مرايا – عُمر كٌلّاب – ملفت ما تشير اليه بعض التحليلات الاجتماعية , عن الربط بين التطور الكروي وبين التطور الحضاري والاجتماعي , بل ان بعض التحليلات ربطت بين المستوى الديمقراطي والتطور الكروي , فحمى كأس العالم وهي تجتاح الدنيا تفتح الابواب لكثير من التحليلات القريبة للمنطق والبعيدة عنه , لكن مشاركة اربعة فرق عربية في نهائيات كأس العالم فتحت شهية المحللين لدراسة اسباب خروج هذه الفرق من الدور الاول وعدم تحقيقها اي انجاز يذكر .
ثلاثة فرق افريقية عربية وصلت الى النهائي مع فريق من اسيا العربية وللاسف فإن هذه الفرق تنتمي في مجملها الى الدول النامية في السياسة والاقتصاد وربما يكون مصطلح النايمة اكثر دقة , ورغم خروج منتخبات عريقة في الديمقراطية والتطور التقني والمعرفي الا ان المحللين العرب ظلّوا مصرين على التحليل السابق بالربط بين الحرية والتطور الكروي وبين التطور المعرفي والكرة , وحتى ننصف الحالة فإن دراسات شبيهة بذلك كانت مطروحة وتحديدا خلال الاولمبياد الكوني , حيث كانت مراكز دراسات غربية تقرأ نتيجة الاتحاد السوفييتي من الميداليات , معزية تفوق الاتحاد السوفيتي في الالعاب الفردية الى توق الانسان في تلك المنظومة للبحث عن الحرية الفردية رفضا للمجتمع الاشتراكي , حيث قالت تلك الابحاث في وقتها ان نجاح افراد الاتحاد السوفييتي في الالعاب الفردية بسبب توقهم الى الملكية الفردية والمجتمع الحر .
اليوم نقول ان العقل الجمعي في المجتمعات العربية متخلف عن باقي المجتمعات , فالانا الفردية باعلى درجات الانانية في مجتمعنا وبالتالي فإن فكرة العمل الجماعي غير متوفرة وغير متحققة لذلك فشلت المنتخبات في تحقيق نتيجة تذكر , فكرة القدم لعبة جماعية والعمل الجماعي مفقود , اما المستوى التقني او تكنيك اللعب فهو ايضا متخلف ولا يمكن الارتكان اليه , بحكم التخلف الذي يجتاح الامة العربية فحتى اللاعب العربي الذي حاز اعلى درجات التقدير في انجلترا مهد كرة القدم فشل في تحقيق شيء عند وضعه في بوتقة عربية والمقصود اللاعب المصري محمد صلاح الحائز على افضل لاعب في الدوري الانجليزي , حيث ان الازمة ليست في اللاعب العربي بل في البيئة الحاضنة لهذا اللاعب والفضاء الذي يلعب فيه .
لا يمكن اغفال ما تقول به الدراسات الاجتماعية , كما لا يمكن الاستئناس بمخرجاته , لانها مخرجات عجولة , فالموقف العام من الدول العربية سلبي , بحكم ابتعادها عن تحقيق اماني شعوبها حتى تلك الدول الثرية , التي اشترت الولاء بالمال دون ابداع , فالفريق القطري الذي حاز على اعلى المراتب في لعبة جماعية مثل كرة اليد , كان كله مجنّس ولا يوجد فيه لاعب قطري , وكذلك الامر بالنسبة للالعاب الفردية في تلك الدولة , رغم انها الاعلى دخلا على مستوى الفرد عالميا .
اذكر في بدايات الوحدة الالمانية , محاضرة للمفكر العربي محمد عابد الجابري , عندما اشار في محاضرته الى دراسة اجرتها المانيا الغربية عن مستوى التقدم الذي ستحصل عليه دولة الوحدة في الاولمبياد وحجم التطور الرياضي الذي ستصله ناهيك عن التطور الاقتصادي الذي سيعاني مؤقتا من ادماج المانيا الشرقية في معادلته , يومها ضحكنا وقلنا ما جدوى تلك المقاربة من صاحب نظرية العقل العربي , لكنني اليوم ارى ضرورة العودة الى تلك المحاضرة التي احتضنها المركز الثقافي , علنا نجد فيها بعض الاجابات على اسئلة عالقة في العقل العربي بعد الفشل الذريع في كأس العالم وهل هو تعبير عن الفشل الحضاري ؟