خلال الأمسية التي دعا اليها د.أسعد عبد الرحمن، (رئيس”منتدى العصرية الثقافي”)، مساء الأربعاء تحت عنوان: “قطاع غزة بين الدمار والصمود”، عرض الدكتور فوزي الحموري لوحة متكاملة للمشهد الصحي في قطاع غزة، بما فيه من معاناة وتحديات وتحولات وتناقضات في ظل المشهد العربي والفلسطيني والاسلامي والدولي.
في هذه الأمسية التي حملت من الاقبال والتعاطف، علاوة على الدفء والاحتراف ما يليق بقطاع غزة الجريح ، قدم الدكتور أسعد عبد الرحمن( رئيس هيئة مديري المدارس العصرية ومنتداها الثقافي) “قدم صديقه العزيز، الطبيب والإنسان، الأستاذ الدكتور فوزي الحموري، الرئيس التنفيذي لمبادرة “صحة غزة” ومدير عام المستشفى التخصصي في الأردن” منوها بتاريخه العلمي والطبي، واصفاً ضيف الأمسية بـ “القامة الطبية المتميزة”، وبـ “الذكي أكاديميًا واجتماعيًا”، وهو ما أهّله (وزملائه المعطائين) للقيام بدور إنساني محوري في التخفيف من معاناة الأهل في قطاع غزة وعموم فلسطين، لا سيما في المجال الصحي، وسط مختلف صنوف الإبادة الجماعية. “كما أشاد د. أسعد بقيادة الدكتور الحموري الإنسانية ورؤيته الواضحة، مؤكدًا أنه أحد الأعمدة الرئيسية في تنسيق الدعم الطبي والإنساني، ليس فقط داخل الأردن، بل على امتداد مساحات من الخارطة العربية والدولية”.
وكما اوضحته المحاضرة: ساهم الحموري (مع زملائه العديدين في “مبادرة صحة غزة”) في تحفيز المبادرات الصحية الموجهة للقطاع، وشارك بفاعلية في وضع خطة استجابة شاملة للأزمة الصحية هناك، وبرهن من خلال عمله أن التنسيق المتقن والمبني على رؤية إنسانية؛ يمكنه أن يُحدث فارقًا جوهريًا في زمن الأزمات، بعد أن نسج شبكة تعاون شملت الحكومة الأردنية، النقابات المهنية، والمنظمات غير الحكومية، كما امتد تأثيره لتنسيق الجهود مع منظمات ودول إقليمية ودولية، ما مكّنه من توفير الأدوية والمستلزمات، وتعزيز صمود النظام الصحي في قطاع غزة.
وفي السياق،أوضح الحموري في محاضرته أن ما يشهده قطاع غزة من قتل وتشريد وحرمان من أبسط حقوق الإنسان من غذاء وماء ومأوى ورعاية صحية..إلخ..، إنما يجري على مرأى ومسمع من العالم بأسره، في ظل تقاعس دولي مقلق، ما يدعو لمزيد من التحرك الفعّال والضغط من أجل وقف العدوان وتقديم العون للأهل هناك. ومن الامثلة البارزة على هذا العون ماتم تحقيقه من خلال مبادرة “صحة غزة”، التي أُطلقت في شباط/ فبراير 2024 خلال المؤتمر الدولي الأول لإعادة بناء القطاع الصحي في قطاع غزة، حيث تمكّن الدكتور الحموري وصحبه من تجسيد رؤية استراتيجية ملموسة. المبادرة، التي تضم اليوم أكثر من 50 منظمة دولية كشركاء، أصبحت مركزًا عالميًا لتنسيق وتيسير ودعم الجهود الإنسانية والصحية.
لقد أوفدت المبادرة (من خلال أعمال التنسيق والتشبيك بين المنظمات العربية والدولية) أكثر من 25 بعثة طبية إلى قطاع غزة، حملت معها الأمل والمساعدة، وأعادت إحياء خدمات أساسية في مجالات القسطرة، الأعصاب، جراحة العظام، وغسيل الكلى، وساهمت في تقديم الراحة لمقدمي الرعاية المنهكين. كما أُطلقت مبادرات لدعم الأيتام، وتغذية الأطفال، وتوفير صيغ جديدة للتعليم الطبي لطلبة الطب في قطاع غزة، وتأمين الرسوم الدراسية لأكثر من 500 طالب يدرسون في مصر والأردن، بالإضافة إلى برامج تدريب لما بعد التخرج.
غير ان الدكتور الحموري أوضح إلى أن هذه المبادرات، رغم أهميتها، تظل قصيرة الأمد ما لم يتحقق وقف فوري لإطلاق النار، مؤكدًا أن إعادة بناء القطاع الصحي تتطلب خططا وجهودًا طويلة الأمد، واستراتيجيات مدروسة يشارك فيها المجتمع الدولي، مؤكدا أن الجاهزية على هذا الصعيد شبه مكتملة.
وفي ختام الأمسية، أكد الدكتور أسعد عبد الرحمن أن هذه المحاضرة تمثّل فعلًا إيجابيًا في مواجهة الظلام، مشيرًا إلى أن الوقت قد حان لإشعال الشموع بدلًا من لعن الظلام واللطم وتمزيق الاثواب. كما شدّد على الدور الريادي لمؤسسات المجتمع المدني في الاردن، في تقديم حلول مستدامة ومبادرات إنسانية ملموسة، طبعاً اضافة الى الجهود الرسمية المهمة على هذا الصعيد.
هذا، وشهدت المحاضرة حضورًا نوعيًا كبيرًا، وتفاعلًا لافتًا من نخبة المثقفين والمهتمين، واختتم اللقاء بقيام د. أسعد( والجمهور المتحمس) بتكريم الدكتور الحموري بتقديم شهادة تقدير باسم “منتدى العصرية الثقافي”، تقديرًا لجهوده النبيلة وعطائه المتواصل هو وزملائه من اطباء وغيرهم من العاملين في شبكة منظمات ومؤسسات في مبادرة”صحة غزة”.