مرايا – شؤون عالمية – يبدو أننا لسنا وحدنا من يجد أن حتمية المواجهة الإيرانية -الإسرائيلية باتت وشيكة وعلى مرمى حجر ، وبأن طبول الحرب باتت أصواتها تعلو شيئا فشيئا فالجولة في الصحف العالمية تؤشر على قرب الاشتباك وان كان لكل طرف مبراراته في خوض الحرب المفتوحة .
كتبت الصحافية الأميركية آماندا إريكسون، مقالاً في صحيفة “واشنطن بوست”، تحدّثت فيه عن الطريقة التي يؤدّي فيها قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى إندلاع حرب.
وقالت: “بعد لقائه بترامب مؤخرًا، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن توقعين، الأول هو أنّ الولايات المتحدة قد تنسحب من الإتفاق النووي مع إيران، والثاني هو أنّ هكذا قرار قد يؤدّي الى حرب، وقريبًا سيُبرهَن أنّ التوقعين صحيحان”، موضحةً أنّه “بعد ساعات فقط من إعادة ترامب فرض العقوبات على إيران الثلاثاء، تصاعد التوتّر بين إيران وإسرائيل”.
وتابعت: “في الليلة التي أعلن فيها ترامب قراره، وضعت إسرائيل قواتها بحالة “تأهّب قصوى”، مع توقّع ضربة لأهداف إيرانيّة في سوريا، وحذّر المسؤولون السكان في الجولان، عند الحدود السورية، للتهيؤ من أجل التوجّه الى الملاجئ”.
وأضافت أنّه مع حلول يوم الخميس، ازدادت الأمور سوءًا، واستهدفت إسرائيل عددًا كبيرًا من المواقع الإيرانية في سوريا. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إنّ الضربات استهدفت البنى التحتية العسكرية التابعة لإيران في سوريا.
واعتبرت الكاتبة أنّ التوتّر بين إيران وإسرائيل ليس أمرًا جديدًا ولكنّ التسارع بالأحداث العنيفة بين الطرفين هو أمر يجب التطلّع إليه، ويمكن القول إنّ ما جرى هو نتيجة قرار ترامب.
ولفتت الى أنّ هناك حرب ظلّ ما بين إيران وإسرائيل وسوريا، منذ أشهر، ولا أحد يعلم كم ستدوم، أمّا حرب الوكالة بينهما فتعود الى سنوات، ولأنّ إسرائيل لن ترضى بالوجود العسكري الإيراني الدائم في سوريا، فقد نفّذت عددًا كبيرًا من الضربات في سوريا، بهدف إبعاد إيران عن الحدود، ووقف تدفّق الأسلحة إلى “حزب الله”.
من جانبه، توقّع الخبير السياسي إيان بريمر، وهو رئيس مجموعة يوروآسيا مزيدًا من التوتّر والتصعيد العسكري. كما أوضح الخبير بالعلاقات الدوليّة جايمس دورسي أنّ الشرق الأوسط قد يشهد تسابقًا على حيازة النووي. وهنا رأت الكاتبة أنّ فكرة تسابق التسلّح لحيازة السلاح النووي، هو أمر خطير في المنطقة.
