مرايا – عمر ُكلّاب
لو كنت مكان الحراك الاردني , لاوقفت الحراك الشارعي مؤقتا , اولا احتراما للاخوة النصارى الذين يحتفلون بأعيادهم المجيدة , ومن حقنا جميعا ان نشاركهم فرحهم بالاعياد , وهي خطوة وطنية بإمتياز من اجل ارسال رسالة واضحة للجميع بأن الحراك الذي يحمل مطالبا في الشأنين السياسي والاقتصادي , يحمل رسالة اجتماعية للسلم الأهلي والمجتمعي وهو حراك شعبي يراعي المشاعر الدينية والاجتماعية لمكون وطني .
الجزء الثاني من اعلان التوقف المؤقت هو جزء سياسي وتنظيمي , يستهدف اعادة تنظيم الخطوة الشعبية على ايقاع الاستجابة الحكومية والرسمية لمطالب الحراك الشعبي وشبابه المفعمين وطنية وحرصا , حيث يلتقي نُشطاء الحراك وقيادته مع التكوينات السياسية والنقابية لوضع صورة سياسية لبرنامج اصلاح وطني عميق مربوط ببرنامج زمني واضح المعالم والتفاصيل , وأظن دعوة الشيخ سالم الفلاحات في مقاله المنشور على احد المواقع العربية أمس يستحق التوقف عنده ومناقشة مضامينه وعكسها برنامج عمل , بعد استجابة الحكومة لمطلب العفو العام واعادة المتهم عوني مطيع .
الخطوة التنظيمية واجبة على الحراك , بعد ان دخل في الحراك مجموعات غير حراكية ولا تنتمي الى فكرة الحراك الشعبي ومقاصده , ليس على المستوى الطبقي والسياسي فقط , بل على المستوى الوطني , فالصدام مع الاجهزة الشرطية والدركية ليست سلوكا حراكيا على الاطلاق , خاصة وان الاجهزة الشرطية والدركية ومعها الجيش والاجهزة الامنية , يعانون معاشيا من الواقع الاقتصادي المرير , ويعانون اكثر مما نعاني ربما بحكم ظروف عملهم الصعبة والعائد المالي المحدود جدا , مع عدم مقدرتهم على ممارسة اي عمل آخر بحكم القانون .
كذلك بات واضحا لمن يرغب في الرؤيا , تحسن مقدار الاستجابة الرسمية لمطالب الشارع الشعبي , ولمطالب الحراك الوطني الذي يحمل اوجاع الشارع ويطلقها شعارات في مسيراته وتجمعاته , لكن الحراك اليوم بحاجة الى تنظيم وتوحيد للصفوف على اسس سياسية وطبقية اولا ثم التحالف مع القوى الوطنية الاخرى من نقابات واحزاب سياسية راغبة في الاصلاح , وكما قال الشيخ سالم الفلاحات ليس على اسس ابوية او سلطوية من الاحزاب والنقابات على الحراك الوطني الذي انتزع شرعية وجوده بيديه العاريتين وشعاراته الوطنية الصادقة , فأصحاب الشعارات الخادشة للادب الوطني و السياسي لم تصدر عن الحراك الوطني ولكنها صدرت من فئات حاولت خطف الحراك ولكنها فشلت بفعل تصدي شباب الحراك انفسهم واظن ان الشاب الحراسيس مثال صارخ على ذلك .
الأمل بات موجودا وبشائر الانجاز الوطني قريبة جدا , ليس على المستوى الاقتصادي ربما لأن ذلك بحاجة الى جرأة سياسية وقوانين اصلاحية حقيقية , يستطيع الحراك جعلها واقعا إذا امتلك التأطير الجيد والشعار البرامجي والتحالف السياسي الناضج , والشوارع لن تغادر والميادين لن ترحل خارج الديار , لكن الفرصة التي نعيشها اليوم فرصة لم تسنح منذ سنوات طويلة وحجم الاستجابة الرسمية لم يتحقق منذ وقت اطول ربما .
هناك بيئة سياسية محروسة بالشباب الحراكي الصادق وهناك تعاطف وتفاؤل شعبي بهذا الجيل الشاب الذي نجح في إسماع صوته للدنيا رغم كل الالم وكل الظروف الاقتصادية الصعبة ونجح اكثر في الحفاظ على البلاد والعباد , وهي فرصة سانحة لالتقاط الانفاس وترك الساحات لاخوتنا النصارى كي يمارسوا احتفالهم وعيدهم بكل الق وفرصة للحراك كي يبدا اجتماعاته ووضع برنامجه وفتح حوار وطني شامل برعايته هو لأنه يمتلك الموثوقية ويمتلك الحضور الشعبي والوطني , وأظن ان كثيرا من الاحزاب جاهزة وكذلك النقابات والشخصيات الوطنية .
كل عام والاشقاء النصارى بكل خير والوطن بكل قوة وثقة والشعب العظيم بكل امن وسلام , والشباب الاردني بكل عافية ونضارة والجيش والعرش بالف خير .