مرايا – شهدت زيارة العمل التي قام بها جلالة الملك عبدالله الثاني، ورافقته فيها جلالة الملكة رانيا العبدالله، إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، لقاء قمة لجلالته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، واجتماعات مكثفة مع أركان الإدارة الأمريكية، وعدد من لجان الكونغرس بشقيه الشيوخ والنواب.

وتناول لقاء القمة بين جلالته والرئيس ترمب في البيت الأبيض التحديات الاقتصادية والمالية التي يواجهها الأردن، الناجمة عن الأزمات في المنطقة، والبرامج الاقتصادية التي تقوم بها المملكة لتجاوز هذه التحديات.

وخلال المباحثات الموسعة، التي سبقها لقاء في المكتب البيضاوي حضرته جلالة الملكة رانيا العبدالله والسيدة الأولى ميلانيا ترمب، أعرب جلالة الملك عن تقدير الأردن للدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة في المجالات الاقتصادية والعسكرية وللعديد من البرامج التنموية، فيما أكد الرئيس الأمريكي التزام الولايات المتحدة بالوقوف إلى جانب الأردن ودعمه اقتصاديا.

مجمل التطورات الإقليمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأزمة السورية، والمساعي المرتبطة بتحقيق السلام وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، كانت حاضرة على جدول أعمال المباحثات.

فعلى صعيد عملية السلام، أكد جلالة الملك أن حل الدولتين الذي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على ترابها الوطني وعاصمتها القدس الشرقية هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو يشكل ركيزة أساسية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها.

وفي الوقت الذي شدد فيه جلالة الملك على ضرورة تكثيف الجهود لإعادة تحريك عملية السلام، عبر إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وصولا لتحقيق السلام العادل والدائم، لفت جلالته إلى الدور الأمريكي المهم بهذا الخصوص.

وفيما يتصل بالأزمة السورية، أكد جلالته أهمية تكثيف الجهود الدولية لإيجاد حل سياسي للأزمة، يضمن الأمن والاستقرار لشعبها ويحفظ وحدة أراضيها، مثلما تم التأكيد على ضرورة الحفاظ على الاستقرار والتهدئة في منطقة خفض التصعيد جنوب غرب سوريا، واحترام الاتفاق الذي تم التوصل إليه بهذا الخصوص العام الماضي بين الأردن والولايات المتحدة وروسيا.

أما الجهود الإقليمية والدولية في الحرب على الإرهاب، ضمن استراتيجية شمولية، فكانت إحدى المحاور التي تم استعراضها في مباحثات جلالة الملك والرئيس ترمب.

وفي تصريحات صحفية مشتركة لجلالته والرئيس ترمب، أكدا خلالها عمق علاقات الصداقة والشراكة التي تربط البلدين.

وعبر جلالة الملك عن تقديره للرئيس ترمب وللولايات المتحدة وللشعب الأمريكي على كل ما يقدمونه من دعم للأردن، وقال جلالته “لو أن باقي العالم اقتدى بكم من حيث الدعم الذي تقدمونه بدفئ وطيب خاطر، لكنّا في وضع أفضل بكثير. وبالنيابة عني وعن شعبي أشكركم على جميع ما تبذلونه من أجلنا”.

من جهته، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب “يسعدنا كثيرا أن ينضم إلينا اليوم ملك وملكة الأردن، الذين تجمعنا بهما صداقة قديمة. إنكم تقومون بعمل وجهد رائع فيما يتعلق باللاجئين، ومخيمات اللجوء، وتقديم العون”. وأضاف “أن بلدينا يرتبطان بعلاقات جيدة للغاية. إن ما تقومون به على مستوى العمل الإنساني، هو جهد رائع، وأود أن أعبّر عن شكري وتقديري لكم”.

وخلال لقاء جلالة الملك مع نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، والذي جرى بحضور جلالة الملكة رانيا العبدالله وعقيلة نائب الرئيس الأمريكي كارين بنس، تم استعراض علاقات الصداقة بين البلدين، وأبرز القضايا والأزمات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، ومساعي التوصل إلى حلول سياسية لها.

وفي لقاء آخر لجلالة الملك مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، جرى استعراض العلاقات المتميزة بين البلدين، ومستجدات الأوضاع الراهنة، مثلما تم بحث دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وأهمية دعمها وتمكينها للاستمرار في تقديم خدماتها التعليمية والصحية والإغاثية للاجئين.

وشكلت مجالات التعاون العسكري والدفاعي بين الأردن والولايات المتحدة أبرز محاور لقاءي جلالته مع وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، ومستشار الأمن القومي جون بولتون، وتم التأكيد خلالهما على سبل تعزيز آليات التنسيق والتشاور بين البلدين تجاه مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، وبما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

كما جرى أيضا استعراض جهود الحرب على الإرهاب، ضمن نهج شمولي، والتعاون الأردني الأمريكي بهذا الخصوص.