نشرت صحيفة “الغارديان” مقالاً للكاتب والمحلّل السياسي سايمون تيسدال، قال فيه إنّ إسرائيل واجهت عددًا من الأزمات منذ العام 1948، بما فيها حروب 1967 و1973، إضافةً الى الحروب مع لبنان، والمواجهة المستمرّة مع الفلسطينيين. ونقل الكاتب عن خبراء إقليميين وإسرائيليين قولهم “إنّ العاصفة تتجمّع الآن في محيط إسرائيل، وتفوق بخطورتها ما واجهته إسرائيل من قبل. فأي ناحية تنظر إليها، ستجد الإضطرابات تلوح في الأفق. وتتمثّل إحدى المشكلات الإسرائيلية بإيران. وأضاف: “من سوريا وراء مرتفعات الجولان، لبنان في الحدود الشمالية، غزة في الجنوب، والعراق في الشرق، يراقب المسؤولون الإسرائيليون الخطر الداهم مع زيادة الوجود الإيراني بالقوات ونشر العقيدة”. وكانت إيران قد تعهدت بتدمير إسرائيل، والآن تقترب أكثر منها، فالقوة العسكرية المتزايدة لقوات الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس والمجموعات الأخرى الموالية لها في سوريا، حيثُ لعبت روسيا دورًا هامًا للحفاظ على النظام السوري، يصبّ في صلب اهتمامات تل أبيب، بحسب الكاتب. وعلّق الجنرال يعقوب أميدرور، مستشار الأمن القومي السابق بحكومة بنيامين نتنياهو من العام 2011 إلى 2013، في حديث لصحيفة “وول ستريت جورنال” قائلاً: “لقد نجحت إيران بالحرب لإنقاذ الرئيس السوري بشار الأسد، والآن تغيّرت أولويات طهران وإسرائيل هي الهدف. بالنسبة لنا من المهم ردع إيران ولذلك نحن مستعدّون لخطر خيار الحرب”. من جانبه، حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان من أنّ “السماح لطهران بتعزيز الوجود العسكري في سوريا يعني القبول بوضع حبل مشنقة حول اعناقنا، وهذا لن يحدث”. وأضاف: “نحن نواجه واقعًا جديدًا يتمثّل بحزب الله والجيش السوري والمجموعات المقاتلة في سوريا، ومن فوقهم إيران، كلّهم أصبحوا جبهة واحدة ضد إسرائيل”. كما كتب الوكيل السابق لوزارة الدفاع الأميركي دوف زاخيم في مجلّة “فورين بوليسي” الأميركية مقالاً قال فيه إنّ الإسرائيليين يخشون من الوجود الإيراني والتدخّل الروسي، ولفت الى أنّ إسرائيل تواجه حربًا من ثلاث جبهات، من حزب الله الى سوريا وصولاً الى حركة حماس. وبحسب “الغارديان”، فقد وسّعت إيران نفوذها الى لبنان وسوريا والعراق واليمن وأفغانستان. في السياق عينه، قال توماس فريدمان، المحلّل في صحيفة “نيويورك تايمز، إنّ إسرائيل قد تلجأ الى ضرب البنى التحتية العسكرية الإيرانية في سوريا، التي تتضمّن الأهداف مطارات ومنشآت تديرها إيران وتقوم بتصنيع صواريخ موجّهة ودقيقة يمكنها ضرب إسرائيل، والتي تنوي إيران مدّ “حزب الله” بها. وباختصار، فإنّ الرسالة من تل أبيب الى طهران كانت واضحة، وهي “إذا جئتم إلينا فنحن جاهزون، ولو كان الأمر بالتصعيد والردّ العنيف”، وفقًا لـ”الغارديان”.
دعا وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان اليوم الجمعة الرئيس السوري بشار الاسد الى “طرد الايرانيين” من سوريا، وذلك غداة تصعيد عسكري غير مسبوق بين ايران واسرائيل في سوريا.
وقال ليبرمان في بيان اثناء زيارته للقسم الذي تحتله اسرائيل من هضبة الجولان: “استغل فرصة زيارتي اليوم للجولان، لادعو الاسد الى طرد الايرانيين، وطرد فيلق القدس من سوريا ” .
نشرت وكالة “بلومبرغ” الأميركيّة تقريرًا قالت فيه إنّ “إسرائيل ترى الحرب مع إيران تلوحُ في الأفق، فيما برميل البارود في الشرق الأوسط ينتظر شرارة الإنفجار”. ولفتت “بلومبرغ” الى أنّ الكثير من الإنقلابات والثورات والغزوات والصراعات بالوكالة حصلت في الشرق الأوسط، لكن لم تقع أي حرب مباشرة بين قوتين إقليميتين منذ العام 1980 أي منذ 38 عامًا، والآن هناك خطر من أن تندلع تلك الحرب في سوريا، بين إيران وإسرائيل.
وقالت الوكالة إنّ هناك تهديدات متبادلة بين الجانبين، ولا يبدو أنّ الضربات الأخيرة على سوريا، ستمرّ من دون ردّ إيراني.
