مرايا – قال رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز إن الاستثمار في الثقافة هو استثمار في تقدم الأمة، الأمر الذي ينبغي معه بالضرورة بذل المزيد من الجهود على مختلف المستويات لدعم المشهد الثقافي الأردني.
وأضاف خلال رعايته المؤتمر الثقافي الوطني “المشهد الثقافي بين الواقع والمأمول” الذي التأم اليوم السبت في المركز الثقافي الملكي، والذي تنظمه جمعية ملتقى الأردن الثقافي، إن المطلوب اليوم من مثقفينا، ومختلف مؤسساتنا الثقافية، أن يكون لديها خطط واستراتيجيات، قادرة على التعامل مع مختلف الظواهر السلبية، التي باتت تغزو مجتمعنا بشكل لافت، ومنها عدم احترام القوانين والتجاوز عليها.
وتساءل الفايز في كلمة بالمؤتمر بحضور وزيرة الثقافة بسمة النسور، عن دور المؤسسات الثقافية في ظل الأوضاع المحيطة بنا، وانتشار قوى الإرهاب والتطرف، وخطاب الكراهية، وماذا أعدت لمواجهة انتشار العنف المجتمعي والطلابي، مشيرا إلى أن الدور الملقى على عاتقها كبير لتجاوز هذه التحديات، واستنهاض الهمم لدى شبابنا لدفعهم نحو المستقبل بثقة، ومن اجل الإيمان بالحياة، وإعلاء قيم الأمل لديهم، وتعزيز قيم العطاء للوطن، والولاء لقيادته الهاشمية، وهذا يتطلب وضع استراتيجية مدروسة، تخاطب الشباب بلغة جديدة مقنعة تعتمد على الحجة والمنطق .
وفي مقابل الدور الملقى على عاتق مؤسساتنا الثقافية، لفت إلى دور آخر ملقى على عاتق الدولة، التي من واجبها الوقوف، وفق الفايز، على مختلف التحديات التي تواجه شبابنا، وتدفعهم للمشاركة بالحياة العامة بفاعلية وحماسة، وان تسعى إلى وضع معالجات واقعية، لمختلف مشاكلهم وقضاياهم الاجتماعية والمعيشية، وتوفير فرص العمل والتشغيل لهم، واشراكهم بوضع السياسات المتعلقة بمستقبلهم وتطلعاتهم.
وأكد أنه بات من الضروري، أن يسعى الجميع وفق روية واضحة، وبخطى حثيثة، إلى تبني مشروع ثقافي وتنويري يستهدف شبابنا وطلبتنا في الجامعات والمدارس، لغرس القيم والممارسات الفضلى لديهم، وعلى مؤسساتنا الثقافية، أن تعمل بكل جهد، من أجل نشر الفكر المستنير، بعيدا عن لغة الغلو والتطرف، وتوجه جل اهتمامها بشبابنا، لكي يدرك حجم التحديات المحيطة ببلدنا، كما أننا في هذه الظروف، أحوج ما نكون جميعا، إلى العودة، لتقاليدنا الراسخة، والرجوع إلى جوامعنا الثقافية والإنسانية، المستندة إلى ما دعت إليه الكتب السماوية، وحضارتنا العربية العريقة .
وشدد الفايز على أن البناء السليم لأي دولة، لن يكتب له الاستمرار والنجاح، من دون أسس ثقافية تعززه، وتجعله صرحا شامخا، لهذا فإن الدور الملقى على مختلف مؤسساتنا وهيئاتنا الثقافية كبير في ظل ما تشهده امتنا من صراعات وفوضى ودمار، وفي ظل انتشار قوى الإرهاب، وما تشهده قيمنا وتقاليدنا وثقافتنا من تشويه، فلا يجوز أن يبقى مجتمعنا فريسة لما تنشره وسائل التواصل الاجتماعي التي تم إساءة استخدامها وأصبحت منابر لخطاب الكراهية والتضليل والتشهير واغتيال الشخصية.
وقال، إننا اليوم، بحاجة إلى كل جهد بناء، ولكل كلمة جامعة، تمكننا من المحافظة على وحدة نسيجنا الاجتماعي، ومحاربة خطاب الفتنة، وتكريس سيادة القانون واحترامه، وهذا الأمر يرتب مسؤولية على الجميع خاصة المثقفين والإعلاميين وأساتذة المدارس والجامعات ورجال الدين والعلماء.
بدوره، قال رئيس اللجنة العليا للمؤتمر الوزير الأسبق جريس سماوي، إن الثقافة هي الركيزة الأساسية لقيام الدول وضمان ازدهارها وتقدمها، مشيرا إلى أن الثقافة في وطننا عانت من قلة الدعم، وتناقصه، وعدم وضع الثقافة ضمن سلم أولويات الحكومات المتعاقبة.
ونبه سماوي إلى التراجع عن بعض المكتسبات التي أحرزها الجسم الثقافي من قبل، مثل صندوق دعم الثقافة الذي مر بمراحله التشريعية كاملة، ووضع حيز التطبيق حتى تم إلغاؤه.
وأشار الى العلاقة بين المثقف وخطاب الدولة الثقافي المنبثق من روح النهضة العربية الكبرى التي قادها الهاشميون في وجه التخلف الإقطاعي من أجل النهوض والمستقبل، مؤكدا على حق المثقف في سؤاله عن هذا الخطاب وتعدد منابره في إطار من التنوع الذي يغني ويثري ولا يفرق، مضيفا أن من حق المثقف أن يحدد دور القطاع الخاص ومسؤوليته المجتمعية الثقافية، ودور وزارة الثقافة في تنظيم العمل الثقافي.
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لجمعية ملتقى الأردن الثقافي الدكتور محمد عبد الحميد الحياصات إن هناك ضرورة لتغيير الخطاب الفكري الثقافي ليتواءم مع المستجدات ومتطلبات العصر الذي نعيش، مؤكدا ضرورة الشروع في مناقشة وبحث مستفيض لآليات تسويق المنتج الثقافي بما يخدم المرحلة الحالية التي تمر بها المنطقة برمتها.
وأكد أن المؤتمر يسعى إلى الخروج بنتائج وتوصيات محكمة وقابلة للتحقيق تخدم المشهد الثقافي المحلي، مشيرا إلى أن المؤتمر يركز بشكل أساس على عدة مواضيع ذات صلة مباشرة بالوقع الثقافي منها الثقافة في خدمة المجتمع، والدور الملقى على عاتق وزارة الثقافة في خدمة المشهد الثقافي، والقطاع الخاص والمسؤولية الاجتماعية، والخطاب الثقافي وتعدد المنابر.
ويبحث المؤتمر كذلك وفق حياصات السياسات الثقافية كمحور رئيس، من حيث التشريعات الثقافية والهيئات الثقافية.
وقال، إنه آن الأوان للنهوض بالعمل الثقافي وإيجاد آليات للتحول في أداء هذه الهيئات لتواكب التغيرات الاجتماعية والتقنية والتكنولوجية وتطوير المنتج الثقافي بما يتماشى والحداثة وآليات التواصل الحديثة في ضوء المتغيرات المتسارعة.
ويشارك في المؤتمر الذي يعقد يستمر يوما واحدا، عدد من الخبراء والأكاديميين والفنانين والإعلاميين.
وفي ختام حفل الافتتاح، كرم راعي المؤتمر رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز الداعمين والمشاركين في المؤتمر.