مرايا – يتساءل مراسل صحيفة “إندبندنت” روبرت فيسك، استنادا إلى ما يجري حاليا حول كوريا الشمالية، بشأن ما إذا كانت أمريكا ستغزو العراق عام 2003 لو كان دونالد ترامب رئيسا للبلاد حينذاك.

وأشار فيسك في تقرير نشرته الصحيفة البريطانية، بمناسبة الذكرى الـ15 لغزو العراق، إلى أن هذه العملية كانت دون أدنى شك جريمة حرب تركت الشعب العراقي المزدهر وسط الأنقاض، وسجلت رقما قياسيا من حيث عدد الأكاذيب حولها.

وأعرب الصحفي عن اقتناعه بأن شخصية مثل دونالد ترامب كان بإمكانها منع وقوع هذه الكارثة، حيث قال: “نظرا لقدرته الاستثنائية على التضليل والجنون المحض كان ترامب سيتماشى مع صدام. وكان بإمكان صدام وحده، مع طموحاته النووية والغازية وتركيزه على مصالحه الذاتية، جذب اهتمام ترامب”.

ورجح فيسك أن “السيوف المتقاطعة في بغداد، والرسوم الجدارية الضخمة في القصور الرئاسية مع الصواريخ الموجهة إلى السماء، والعروض العسكرية، وأفراد العائلة المقتولين كانت ستسترعي فعلا اهتمام المجنون الحالي من البيت الأبيض”.

وذكر فيسك أن الوضع حول العراق قبيل التدخل الأمريكي كان يشابه في كثير من نواحيه ما هو عليه اليوم حول كوريا الشمالية، قائلا إن زعيم هذه البلاد كيم جونغ أون هو بمثابة صدام حسين بالنسبة لترامب.

وأشار الصحفي البريطاني إلى التهديدات المماثلة التي وجهت من قبل الولايات المتحدة إلى صدام آنذاك وإلى كيم حاليا، وخاصة “الصدمة والرعب” و”النار والغضب”، مضيفا أن لقب “رجل الصواريخ”، كما وصف ترامب زعيم كوريا الشمالية، يمكن استخدامه أيضا بحق صدام حسين.

ونوه فيسك بأن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، رفضا الجلوس حول طاولة الحوار مع “هيتلر دجلة” وشنا حملة عسكرية مجرمة، خلافا لترامب الذي قبل دعوة كيم لإجراء لقاء شخصي.

وذكّر الصحفي بأن غزو العراق جلب تداعيات كارثية ليس إلى هذه الدولة وحدها، بل والشرق الأوسط عموما، وأسفر عن تصعيد العنف والتطرف والكراهية، وسبّب سلسلة أزمات دامية في المنطقة، فضلا عن ظهور تنظيم “داعش”.

وانتقد فيسك بشدة سياسات المجتمع الدولي تجاه الشرق الأوسط قائلا: “أنسوا العدالة والكرامة والتعليم.. لم نكن مهتمين بهذه التطلعات اليائسة والمشروعة لشعوب الشرق الأوسط”.

وتابع: “نبكي على القتلى المدنيين في حلب والغوطة، ونشيح بوجوهنا في الوقت نفسه عن ضحايا الموصل والرقة، ونعرف جميعا سبب ذلك، لكننا صنّاع الملوك، وإذا تمكنا من تدمير بلاد الرافدين العريقة، فنستطيع أيضا إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، ويمكن لـ(رئيسة الوزراء البريطانية) تيريزا ماي القول للعالم كله إن بريطانيا لا تزال تفتخر بإعلانها وعد بلفور”.

وخلص فيسك إلى أن ترامب شخصية مكتومة بالنسبة لهذه “المسرحية المخزية”، مضيفا أنه لو كانت رئاسته اللاأخلاقية في عام 2003 لقدم ربما إلى بغداد لعقد لقاء مع صدام، مما كان سيخلص الشرق الأوسط من الكارثة اللاحقة.

واختتم الصحفي البريطاني تقريره بالقول: “الحكم الواقعي على رئاسة ترامب هو أن هذا الشخص وصل إلى الحكم في وقت متأخر”.