* المعشريستخدم الترهيب وقلب الحقائق والرزاز يسعى لفرصة ثقة
* الحمدالله نصح الرزاز بعدم الاستماع لصندوق النقد وعرض تجربته في خفض الضريبة
* حوار المحافظات رفع القلق الشعبي بدل تخفيضه
* الفريق الحكومي قاصر عن الحوار واستخدم معادلة مقلوبة في شرح القانون
مرايا – عُمر كٌلّاب – لا تحتاج الطبقة الوسطى الى من يشحذ همتها في القلق من قانون الضريبة الجديد , بعد ان قدم نائب رئيس الوزراء رجائي المعشر كل موجبات القلق من هذا القانون في مجمع النقابات المهنية آخر معاقل الطبقة الوسطى في الاردن , خلال حواريته مع مجلس النقباء الذي سبق وان قاد الهجوم الاول على القانون ابان حكومة الدكتور هاني الملقي واسفرت تلك الهجمة عن رحيل حكومة الملقي وسحب القانون بوعد التعديل والتطوير .
القلق الشعبي تتم تغذيته بتضارب التصريحات الحكومية وتناقضها , فبعد خطاب وازن وعقلاني من الرئيس عمر الرزاز على برنامج ستون دقيقة الذي يبثه التلفزيون الاردني , ربط الرجل فيه بين مشروع قانون الضريبة وثلاثيته الاصلاحية ” الجانب السياسي والدورة الاقتصادية ومحور التكافل الاجتماعي والخدمات ” – من وجهة نظره – كان المعشر يكرّس خطاب المؤسسة التقليدية التي نجحت معاولها البشرية في تعميق الفجوة بين الشارع والقرار الرسمي , حين برر في معرض اجابته عن اسرار عدم رفع الضريبة على قطاع البنوك , بالخشية من عكس هذا الرفع على المواطن الاردني وحسب قوله فإن 66% من الشعب الاردني مقترض من البنوك .
اجابة المعشر أحيت بالقطع كل الهواجس التي تناقلتها الالسن عن القانون وبانه يستهدف كل الشرائح وليس الاغنياء فقط كما قال رئيس الورزاء عمر الرزاز , ودون شك فإن المعشر لم يقع في زلة لسان او سوء تعبير , فهو اقتصادي وازن ومصرفي عريق , ويعلم يقينا ان ضريبة الدخل ليس لها علاقة بضريبة الخدمة او الضريبة على السلعة , حيث يتم احتساب ضريبة دخل المؤسسات والشركات على الارباح وليس على الدخل نفسه , فلماذا اذن تنعكس تلك النسبة على المواطن ؟
تضارب التصريحات الحكومية وبؤس ادارة ملف قانون الضريبة خلق للقانون اعداء يفترض انهم اصدقاء للقانون , فالمحافظات الفقيرة صديقة للقانون بالضرورة وكان الاصل ان يتم شرح منافع القانون وفوائده للمحافظات ولكل فرد غير خاضع للقانون , ومدى تحسن الخدمات وفرص العمل في تلك المحافظات التي تشكو تاريخيا من سوء توزيع الثروات والمكاسب بين المحافظات حال اقرار قانون الضريبة , وهذه النقطة لم يتم القاء الضوء عليها من الفرق الحكومية الجوالة في المحافظات التي تقوم بالتجوال لشرح القانون في جولات اقرب الى جولات الكشافة وليس جولات الحكومة .
ربط تمرير القانون وتبريره بهذه النسب وهذه الجداول الرقمية يحتاج الى فريق متماسك وليس الى فريق حكومي رثّ , لا يمتلك ادوات التواصل مع الشارع , وسلوكه يشي بأنه قاصر عن فهم نظرية رئيسه الثلاثية التي شرحها بتوازن خلال لقائه التلفزيوني , فقانون الضريبة ليس قانون ضريبة مبيعات او رسوم على السلعة حتى ينعكس اثره على المواطن بشكل سلبي , فشركات الاتصالات والبنوك تدفع نسبة من ارباحها ترتفع كلما ارتفعت الارباح وكذلك الطبيب والمحامي والبنوك , ورأينا في كل دول العالم ان ضريبة الدخل هي الاكثر عدالة بين كل الضرائب بحيث تأخذ من الغني للفقير وليس العكس كما يقول المعشر وكما يروج الوزراء .
المسكوت عنه او الغائب في مناقشات الضريبة , ان ثمة تصفية حسابات بين المؤسسة التقليدية ومنهجية تشكيل الحكومة برئاسة شخصية من طراز الرزاز , الذي يحمل وجهة نظر متماسكة في الاصلاح والتطوير قابلة للاختلاف والتأييد , لكنها ليست قابلة للتخوين او الاتهام بأنها اجندة مستوردة او مفروضة , كما غمز المعشر وبعض الوزراء من قناة قانون الضريبة المفروض من صندوق النقد الدولي , الذي لم تمتلك الدولة ارادة في معاكسة اوامره ووصفاته في مثلبة تسجل على كل اركان الدولة وليس على الحكومة فقط , فمحاولات الربط التطابقي بن الرزاز والصندوق تحمل رائحة مريبة وكأن مفاصل المؤسسة التقليدية التي رهنت الاردن كله لصندوق النقد تسعى الى الصاق التهمة بالرجل وتبرئة نفسها .
خلال زيارته الاخيرة الى العاصمة عمان قال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله ناصحا الحكومة الاردنية ” انه ادار ظهره لوصفات صندوق النقد وقام بتخفيض الضرائب على القطاعات التجارية والمصرفية ونجح في تحقيق عوائد اقتصادية فاجأت الصندوق نفسه , مما دفع الصندوق الى اعادة تقييمه للاقتصاد الفلسطيني ومنحه شهادات ايجابية ” , نصيحة الحمدالله يجب التوقف عندها وقراءتها بهدوء بعد ان اثبتت التجارب ان وصفات الصندوق لا تحمل الخير للدول وتحديدا النامية , والرزاز ينتمي الى مدرسة الحمدالله تقريبا وبالتالي يمكنه الاستئناس بتجربته .
قانون الضريبة تمت معالجته بطريقة مقلوبة , حيث رفعت الحكومة من درجة القلق الوطني اولا حين حاورت غير الخاضعين لبنوده واقصد حوار المحافظات بدل حوار دافعي الضريبة وبث تلك الحوارات مباشرة للناس وبعدها تقوم بشرح العوائد والفوائد للناس حال تطبيق القانون , اذا كان القانون معلنا باهدافه الحقيقية ودون مسكوت عنه , ويبقى سؤال ليس برسم القلق والوجع بل برسم الوطن , هل ثمة مسكوت عنه في قانون الضريبة ؟ اجابة الحكومة واجابة الرزاز العملية هي مربط الفرس في استرداد الثقة من عدمها , فالثقة في ادنى مراتبها والوضع يبعث على القلق ومخطئ من يقول عكس ذلك .