مرايا – أثارت بيانات رسمية بشأن تراجع مضطرد في أعداد العمالة الأجنبية في القطاع الخاص بالسعودية مخاوف أردنية بشأن العاملين هناك في ظل فرض إجراءات مشددة ورسوم إضافية على المقيمين وعائلاتهم وتوجه الكثيرين منهم للعودة إلى بلادهم.
ووفقا لبيانات رسمية فإن 785 ألف موظف أجنبي أنهيت وظائفهم في القطاع الخاص في السعودية خلال 15 شهرا منذ مطلع 2017.
وتراجع عدد الموظفين الأجانب إلى 7.71 مليون فرد نهاية الربع الأول من العام الجاري، مقابل 8.495 مليون نهاية 2016.
في المقابل، صعد عدد الموظفين السعوديين إلى 1.76 مليون مع نهاية الربع الأول من العام الجاري، مقابل 1.68 مليون في 2016.
جاء ذلك في الوقت الذي قال فيه رئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد الكريم الكباريتي إن الأردنيين يواجهون صعوبات بالغة في منطقة الخليج نتيجة الضرائب الإضافية التي بدأت تفرض وانحسار فرص العمل نتيجة المناكفات السياسية.
وقال الكباريتي خلال اجتماع للهيئة العامة للبنك الأردني الكويتي في عمان إن هناك ضغوطات ستؤدي إلى تناقص أعداد الأردنيين العاملين في الخارج”.
وأضاف: “إذا أردنا أن نكون متفائلين من عام 2008 لم يدخل السعودية أكثر من 4 آلاف شخص جديد للعمل هناك وإن المتواجدين حاليا مضى على إقامتهم من 20 إلى 30 عاما”.
ورأى الخبير والمحل الاقتصادي مازن مرجي أن المخاوف من عودة الأردنيين من الخليج وخاصة السعودية موجودة منذ نحو 3 سنوات لكنها تزايدت في الآونة الأخيرة.
وأوضح مرجي أن التغييرات التي حصلت في أسعار النفط عام 2014 بالإضافة للإجراءات التي شرعت السعودية في اتخاذها مثل قانون السعودة انعكس على جميع العاملين الأردنيين وغيرهم في ذلك السوق.
ولفت إلى أن 400 ألف أردني كانوا يعملون في مختلف القطاعات بالسعودية لكن مع مجيء الملك سلمان وتسلم ابنه محمد ملفات اقتصادية كبيرة سارت الأمور نحو الضغط على الأردن في مجموعة من الملفات ضمن الصراعات التي تخوضها السعودية في سوريا واليمن والصراعات الإقليمية.
وأضاف مرجي: “أصبحت الإجراءات أكثر صعوبة بحق الأردنيين من إجراءات الاستقدام ومنح تصاريح العمل وحتى أجور العمالة الأردنية أصبحت متدنية وكان هناك سياسات غير ودية مع الأردن”.
وقال إن الآونة الأخيرة لوحظ فيها عدم تسلم أعداد كبيرة من العمالة الأردنية رواتب أو العمل بأجور مبتورة علاوة على تسليم الأجور على فترات متباعدة فضلا عن إنهاء خدمات الكثيرين.
وتابع: “بعض الأردنيين العاملين في السعودية كانت مصاريفهم الشهرية تصلهم من ذويهم في الأردن وهذا عكس المنطق”.
وأشار مرجي إلى أن مسألة العمالة تحولت من مشكلة اقتصادية إلى أداة سياسية لكسب مواقف في بعض الملفات وخاصة ملف القدس والوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية والمسيحية والسعي لـ”إدخال الأردن تحت الجناح السعودي مثلما حصل مع مصر”.
وحذر مرجي من مخاطر عودة العاملين في السعودية لما يشكله الأمر من ضغط كبير على الاقتصاد الذي يعاني من مصاعب جمة على النمو المتباطئ في الأساس.
ولفت مرجي إلى تراجع عائدات المغتربين والتي كانت تصل إلى نحو 4 مليارات دولار سنويا والآن نتحدث عن 3.2 مليار دولار فضلا عن أن الراغبين في البحث عن عمل في الخارج لم يعودوا يفكروا في السوق السعودية نظرا للقيود والضغوطات وانعدام الفائدة الاقتصادية من العمل هناك لتدني الأجور.
من جانبه قلل من الكاتب والمحلل الاقتصادي سلامة الدرعاوي من المخاوف من عودة جماعة للمغتربين في الخليج عموما والسعودية خصوصا.
وقال الدرعاوي الدول الخليجي وبسبب تأثرها بانخفاض أسعار البترول وتنامي الإنفاق غير المسيطر عليه لجأت لمجموعة من الإجراءات لتوفير عمالة محلية بدل المغتربين وفرض رسوم على السلع والخدمات للحصول على إيرادات سريعة.
وأشار إلى أن الخليج منح الأولوية في الحصول على العمل لمواطنيه وهو الأمر الذي دفع الكثيرين من المغتربين للعودة إلى بلادهم.
ولفت الدرعاوي إلى أن ما يجري حاليا “عودة أعداد قليلة من العاملين في الخليج بالإضافة إلى عودة الكثير من الأبناء دون رب الأسرة وبقائه على رأس عمله للتخفيف من مصروفات الإقامة”.
وأضاف: “الأعداد التي عادت لا تذكر ونحن لا نتحدث هنا عن أزمة عودة جماعية ملموسة تشابه ما حصل عام 1991 حين عاد قرابة نصف مليون أردني إلى بلادهم بسبب أزمة سياسية وحرب بين ليلة وضحاها”.
وبشأن حدوث عودة جماعية قال الدرعاوي: “مع أنه مستبعد حاليا إلا أن هذا الأمر لو حصل فسيشكل ضغطا هائلا على الاقتصاد والحكومة ستكون عاجزة عن فعل شيء في ظل الوضع الاقتصادي الصعب وأزمة اللجوء الواقعة على الأردن”.
لكن في المقابل أشار إلى أن العودة الجماعية للعاملين في الخليج “تحمل معها استثمارات وفرصا لتحريك السوق لكنها فرص قصيرة المدى”.