مرايا – رفض مجلس النقباء التراجع عن دعوته للاضراب عن العمل، الذي كان أعلنه لينفذ يوم غد الأربعاء، رفضا لمشروع قانون ضريبة الدخل المعدل، وذلك خلال لقاء رئيس الوزراء د. هاني الملقي بمجلس النقباء في دار الرئاسة أمس.
وحسب مصادر نقابية مطلعة، فان اللقاء برئيس الوزراء أمس، والذي لم يستمر أكثر من ساعة وحضره رؤساء مجالس النقابات المهنية، شهد نقاشات “حادة”، واصرارا نقابيا على رفض مشروع قانون “الدخل”، في الوقت الذي “لم يبد رئيس الحكومة مرونة في إعادة النظر بمشروع القانون أو سحبه”.
وتمسك مجلس النقباء بموقفه بتنفيذ الاضراب وعدم التراجع عنه “الا في حال سحب الحكومة مشروع القانون من مجلس النواب”.
وعقد اللقاء أمس بطلب من رئيس الوزراء، وقبل يومين فقط من تنفيذ الاضراب، في محاولة قرأت من مراقبين كمحاولة حكومية لنزع فتيل الأزمة، التي سببها مشروع قانون ضريبة الدخل والنظام المعدل للخدمة المدنية.
وذكر رئيس مجلس النقباء، نقيب الاطباء الدكتور علي العبوس أمس، ان النقابات المهنية رفضت خلال الاجتماع مع الرئيس مناقشة مشروع قانون الضريبة، “حيث قمنا بتسليم الملقي قبل بدء اللقاء مذكرة نطالب فيها بسحب المشروع قبل البدء بأي حوارات حوله”. وقالت النقابات المهنية في المذكرة المسلمة للحكومة، ان “الدعوة للاضراب اجراء مؤلم نضطر اليه بضغط هائل من هيئاتنا العامة، وان ما ينتج عنه من تشويش لسمعة بلدنا هو ايضا مؤلم لنا”، لكنها اعتبرت ان من “يتحمل مسؤولية ذلك كل من دفع باتجاه أن يجبر ابناءه على أن يختاروا بين أهون الشرّين، فإما دواء مؤلم يعيد للجسم صحته، وإما ارهاق للمواطن بمزيد من الضرائب وارتفاع الأسعار، متتالي ومتسارع، يخلق حالة من الارباك الاقتصادي والاجتماعي، ويؤدي لاسمح الله إلى خلل في أمن الوطن واستقراره”.
وزادت النقابات بمذكرتها “هذا الأمن والاستقرار الذي نفخر به دوما بين الامم، الذي ننعم به بفضل من الله تعالى وبحكمة وبعد نظر لقيادتنا الهاشمية الحكيمة، التي ندعو الله عز وجل أن يحفظها صمام أمن وملاذ لابناء الوطن، ورمزاً تاريخياً يرعى مقدساتنا”.
ونبهت المذكرة الى أن المواطن “قد ارهق اقتصادياً، وزادت عليه الاعباء المالية وارتفعت الاسعار، واستنفد ما يمكن جمعه لشراء بيت أو تأليف اسرة أو شراء سيارة ، كل ذلك بسبب عدم استطاعته اللحاق بتكاليف الحياة المتزايدة وبتسارع”، مؤكدة على ضرورة المشاركة في كل ما يهم وطننا “وخصوصا أن النقابات المهنية هي بيوت خبرة تضم كل الاختصاصات وينتمي إليها نخبة من العلماء وحملة الشهادات العليا وكم كبير من الخبرة الطويلة”.
وأضافت النقابات انها “فوجئت كأي مواطن بمشروع قانون ضريبة الدخل، ودون الدخول في التفاصيل فإننا نرى أنه قد تم تسويقه بحجة معالجة التهرب الضريبي، ونحن بالمناسبة لاندافع عن التهرب الضريبي، وندعم كل اجراء قانوني يحفظ حقوق الوطن والمواطن. لكن أن لا يكون ذلك مبرراً لمعاقبة الابرياء الملتزمين اصلاً بدفع الضريبة، وذلك بتحميلهم مزيداً من الاعباء الضريبيه وبالنسب المتزايدة”.
وزادت “لا بل وتعدى ذلك ليشمل شرائح المجتمع من الطبقة الفقيرة والقريبة منها. هذه الطبقة التي يؤدي المزيد من المساس بدخولها المتدنية اصلاً إلى خلق بيئة اجتماعية غير صحية تهدد أمن واستقرار الوطن، وتهدد ايضا الصورة الاخلاقية التي نعتز بسموها ورفعة مكانتها في بلدنا الحبيب”، لافتة الى ان كل قطاعات الشعب الاقتصادية والاجتماعية اجتمعت على رفض المشروع.
وطالب مجلس النقباء بالمذكرة بسحب مشروع القانون، ومن ثم “إعادة كتابة قانون وبلغة المشاركة، والشعور بأحوال المواطنين، وبعيدا عن املاءات صندوق النقد الدولي، الذي لا يراعي خصوصية الوطن وأحوال وهموم المواطنين”.
كما طالبت بتغيير نظام الخدمة المدنية “اسوة بما قامت به الحكومة مشكورة باستثناء زملائنا المعلمين من هذا النظام، اعترافاً بظلمه وتعديه على الامن الوظيفي للموظف واتاحته الفرصة لتسلط المسؤول على مرؤوسيه دون الاخذ بمبدأ العدل الذي يقضي بأن لايقرر مصير الموظف من جهة واحدة فقط”.
وجددت النقابات في ختام مذكرتها ان الاضراب والتوقف عن العمل “اجراء مؤلم نرجو أن تعطى الفرصة لتلافيه، وذلك بتلبية رغبات واصرار الهيئات العامة بسحب مشروع قانون ضريبة الدخل وتعديل نظام الخدمة المدنية”. واعتبرت ان الاستجابة لمطلب النقابات يعد “موقفا تاريخيا يسجل لحكومتكم حين انحزتم للوطن والمواطن ولطلبات فئات المجتمع المختلفة، ويساهم في انعاش الاقتصاد وتشجيع الاستثمار (..)”.
الى ذلك، توالت بيانات النقابات المهنية وتعميماتها لاعضائها يوم امس، بضرورة الالتزام بالاضراب والتوقف عن العمل يوم غد الاربعاء.
فقد دعت نقابة المهندسين، في هذا السياق، اعضاءها بالقطاعين العام والخاص للالتزام بالاضراب، والوقوف خارج مؤسساتهم مع لافتات الإضراب، على ان يتوجه الجميع عند الثانية عشرة ظهرا الى مجمع النقابات المهنية للاعتصام هناك في المركز والمحافظات.
كما دعت أصحاب المكاتب الهندسية إلى وقف العمل الكلي بكافة المشاريع في القطاعين العام والخاص، يستثنى من المشاركة في الإضراب المهندسون العاملون في مراكز التشغيل والمراقبة.
اما نقابة المحامين، فقد أعلم نقيبها مازن ارشيدات رئيس المجلس القضائي برسالة رفعها اول من امس، بقرار مجلس النقابة اعلان الاضراب والتوقف عن العمل يوم الاربعاء. وطلب ارشيدات من رئيس المجلس القضائي التعميم على رؤساء المحاكم واعلامهم بهذا الخصوص.