مرايا – أشاعت المصافحة التي حصلت في حديقة البيت الأبيض إيذانا بالتوقيع على أول اتفاقات اوسلو التاريخية، الأمل بأن السلام بين اسرائيل والفلسطينيين أصبح قريباً… ولكن وبعد 25 عاما تبخرت هذه الآمال.
ولن يحتفل الاسرائيليون او الفلسطينيون بذكرى توقيع الاتفاق في 13 أيلول/سبتمبر 1993 والذي رمزت اليه المصافحة الشهيرة بين اسحق رابين وياسر عرفات، بينما يرى كثيرون أن العملية لم تكتمل أو أنها كانت تعاني من العيوب منذ البداية.
ولكن بالنسبة للذين يعتبرون أن قيام دولة فلسطينية جنبا إلى جنب مع اسرائيل هو الحل الوحيد القابل للتنفيذ، فإن انقاذ عملية السلام وإنجازات اتفاقات اوسلو – الاتفاق الثاني وقع في 1995 – أصبح الآن ملحاً أكثر من أي وقت مضى.
ويقول الفلسطيني غيث العمري الذي كان يدرس في الأردن في ذلك الوقت وأصبح الآن عضوا في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ‘لقد كانت تلك لحظة حاسمة بالنسبة للعديد منا’، مضيفا ‘شاع أمل كبير. ربما كان أملا ساذجا ولكن مع ذلك كان أملا كبيرا’. والعمري، الذي عمل مستشارا للمفاوضين الفلسطينيين في محادثات لاحقة، ليست لديه أوهام بشأن الوضع الحالي لعملية السلام.
وقال لوكالة فرانس برس ‘على المدى الطويل لا يوجد حل سوى حل الدولتين.. وعلى المدى القصير ليست هناك أي فرصة لحدوث ذلك’.
ويتفق كثيرون مع العمري، مشيرين إلى اتجاه اسرائيل المتزايد نحو اليمين، وضعف القيادة الفلسطينية، والخطوات التي يقوم بها الرئيس الاميركي دونالد ترامب.
– ‘صفقة القرن’ –
وتعهد ترامب بالتوصل إلى ما وصفه ‘صفقة القرن’ في عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين، إلا أنه لم يؤكد التزامه بحل الدولتين الذي كان لسنوات عديدة محور الدبلوماسية الدولية.
ووقف الى جانب إسرائيل بشأن قضايا رئيسية في النزاع مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، من دون ان يطالبها بأي تنازلات.
وأبهجت هذه الخطوات سياسيي اليمين الاسرائيليين الذين يعارضون قيام دولة فلسطينية ويقولون أن اتفاقات اوسلو لن تؤدي سوى الى انتفاضة فلسطينية جديدة والمزيد من العنف.
ولكن الفلسطينيين الذين قطعوا اتصالاتهم مع البيت الابيض، يقولون أن اسرائيل لم تلتزم بالاتفاقات خصوصا بسماحها لمئات آلاف المستوطنين بالعيش في الضفة الغربية التي تحتلها منذ 1967.
ولا تزال القيادة الفلسطينية منقسمة بين حركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس (83 عاما) وحركة حماس الاسلامية التي تسيطر على قطاع غزة وترفض الاعتراف بإسرائيل.
ويرى المؤرخ الاسرائيلي المعروف بيني موريس أن اسرائيل مخطئة في التحول إلى اليمين، ولكنه يعتقد أن الفلسطينيين ليسوا مستعدين لقبول حل الدولتين تماما.
ويقول ‘أعتقد أن شيئا يجب أن يحدث في قيادتي الشعبين.. فعلى الاسرائيليين التخلص من هذه القيادة غير القادرة على التحرك بشأن السلام وغير القادرة على تبني صيغة الدولتين كأساس للسلام’. ولكن على الفلسطينيين ‘التخلص من قيادة حماس، كما أن قيادة فتح تتظاهر بأنها تريد السلام ولكنها لا تريده في الحقيقة’.
– ‘لست متفائلا كثيراً’ –
وينص اتفاق اوسلو 1993 على أن الوقت قد حان لإنهاء عقود من المواجهات والنزاع والعمل من أجل العيش في تعايش سلمي.
ورغم أن الاتفاق لم يتطرق بشكل خاص إلى إقامة دولة فلسطينية، إلا أنه أدى إلى آليات للحكم الذاتي، ومن بينها إنشاء السلطة الفلسطينية.
وفي إطار الاتفاقات، اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل، فيما اعترفت اسرائيل بالمنظمة كممثل شرعي للفلسطينيين. وكان ذلك بحد ذاته إنجازا كبيرا في ذلك الوقت بعد عقود من العداء.
في 1994، حصل رئيس الوزراء الاسرائيلي في ذلك الوقت رابين والرئيس الفلسطيني الراحل عرفات ووزير الخارجية الاسرائيلي الاسبق شيمون بيريز على جائزة نوبل للسلام مجتمعين. ولكن منذ ذلك الوقت، حدثت الكثير من المآسي في العلاقة بين اسرائيل والفلسطينيين.
فقد تم اغتيال رابين بيد متطرف يميني في 1995، وانتهت الفترة الانتقالية التي مدتها خمس سنوات بموجب اتفاق اوسلو والتي كان من المقرر أن تؤدي الى تسوية نهائية دون التوصل إلى أي اتفاق.
واندلعت انتفاضة فلسطينية ثانية في 2000. ومنذ سيطرة حماس على قطاع غزة في 2007، شنت اسرائيل ثلاث حروب على القطاع.
وتضاعف بناء المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية على أراض يعتبرها الفلسطينيون جزءا من دولتهم المستقبلية.
ويعيش نحو 600 ألف مستوطن اسرائيلي حالياً في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة التي يعتبرها الفلسطينيون عاصمة دولتهم المستقبلية.
ويرأس بنيامين نتانياهو حاليا ما يعتبر أكثر الحكومات الاسرائيلية يمينية. ويرغب أعضاء رئيسيون في الائتلاف الحكومي أن تصبح معظم أراضي الضفة الغربية جزءا من إسرائيل رغم التحذيرات من أن ذلك قد يقود الى ‘فصل عنصري’ للفلسطينيين هناك.
ولا يزال موريس الذي أمضى معظم حياته يوثق للنزاع، يعتقد أن حل الدولتين هو الحل الوحيد، ولكنه يعترف أنه ليس متفائلا.
ويقول ‘في الحقيقة لا أعلم .. كنت اعتقد أن ذلك سيتحقق، والآن أنا لست متفائلا كثيرا بشأن ذلك’.