ورأت أنّ مسار التصعيد واضح، وأكّد ذلك كلام وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الذي هدّد بضرب طهران، لافتًا الى أنّ “إسرائيل ستدمّر كل موقع عسكري إيراني يهدد إسرائيل في سوريا مهما كان الثمن”. من جانبه، قال نائب قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي “100 ألف صاروخ جاهزة للإطلاق باتجاه إسرائيل”.
وبحسب “بلومبرغ”، فإنّ إسرائيل وإيران لطالما تبادلتا التهديدات، ولكن ما هو مختلف اليوم، هو أنّ سوريا تعدّ ساحة معركة كبيرة، وهي قريبة جغرافيًا من إسرائيل. وزعم مسؤولون إسرائيليون أنّ 80 ألف مقاتل في سوريا، يتلقون الأوامر من إيران.
وقالت الوكالة إنّ مقاتلي “حزب الله” ساعدوا الرئيس السوري بشار الأسد على استعادة الأراضي، كما انتشر بعضهم على بعد كيلومترات من مرتفعات الجولان، مضيفةً أنّ إيران توعّدت بالردّ على مقتل إيرانيين بسبب الغارات الإسرائيلية في سوريا، وهناك الكثير من الخيارات المُتاحة لذلك.
وأعرب أوفير شيلاش، أحد أعضاء لجنة الدفاع والشؤون الخارجيّة في البرلمان الإسرائيلي، عن خشيته من أنّ أي حادث سيندلع في الجولان، قد يؤدّي الى إشعال الحرب، وصولاً الى البحر.
ومع تهديد ترامب بالإنسحاب الأسبوع المقبل من الإتفاق النووي مع إيران، فإنّه يزيد عنصرًا إضافيًا على ما تنشغل به المنطقة. والقوة الوحيدة التي تمتلك قنوات مفتوحة مع الطرفين الإسرائيلي والإيراني والتي يُمكن أن تلعب دور الوسيط هي روسيا. فالتدخّل العسكري الروسي في سوريا عام 2015، جعلها لاعبًا قويًا في المنطقة.
ولفتت الوكالة إلى أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى الى فرض السلام، بما يتناسب مع مكاسبه السياسية، لذلك فهو حريص على منع إندلاع أي حرب، لكنّ هذا لا يعني أنّه قادر أو يريد كبح إيران، بحسب “بلومبرغ”. من جانبه، قال بول سالم، النائب السابق لرئيس “مؤسّسة الشرق الأوسط” في واشنطن “لقد تدرّج الإيرانيون في سوريا من مساعدة الأسد إلى تأسيس وجود استراتيجي ضد إسرائيل”. أمّا الجنرال عاموس جلعاد، الذي شغل منصب مدير الشؤون العسكريّة والسياسيّة في وزارة الدفاع الإسرائيلية فقال: “لن نسمح لإيران بتأسيس مركز عسكري لها في سوريا، ومصممون على منعها من ذلك”.
حرب إسرائيل وإيران.. سيناريوهات المواجهة إن وقعت
نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، الثلاثاء، تحليلا مطولا عن سيناريوهات الحرب المحتملة بين إسرائيل وإيران حال وقوعها، في ظل تصاعد الحرب الكلامية بين الطرفين في الآونة الأخيرة.
وذكر أستاذ الدراسات السياسية والشرق الأوسط في جامعة بار إيلان، هيليل فريش، في تحليله أن احتمالات الحرب تتزايد مع تصميم إيران تحويل سوريا إلى قاعدة أمامية لعملياتها العسكرية، وتصميم إسرائيل على منعها من تحقيق ذلك.
وأشار الكاتب إلى أن الحرب بين إيران ووكلائها (ميليشيات حزب الله اللبناني) من جانب، وإسرائيل من جانب آخر، ستكون “مدمرة” للجانبين، مع أفضلية نسبية لصالح إسرائيل.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، في تصريحات من قبرص، الثلاثاء، إن “إيران تسعى لنشر أسلحة خطيرة جدا في سوريا.. لتحقيق غاية محددة، هي تدميرنا”.
وبينما تعتبر إسرائيل تحويل إيران لسوريا إلى قاعدة متقدمة للصواريخ الموجهة بدقة خطا أحمر، فإن طهران تجد في سوريا مركزا رئيسيا لعملياتها العسكرية المباشرة ضد إسرائيل، بحسب فريش.
