قضية البليط تدق ناقوس الخطر والمطلوب ..
سيولة العلاقة بين رجال المال والسياسة والامن حديثة لكنها قوية
الفساد استشرى والقرار الاداري خاضع لاصحاب النفوذ والمال
تحت حجج دعم الاستثمار تراجعت هيبة الدولة

مرايا – ذات فترة سيولة في العلاقات بين المسؤولين ورجال الاعمال لم تعهدها السلطة الاردنية من قبل ، تلقى مسؤول رفيع ملاحظة من اعلامي يشكو فيها وجود خمسة مسؤولين على رأس مناصبهم يجلسون في مكتب “رجال اعمال ” يتبادلون فيه الاحاديث الحساسة وبدا خلال الجلسة ان العلاقة بين المسؤولين ورجل الاعمال تجاوزت الحدود المألوفة والمعروفة .
يومها لم يلتفت أحد الى تلك الشكوى , لتزداد السيولة في العلاقة حد ان رجل اعمال آخر احتوى مكتبه على موظفين من درجة باشا وما فوقها لتبدأ رحلة العلاقة السائلة وغير المنضبطة الى ان وصلت الى تداعيات قضية باتت معروفة باسم قضية “البليط ” التي اعادت الاعتبار لضرورة مراجعة الدولة لعلاقة رجال السلطة برجال المال والاعمال.
خلال الفترة السابقة كانت السيولة في اعلى مراحلها وكاد ان يصبح مألوفا مشهد موظف رفيع يجلس في مكتب رجل اعمال كمدير للعلاقات العامة او مدير لشركة خاصة مرتبطة بنفس عمل المسؤول السابق في مخالفة صريحة وواضحة لمدونة السلوك الوظيفي التي تحظر على المسؤول الرسمي العمل في مجاله الرسمي قبل انقضاء المدة الزمنية الموصوفة في مدونة السلوك .
الاردن الذي عرف عنه انضباط ايقاعه الاداري شهد مؤخرا تراجعا اقرب الى الانهيار في منظومته الادارية , منذ ان قبل المسؤولون الكبار من طبقة رئيس وزراء فأدنى العمل لدى رجال الاعمال الذين استثمروا في الوظيفة السابقة للمسؤول اكثر من استثمارهم المالي والاقتصادي , لتظهر بعد ذلك احاديث الفساد والافساد بصورة اقلقت كل اركان الدولة , ووجد الخيال الشعبي مجاله الحيوي ليرسم الان القصص والحكايا عن الفساد الذي وصل الى ارقام فلكية لم تقدم السلطة اجابة واحدة شافية للشارع الاردني .
قصة البليط او قضيته بصرف النظر عن منسوب الصدقية فيها ,تكشف مدى المسافة المقطوعة في العلاقة “الحرام ” بين السلطة والمال وقبلها لم لا يذكر كانت قضية مشابهة قد اثارت الرأي العام ابطالها من اعضاء السلطة القضائية مما يعني ان العلاقة باتت تعبث بأعصاب الدولة الحساسة ولا يفيد الانكار او الصمت في معالجتها بعد ان دخلت فيروسات المال الى كل مفاصل السلطة وبات بمقدور رجال الاعمال فرض ايقاعهم على مصادر القرار .
مشهد دخول رجال المال الى مواقع السلطة والعودة الى مواقعهم في القطاع الخاص صار سلوكا دائما وسمعنا عن قوانين كثيرة تم تفعيلها او تعديلها لخدمة اصحاب المال والاعمال الذين نجحوا في السطو على مقاعد البرلمان ايضا , فأحكموا قبضتهم على مفاصل التشريع والتنفيذ , وظهر المال قوة ضاربة في الانتخابات البرلمانية وبات يشكو منها كل رجال السلطة , كما اكد الرجل الثاني السابق في حكومة الملقي الدكتور ممدوح العبادي وكما اعترف البرلماني العتيق عبد الكريم الدغمي الذي اكد بأن المال بات يحسم مقاعد رئاسة السلطة التشريعية .
قضية “البليط ” وتداعياتها تحت القبة وفي ساحات القضاء ستكشف الكثير عن حجم هذه العلاقة وعن مدى تغول المال والنفوذ على المواطن الاردني , فالقصة كما يرويها بطلها “البليط” تتحدث عن خصومة بين صاحب نفوذ كان محروما من دخول الاردن لفترة طويلة تم توظيف نائب لاثارتها تحت القبة للضغط على ” البليط ” لسحب شكواه ضد المتنفذ الذي اغلق مدخل بيت البليط بكوخ الحراسة .
الرواية رغم ما يشوبها من ركاكة كما ظهر في البيان الصادر عن صاحبها لم تقابلها رواية مضادة من النائب حتى اللحظة لكن الواضح ان حجم العلاقة بين المال والسلطة دخل الى مفاصل السلطة وبات يتحكم بكثير من زوايا القرار مما يتطلب دق ناقوس الخطر واعلان الحرب على العلاقة الحرام بين المال والسلطة . الانباط – قصي أدهم