مرايا – مع دخول الإغلاق الجزئي للحكومة الأميركية يومه الـ 28، تحتدم الخلافات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في البلاد، وتتصاعد حدة الاتهامات بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقادة الحزب الديمقراطي.
ومن المنتظر أن يصدر عن ترامب، “إعلان مهم” يتعلق بالإغلاق الحكومي، بحسب ما ذكر في تغريدة على موقع تويتر، وهو الأمر الذي امتنعت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، عن ذكر مزيد من التفاصيل بشأنه، وفق ما ذكرت رويترز.
أسبوع خامس يبدأ.. وأزمة الجدار تراوح مكانها
وتعود جذور المشكلة إلى رفض الرئيس الأميركي التوقيع على قانون الموازنة الذي لم يتضمن خطته لإنشاء جدار حدودي مع المكسيك، لتتفجر معركة سياسية بين ترامب والديمقراطيين، يتمسك فيها رئيس البلاد بتخصيص ميزانية تبلغ 5 مليارات دولار لتمويل الجدار.
ويطالب نواب الحزب الديمقراطي بتخصيص الميزانية لأمن الحدود وتوظيف قضاة جدد للنظر في قضايا الهجرة المتراكمة، وإجراء تحسينات في موانئ عدد من الولايات وليس لبناء الجدار.
ترامب في مرمى نيران الديمقراطيين
وفي إطار المزيد من الأزمات التي طالت ترامب، اتهمت رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، الجمعة، الرئيس بـ”تعريض القوات الأميركية والمدنيين العاملين في أفغانستان للخطر” عن طريق إعلان زيارة كان أعضاء بالكونغرس يعتزمون القيام بها إلى البلد الذي تمزقه الحرب.
ومنع ترامب بيلوسي المنتمية للحزب الديمقراطي، الخميس، من السفر إلى أفغانستان على متن طائرة عسكرية، وذلك بعد أن منعت إدارته الجمهورية، سفر جميع أعضاء الكونغرس على طائرات تملكها أو تشغلها الحكومة طوال فترة الإغلاق.
وكان مكتب بيلوسي يستعد لقيامها بالزيارة على متن رحلة تجارية وهي فكرة طرحها ترامب نفسه، لكنه أعلن صباح الجمعة تأجيل الزيارة، لأن الإدارة سربت تفاصيل قد تعرض الرحلة أو القوات التي كانت رئيسة مجلس النواب تعتزم زيارتها للخطر.
وتعليقا على الحادثة، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض: “إن الإدارة تحاول فقط إبقاء بيلوسي في الولايات المتحدة بحيث يمكن إجراء مفاوضات تهدف لإنهاء الإغلاق الجزئي الأطول في التاريخ الأميركي”.
وأشارت إلى أنه من “المخزي” أن تتهم بيلوسي ترامب “بتعريض أي حياة للخطر”.
أما رد الديمقراطيين على قرار المنع، فأوضح أنه “لا توجد مفاوضات جارية”، وقال درو هاميل، المتحدث باسم بيلوسي: “لم نتلق أي طلب للاجتماع من البيت الأبيض”.
وأمام مجموعة من الصحفيين في مقر الكونغرس، قالت بيلوسي: “تلقينا تقريرا من أفغانستان بأن الرئيس بالإعلان عن زيارتنا جعل الوضع على الأرض أكثر خطورة لأن هذا كان إشارة إلى الأطراف الخبيثة على أننا قادمون”.
وأضافت: “نحن لا نعلن مسبقا أبدا أننا ذاهبون إلى منطقة قتال. لا نفعل ذلك أبدا. ربما قلة خبرة الرئيس وراء عدم فهمه هذا البروتوكول. كان ينبغي على من حوله أن يعرفوا ذلك لأنه شديد الخطورة”.
ونفى مسؤول في البيت الأبيض طلب عدم نشر اسمه أن تكون الإدارة الأميركية سربت خطط رحلة بيلوسي، وقال: “عندما تقرر رئيسة مجلس النواب ونحو 20 آخرين من الكونغرس الحجز على متن رحلات تجارية إلى أفغانستان فسوف يكتشف العالم ذلك”، وفق ما نقلت رويترز.