حرب جديدة
وإذا ما اندلعت الحرب فعلا، فإنها ستغير قواعد الاشتباك التقليدية، التي فرضتها حرب عام 1973، آخر الحروب العربية مع إسرائيل، وستؤسس لبداية نوع جديد من الحروب العابرة لأكثر من دولة.
فمعظم الحروب، التي نشبت في العقود الأربعة الأخيرة كانت بين إسرائيل وجيوش نظامية، لكن الحرب مع إيران سيشارك فيها خليط من الوكلاء (ميليشيات حزب الله) والدول (إيران وسوريا).
ومن الاحتمالات الواردة أن تهاجم إيران إسرائيل بشكل مباشر، أو أن تقوم طهران بالإيعاز لوكيلها (حزب الله) بتأدية هذا الدور، مع الإبقاء على الدعم الإيراني للحزب ميدانيا بشكل غير مباشر.
ويرجع الكاتب احتمال مهاجمة إيران لإسرائيل مباشرة إلى سببين رئيسيين: الأول عدم قدرة صواريخ حزب الله الموجهة على ردع تل أبيب من معاودة مهاجمة البنية التحتية العسكرية الإيرانية في سوريا. وتستدعي خطوة كهذه ردا إسرائيليا مباشرا ضد إيران، وهو سيناريو تحسب له إيران ألف حساب.
والثاني، إدراك إيران أن ميليشيات حزب الله قد انهكت في حرب 2006، والآن تستنزف في الحرب السورية، وهو عامل آخر يضع إيران أمام سيناريو صعب لخوض الحرب بمفردها، والسماح للحزب على الأقل بالمشاركة فيها.
ضربات جوية
ولأن إيران لا تملك سلاحا جويا متطورا مقارنة مع إسرائيل، وتجد صعوبة في إرسال قوات لربما تكون فريسة للقوات الجوية الإسرائيلية في الطريق، فإن الحرب قد تقتصر على الضربات الصاروخية المتبادلة.
وإن اقتصرت الحرب على الضربات الجوية الصاروخية، ستكون مشاركة ميليشيات حزب الله فيها مرتفعة، لكن الاستخدام المكثف للقوة الجوية الإسرائيلية سيظهر نقاط الضعف المتبادلة بين البلدين، بحسب تحليل “جيروزاليم بوست”.
وستجعل الحرب الجوية الموانئ الإيرانية، التي تعتبر عصب التجارة والتصدير، مكشوفة للإسرائيليين، مما ينذر بوقف تصدير النفظ والغاز، واستيراد البضائع من الخارج.
وقال هيليل إن الحرب إن وقعت ستكون مدمرة للغاية، ليس فقط لإسرائيل وإيران، بل للدول المجاورة أيضا. فقد تهاجم إسرائيل المطارات في لبنان وسوريا وحتى العراق، لمنع تحرك القوات والمعدات العسكرية الإيرانية.
اعتبرت تقارير وتحليلات أن الحرب المتوقعة بين إيران وإسرائيل قادمة خلال فترة قصيرة، وستكون ساحة الحرب في سوريا وجنوب لبنان، حيث اعتبرت الميليشيات اﻹيرانية المنتشرة في سوريا والبالغ تعدادها 80 ألفاً بمثابة البارود الذي قد ينفجر في أية لحظة.
وأشارت هذه الانباء إلى تصاعُد الخلافات بشكل كبير بين الجانبين مؤخَّراً واتخاذ إيران جملة إجراءات في سوريا ولبنان أثارت المخاوف اﻹسرائيلية، من بناء حزب الله مصانع لصواريخ عالية الدقة تحت الأرض في الجنوب اللبناني إلى انتشار الحرس الثوري الإيراني عَبْر اﻷراضي السورية.
ورأت أيضاً في إشارات ترامب للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني نذيراً بأن الصراع المباشر الأول منذ عقود بين دول الشرق الأوسط قد ينشب في غضون أسابيع، وفقاً لمحللين ودبلوماسيين.
ونقلت صحيفة “التايمز” البريطانية عن البريجادير جنرال “عساف أوريون” رئيس التخطيط الإستراتيجي الإسرائيلي سابقاً قوله: “لن تقبل إسرائيل قيام إيران بتواجُد عسكري في سوريا” ووضعت الضربة التي شنتها تل أبيب قبل أربعة أسابيع على هدف للحرس الثوري في هذا اﻹطار.