أما المحور الاقتصادي فكان حاضرا على أجندة الزيارة الملكية، حيث بحث جلالة الملك مع وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين، ووزير التجارة ويلبور روس، سبل توسيع آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.

وتم التأكيد على أهمية زيادة حجم التبادل التجاري بين الأردن والولايات المتحدة، وضرورة تعظيم الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة بينهما، خصوصا تفعيل آليات تصدير الخدمات الأردنية إلى الولايات المتحدة.

وضمن سلسلة اللقاءات التي عقدها جلالة الملك عبدالله الثاني في الكونغرس الأمريكي على مدى يومين، التقى جلالته قيادات مجلسي الشيوخ والنواب، ورؤساء وأعضاء لجنة الخدمات العسكرية ولجنة المخصصات ولجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ولجنة الشؤون الخارجية واللجنة الفرعية لمخصصات وزارة الخارجية ولجنة الخدمات العسكرية في مجلس النواب.

اللقاءات، التي حضرت جلالة الملكة رانيا العبدالله عددا منها، ركزت على سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيما الاقتصادية منها، إضافة إلى مستجدات الأوضاع في الشرق الأوسط.

وجرى استعراض التحديات الاقتصادية التي يواجهها الأردن، والناجمة معظمها عن الأزمات الإقليمية المحيطة بالمملكة منذ عدة سنوات، وسبل التعامل مع هذه التحديات، من خلال البرامج الاقتصادية الهادفة لتعزيز الاقتصاد الأردني ورفع معدلات النمو وتوفير المزيد من فرص العمل للشباب الأردني.

كما تطرقت اللقاءات إلى الأعباء الكبيرة التي يتحملها الأردن جراء أزمة اللجوء السوري، معربا جلالته، في هذا الصدد، عن تقدير الأردن للدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للعديد من البرامج التنموية، وللتخفيف من أعباء هذه الأزمة، وثمن جلالته مواقف الكونغرس الداعمة للمملكة.

وأكد جلالته أن الأردن بات غير قادر على استيعاب المزيد من اللاجئين، وأن أمنه ومصالحه أولوية.

وفي الشأن الإقليمي، كانت القضية الفلسطينية في مقدمة المواضيع التي تناولتها لقاءات جلالة الملك في الكونغرس، مثلما تم التطرق إلى أهمية دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والتطورات المرتبطة بالأزمة السورية، وجهود الحرب على الإرهاب، ضمن استراتيجية شمولية.

رؤساء وأعضاء اللجان أكدوا، خلال لقاءاتهم مع جلالة الملك، وقوف الولايات المتحدة إلى جانب الأردن في تجاوز التحديات وجهوده الرامية إلى تحقيق التنمية الشاملة، وحرصهم على دعم المملكة كشريك استراتيجي للولايات المتحدة.

وأعربوا عن تقديرهم العالي للجهود التي يبذلها الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، من أجل تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة، مثمنين الدور الإنساني الذي تقوم به المملكة تجاه اللاجئين.

كما عبروا عن تقديرهم لقيادة جلالة الملك، ورؤية المتعلقة بتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدين أن اللقاءات مع جلالته تشكل فرصة كبيرة للاستماع إلى الرؤى والأفكار التي يطرحها جلالته حول مختلف القضايا.

وأشادوا بقيادة جلالة الملك وجهوده المتواصلة من أجل تحقيق الرفاه ليس فقط للشعب الأردني ولكن لشعوب المنطقة، مشيرين إلى أن الأردن يشكل أنموذجا فريدا في التعامل مع اللاجئين، وقالوا نحن بحاجة لكي نتعلم منه الكثير.

وفي مقابلات صحفية، بين عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي أنهم يتطلعون دوما إلى الاستماع إلى رؤى جلالة الملك تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية.

وقالو إن الأردن يمثل صوت الاستقرار والحضارة في منطقة مضطربة، لذا نحن ندعم تعزيز علاقات الولايات المتحدة مع الأردن، الذي يعتبر شريكا قويا يثق به الجميع لتحقيق السلام والاستقرار.

واعتبروا أن العلاقة بين الأردن والولايات المتحدة مهمة جدا للطرفين، مؤكدين أهمية زيارة جلالة الملك إلى واشنطن ولقاءاته في الكونغرس، والاستماع إلى أفكار ورؤى جلالته حول كيفية التعامل مع مختلف القضايا والتي تساعد الكونغرس في صنع السياسات.