجراءات، بطبيعة الحال، إلى زيادة الإنتاجية، والمساهمة في تحسين التربة، وحفظ الموارد الطبيعية والمائية، وحماية البيئة.
وعلينا أن ندرك أنه يمكننا تحسين كفاءة استخدام المياه، وتقليل الاعتماد على الأسمدة الكيميائية من خلال استخدام التقنيات الحديثة والزراعة العضوية التي تنضوي تحت مظلة الاقتصاد الأخضر، وما يتضمنه من معطياتٍ فاعلة من أجل الاستدامة الفاعلة.
ومثلما أن هذه الإجراءات ستؤدي، مثلما ذكرنا، إلى زيادة الإنتاجية والمساهمة في تحسين خصوبة التربة وحفظ الموارد الطبيعية والمائية وحماية البيئة، فإن أهميتها تتجلى في إبراز دور الاقتصاد الأخضر الحيوي في تحقيق الأمن الغذائي من خلال تحسين ممارسات الزراعة المستدامة وضمان إنتاج غذاء كافٍ وآمن للأجيال القادمة. يتطلب هذا تبني تقنيات زراعية مبتكرة مثل الزراعة العمودية، الزراعة المائية، واستخدام الطاقة المتجددة في العمليات الزراعية، حيث لا تزيد هذه التقنيات فقط من كفاءة الإنتاج، بل تقلل أيضًا من البصمة الكربونية للقطاع الزراعي، وهو أمرٌ غايةٌ في الأهمية على المستوى الزراعي، والمستوى البيئي المُناخي، والمستوى الاقتصادي، بالضرورة.
ومن الجدير بالذكر أن الاقتصاد الأخضر لا يقتصر على القطاع الزراعي فقط، بل يمتد ليشمل جميع قطاعات الاقتصاد: من الصناعة، إلى الخدمات، وغيرها من القطاعات الفاعلة داخل المنظومة الوطنية. وهناك حاجة ماسة لتبني سياسات وتشريعات تدعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر، مما يجعل الحكومات والشركات والمجتمعات أمام مواجهة مباشرة أمام هذه التحديات من أجل التعاون لتطوير حلول مبتكرة ومستدامة للمشاكل البيئية والاقتصادية التي نواجهها.
بالإضافة إلى ذلك، فإنه يجب ألّا ننكرَ دورَ الإعلام وأهميته في تعزيز الاقتصاد الأخضر الذي لا يقل أهمية عن دور السياسات والتشريعات، حيث يعملُ على نشر المعرفة وزيادة الوعي حول فوائد الاقتصاد الأخضر. ومن هنا، فإنه ينبغي تفعيل الوسائل الإعلامية المختلفة لنشر محتوى علمي قائم على الحقائق والممارسات الفضلى لتوعية المجتمعات بأهمية الاقتصاد الأخضر والاستدامة، بما فيه من رفعة وطنية شمولية تحقق الرؤية الملكية في الارتقاء نحو أردن أفضل.
إن التحول نحو الاقتصاد الأخضر ليس مجرد خيار من باب الترف بل هو ضرورة ملحة لضمان مستقبل مستدام وعلينا جميعًا كأفراد ومجتمعات ومؤسسات مجتمع مدني وقطاع عام وخاص أن نعمل معًا لتحقيق هذا الهدف من خلال تبني ممارسات اقتصادية مستدامة ويمكننا معا بناء مستقبل أفضل لنا وللأجيال القادمة.
قد يكون الطريق نحو الاقتصاد الأخضر طويلًا وصعبًا لكنه بالتأكيد يستحق الجهد والعمل الجماعي ان الاقتصاد الأخضر طريقنا نحو مستقبل مستدام.
المهندس الزراعي مازن إبراهيم أبو قمر
باحث في الاقتصاد الأخضر والأمن الغذائي