كذلك ألغى ترامب بحسب بيان للمتحدثة باسم البيت الأبيض، الجمعة، رحلة وفد الولايات المتحدة إلى المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا الأسبوع القادم بسبب الإغلاق الجزئي للحكومة.
“إحقاق العدالة في خطر”
ومع تصاعد حدة الأزمة، ألقى الإغلاق الجزئي للحكومة بظلاله على “قدرة الحكومة على إحقاق العدالة في الولايات المتحدة”، وفق ما ذكر الموظفون المكلفون التحقيقات القضائية الفدرالية، الجمعة، بحسب وكالة فرانس برس.
وأفادت جمعية مساعدي المدعين العامين الأميركيين أن هؤلاء القانونيين والمحامين الستة آلاف تقريبا يواصلون العمل بمعظمهم بدون تقاضي رواتبهم، موضحة أنه بمعزل عن “عواقب الإغلاق البالغة على حياتهم، فهذا ينعكس بشكل متزايد على عملهم”.
وأعلنت الجمعية في بيان أن “قدرة الحكومة على إحقاق العدالة باتت مهددة بفعل الإغلاق الحكومي”، مشيرة إلى أن “نقص الأموال المخصصة للتنقلات مثلا، يحد من قدرة العملاء الفدراليين والمدعين العامين على إجراء مقابلات مع ضحايا جرائم وشهود”.
وخلصت الجمعية إلى أن “التحقيقات الجنائية وعمل هيئات المحلفين الكبرى تتباطأ، فيما يبقى المجرمون طليقين”، داعية الرئيس الجمهوري والنواب الديموقراطيين إلى تخطي خلافاتهم.
تداعيات خطيرة
وتسبب الإغلاق الجزئي للحكومة، في توقف نحو 800 ألف موظف فدرالي عن العمل أو عدم تلقيهم رواتب.
وبدأت علامات الضجر والتململ تظهر على هؤلاء الذين يعملون دون أجر، إذ بات الكثير منهم يدعي الإصابة والمرض، حتى لا يذهب إلى عمله، وفق ما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير لها.
أما الوزارات الحكومية المتضررة فهي: الزراعة والتجارة والأمن الداخلي، وزارة الإسكان والتنمية الحضرية، والداخلية والعدل والنقل والخزانة ووكالة حماية البيئة.
وتوقفت إدارة الغذاء والدواء عن عمليات التفتيش الروتينية للتأكد من سلامة المأكولات البحرية والفواكه والخضراوات المعرضة لخطر التلوث، كما امتنعت عن قبول طلبات الموافقة على الأدوية الجديدة.
وبسبب قلة الموظفين العاملين في هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، تضررت عمليات مراجعة الدمج والاستحواذ، كما تم تعليق التحقيقات في مخالفات الأوراق المالية.
وأغلقت وزارة الزراعة مكاتب وكالة خدمة المزارعين، وأجلت تقديم طلبات التعويض للمزارين المتضررين من آثار التعريفات الجمركية الصينية.
وطال الإغلاق الحكومي أيضا المعرض الوطني للفنون في العاصمة واشنطن، الذي أغلق أبوابه في وجه الزوار.
ومن ناحيتها، علقت هيئة الاتصالات الفيدرالية المسؤولة عن الاتصالات السلكية واللاسلكية والإعلام معظم عملياتها، بما في ذلك في معالجة شكاوى المستهلكين.
وتوقف وزارة الداخلية عن قبول طلبات الحصول على المعلومات وفقا لقانون حرية المعلومات الجديدة.
وفي ملف الأمن، فقد يطال الإغلاق الحكومي رواتب موظفي خفر السواحل الذين يتلقون رواتبهم من وزارة الأمن الداخلي، الأمر الذي ينذر بخطر كبير في حال استمر الإغلاق الحكومي ولم تتمكن الوزارة من تأمين رواتب لهم في المدى المنظور.