كما نقلت الصحيفة البريطانية عن “محمد ماراندي” المحلِّل في جامعة طهران المقرَّب من القيادة الإيرانية قوله: “أنا متأكد من أن الإيرانيين سوف ينتقمون، إذا لم يفعلوا ذلك، فستطمع إسرائيل لقتل المزيد منهم، إنهم يريدون التأكد من أن تل أبيب تدرك أن هناك ثمناً يجب دفعه”.
وأشارت إلى تصاعُد حالات التهديد معتبِرةً أن “الانتقام يمكن أن يجلب المزيد من الانتقام” حيث قال “أفيجدور ليبرمان” وزير الدفاع الإسرائيلي لصحيفة سعودية مقرها لندن الأسبوع الماضي: “إذا هاجموا تل أبيب فسوف نضرب طهران.. سندمر كل موقع إيراني في سوريا بأي ثمن”.
واعتبرت أن الحرب قد اندلعت بين إسرائيل وإيران منذ ما يقرب من 40 عاماً، منذ قيام “الثورة الإيرانية” ، ومعظم تلك الحرب كان بالوكالة مثل حزب الله، والميليشيا الشيعية اللبنانية المدعومة من طهران، “ولكن مع تداعيات الحرب السورية والانهيار المحتمَل لما يسميه الرئيس ترامب ‘أسوأ صفقة على الإطلاق’ بشأن برنامج إيران النووي، سيكون هناك المزيد من النقاط الساخنة المحتمَلة”.
ويتوقع الدبلوماسيون الإسرائيليون أن الحرب القادمة ستتضمن جبهة شمالية عريضة – حسبما تقول الصحيفة – فقد ضربت إسرائيل 100 هدف سوري، وكانت الأهداف في الغالب عبارة عن قوافل يزعم أنها تنقل أسلحة من سوريا إلى حزب الله “لكن ذلك تغيَّر عندما علمت إسرائيل أن الحرس الثوري يخطط للبقاء في سوريا”.
ويعتقد الإستراتيجيون الإسرائيليون، دائماً وفقاً للتايمز، أن عشرات اﻵلاف من مقاتلي حزب الله اللبناني، وكل الشيعة العراقيين والباكستانيين والأفغان الذين جلبتهم إيران إلى سوريا سيكونون قوة دائمة شبه عسكرية في البلاد.
وقال “عوفر زالزبيرج” ، المحلِّل الإسرائيلي في مجموعة الأزمات الدولية (ICG) ، إن إسرائيل لديها خيارات أكثر من إيران؛ إذ يمكن أن تهاجم الميليشيات بشكل مباشر أو أهداف النظام كرادع، مثل “قاعدة المزة” الجوية الرئيسية في دمشق، معتبِراً أن إسرائيل قد توجِّه ضربات للبنان أو المصالح الإيرانية في أماكن أخرى من العالم أيضاً، و”رغم أنها ستكون محفوفة بالمخاطر، فإن مؤسسة الدفاع الإسرائيلية مستعدة لهذه المخاطرة الكبيرة”.
يُذكَر أن التهديدات اﻹسرائيلية لإيران تصاعدت مؤخَّراً مع تصاعُد وتيرة الغارات اﻹسرائيلية في سوريا إلا أن رئيس الوزراء اﻹسرائيلي أكد أنهم لا يسعون للحرب مع طهران.
هل الحرب بين إسرائيل وإيران حول سورية حتمية؟
حتمية؟ لست متأكّداً من ذلك، بل أفضّل أن أقول إنها مُرجّحة جدّاً. فاليوم، ما نلحَظه في منطقة الشرق الأوسط عبارة عن موقفين لايمكن التوفيق بينهما: أولاً، موقف إسرائيلي متعنّت رافض لأي وجود عسكري إيراني في سورية، باعتباره أشبه بتهديد لأمنها القومي. وثانياً، إصرار إيران على جني ثمار ما استثمرته هي ووكلاؤها في سورية. والاستراتيجية الإسرائيلية في هذا السياق تبدو مُحافظة في هذا الصدد، بمعنى أنها تريد الحفاظ على الوضع القائم في المنطقة، فيما الاستراتيجية الإيرانية ثورية، إذ ترمي إلى الإطاحة بالوضع القائم ومعه أبرز ركائزه: نظام الدولة-الأمة.
في غضون ذلك، يرقى المسعى الإيراني الرامي إلى ربط طهران ببيروت، وربما بغزة، عبر العراق وسورية، إلى مصاف تغيير “طبيعة” المنطقة على كل المستويات تقريباً، وبالتالي تشكّل هذه الهندسة الجذرية منعطفاً دراماتيكياً وخطيراً. يُضاف إلى ذلك أن طبيعة النظامين الإسرائيلي والإيراني غير مطمئِنة لمحبّي السلام، إذ إن أحد هذين النظامين شبه توتاليتاري والآخر ذو نزعة قومية مُفرطة، ناهيك عن أن الدولتين توسّعيتين. أما لبنان العالق بين مطرقة الأولى وسندان الثانية، فهو في موقف لايُحسَد عليه.
جان-بيار فيليو | أستاذ دراسات الشرق الأوسط في معهد الدراسات السياسية في كليّة الشؤون الدولية في باريس. وهو مؤلّف كتب عدة من بينها: H(من الدولة العميقة إلى الدولة الإسلامية: الثورة المضادة العربية وإرثها الجهادي) في العام 2015
المؤرّخون عموماً، وأنا من بينهم، أكثر مهارةً بكثير في استقراء الماضي من التنبّؤ بالمستقبل. على أي حال، لايبدو أن ثمة حرباً شاملة تلوح في الأفق بين إيران وإسرائيل في سورية. كذلك، يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواجه صعوبة في التكيّف مع واقع أن القوة الإيرانية باتت على مقربة من حدود إسرائيل أكثر من أي وقت مضى، نتيجةً لسياسته التي اتّسمت بقصر النظر والتي تمثّلت في اعتبار نظام الأسد “أهون الشرّين”، لا بل حتى أحد الحصون الضامنة للاستقرار. كذلك، أظهرت الاشتباكات الأخيرة بين إسرائيل وإيران في سورية أن الجانبين يواجهان صعوبة في التعامل مع مثل هذا الوضع غير المسبوق، لكنني أستبعد أن تؤول الأمور إلى المزيد من التصعيد. غالب الظن أن يتم تحديد “خطوط حمراء” جديدة باتفاق ضمني بين إسرائيل وإيران.
لقد ظنّ نتنياهو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قادرٌ على حثّ إيران على ضبط النفس، لكنه أخطأ التقدير كثيراً. طهران ليس لديها الآن أي مصلحة في خوض صراع مفتوح مع إسرائيل من شأنه أن يهدّد مكاسبها الكُبرى في سورية. لذا، أنا واثق بأنه سيتم التوصّل إلى اتفاق أمر واقع في المدى القصير، فيما سيتكبّد السوريون مجدّداً أكلاف إجراءات “تخفيف التصعيد” المُلتوية.
نيكولاس نوي | شريك مؤسس للموقع الإلكتروني HYPERLINK “http://mideastwire.com/” Mideastwire.com في بيروت
للأسف، بات الآن احتمال اندلاع حرب مدمّرة في سورية، يشارك فيها على الأقل إسرائيل وإيران وقوّات الرئيس السوري بشار الأسد وحزب الله، مرجحاً جداً، علماً أنه كان يتمّ الحشد لها منذ عقود. لكن المؤكد أنها ليست حتمية.
في الواقع، وعلى الرغم من أنه كان بإمكان إدارة ترامب إرجاء انسحابها من الاتفاق النووي مع إيران، في خطوة كانت لتساهم في تقليص إمكانية نشوب نزاع فوري مع إيران، إلا أن ثمة العديد من الخطوات التي يمكن أن تقوم بها لخفض هذه الاحتمالات. فبإمكانها، مثلاً، تأخير عملية نقل السفارة الأميركية إلى القدس، والعمل في الوقت نفسه على طمأنة إسرائيل وكبح جماح سيرها العلني والمتعمّد نحو حرب “وقائية” تتعلّق بـ”خطوطها الحمراء” في سورية.
في موازاة ذلك، يمكن أن تقوم الإدارة الأميركية أيضاً بالتواصل مع روسيا على وجه السرعة، وتشجيعها على استخدام هذه “المحفّزات” الجذّابة للحؤول دون “ردود” إيرانية إضافية على الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مواقعها في سورية الشهر الماضي، وبعدها وضع خارطة جديدة لسورية تقيّد البنية التحتية العسكرية الخاصة بإيران وبحزب الله، وفي أفضل الأحوال في إطار الجهود المتجدّدة بقيادة روسيا والولايات المتحدة لوقف أعمال العنف في جميع أنحاء البلاد.
الجدير ذكره هنا هو أن المشكلة الأساسية في كل ما سبق، تكمن في أن الولايات المتحدة، التي تُعتبر في وضع أفضل يخوّلها على الأقل التحقّق ما إذا كانت عملية التخفيف من حدّة النزاع هذه قد تؤتي أُكلها، يحكمها – بالأغلبية الآن – أفراد لايملكون لا القدرة ولا الرغبة على إدارة مثل هذه المهمة بالغة الصعوبة بشكل فعّال.
يمكن أن يُكبح جماح الديناميكيات التي تساهم في انزلاقنا السريع نحو حرب أعتقد شخصياً أنها قد تبدأ في سورية، لكنها ستنتشر حتماً إلى عمق لبنان وإسرائيل (ومن المحتمل جداً إلى إيران نفسها). بيد أن الحقيقة المؤلمة هنا تتمثّل في أنه لا الولايات المتحدة ولا روسيا ولا أي مجموعة أخرى من الأطراف الفاعلة العالمية القوية تبدو جاهزة، أو مستعدة، أو قادرة على القيام بذلك.
نيكولاس بلانفورد | مراسل لصحيفة Christian Science Monitor في بيروت، وباحث غير مقيم في مبادرة السلام والأمن في الشرق الأوسط، في مركز “برنت سكوكروفت للأمن الدولي” في المجلس الأطلسي، ومؤلف كتاب “المارد الشيعي يخرج من القمقم: 30 عاماً من الصراع بين حزب الله وإسرائيل” HYPERLINK “https://www.amazon.com/Warriors-God-Hezbollahs-Thirty-Year-Struggle/dp/1400068363” Warriors of God: Inside Hezbollah’s Thirty-Year Struggle Against Israel (2011)
تعيّن على إيران، في مرحلة ما، تماماً كما حصل بالأمس، توجيه ردّ أقوى على الضربات الجوية الإسرائيلية المتكرّرة التي تستهدف أصولها في سورية، من أجل الحفاظ على مظهر من مظاهر الردع. لذلك، يمكننا بسهولة توقّع تفاقم الوضع بين إسرائيل وإيران على الأراضي السورية. لكنني أعتقد أنه من مصلحة جميع الأطراف إبقاء لبنان بمنأى عن أي تصعيد، حتى لو كان حزب الله يساعد إيران في داخل سورية. لكن، إذا دُفع حزب الله إلى المشاركة من لبنان، سيتسّع نطاق النزاع بشكل كبير وسيثبت أنه مدمّر بشكل هائل للبنان وإسرائيل على السواء. ويتمثّل الخطر الأساسي في أنه إذا ما تصاعدت حدّة النزاع بين إسرائيل وإيران في سورية، فقد يقدّر الإسرائيليون في مرحلة ما أن حزب الله على وشك فتح جبهة لبنان، وأنه من الأفضل ضرب حزب الله في لبنان أولاً قبل إطلاقه الصواريخ الموجّهة نحو تل أبيب. وينطبق المنطق نفسه على الجانب الآخر، بحيث قد تقرّر إيران أنه يتعيّن على حزب الله إطلاق صواريخه لحرمان إسرائيل من خيار الضربة الأولى.
باختصار، يُعتبر اندلاع نزاع بين إسرائيل وإيران في سورية أكثر من مجرد احتمال، وبينما يحاول الطرفان الإبقاء عليه تحت السيطرة ومحدوداً جغرافياً، إلاّ أن خطر بلوغه الأراضي اللبنانية حقيقي . الانباط – مامون العمري