مرايا – الدكتور حازم الناصر – انتقد وزير المياه السابق الدكتور حازم الناصر شمول سارقي المياه بالعفو العام الذي أقره مجلس النواب أمس الاثنين.

وتاليا ما كتبه الدكتور حازم الناصر تحت عنوان “معقول العفو العام يشمل إعفاء سُراق المياه”:

لن أكتب كثيراً عن أهمية المياه بالنسبة للأردن والتحديات الاستراتيجية والأمنية التي تواجه الأردن من حيث نقص الموارد المائية وانعكاساتها على حصة الفرد الأردني من المياه ونتائجها من حيث انقطاع المياه وتوفرها صيفاً ولن أكتب عن مستقبل القطاع في ظل الضائقة المالية التي تعاني منها البلد ولن اُذكر باننا أصبحنا ثاني أفقر دولة بالمياه على مستوى العالم والذي أصبح معروفا لنا جميعاً وخاصة المواطن الأردني العادي…….. ولكنني سأكتب بشراسة ودون هوادة عن اعفاء من سَولت لهم أنفسهم الاعتداء على مياه الأردنيين دون أي نظرة رحمة لمن تنقطع عنهم المياه في “أيام القيض” والحر اللهيب. ولأنني لست من المزايدين ولا أرغب بالمزاودة على مجلس النواب والذي تشرفت يوماِ بأن أكون أحد أعضائه (المجلس الخامس عشر) وطالما طالبت بالإبقاء على هيبته ودعمه حسب نصوص دستورنا العظيم وذلك لأنه يشكل مع سلطات الدولة الأخرى السترة الواقية من الرصاص لنا جميعاً.

اتفهم شمول بعض القضايا بالعفو العام والشكر لصاحب القلب الكبير جلالة الملك عبداللة الثاني ابن الحسين المعظم (حفظة الله ورعاه) على اهتمامه بإصدار العفو لبعض القضايا التي لها جانب انساني واجتماعي وهي شيم الهاشميين التي تعودنا عليها دائماً. اتفهم وادعم اعفاء قروض الطلبة الجامعيين الذين تقطعت بهم السبل بسبب سياسات التعليم العالي. اتفهم واشدد على اعفاء الغارمات …. واتفهم …واتفهم ……

ولكن لا اتفهم اعفاء سٌراق المياه لأنني لا افهم الرسالة من وراء هذا الاعفاء. هل الرسالة لأبناء شعبنا بان سيادة القانون وهيبة الدولة في موضوع المياه لم تعد مهمة كمت كانت قبل عدة أعوام وان إعادة الفوضى لقطاع المياه ليست من أولويات الدولة لاسيما وان الحكومة لم تضع أصلا قطاع المياه من ضمن أولويات برنامجها الاستثماري للأنفاق!! . اخذين بعين الاعتبار بان هذا الاعفاء سيحرم سلطة المياه من عشرات الملايين من الدنانير .
هل نقول لمرتبات ونشامى قطاع المياه والداخلية والامن العام والدرك “جزاهم الله خيراً” والذين تعرضوا للتهديد وإطلاق العيارات النارية ومنهم من استشهد ومنهم من جُرح ومنهم من ضرب ومنهم من تعرض للابتزاز شخصياً وعائلياً باننا أصبحنا أصحاب مع سُراق المياه “ويا دار ما دخلك شر”. ماذا سيقول مسؤولو المياه لكوادرهم الميدانية في مرحلة ما بعد الاعفاء فيما يخص سرقات المياه والحفر المخالف، اعتقد ان وضعهم سيكون حرج مع علمي ويقيني بان مسؤولي قطاع المياه لن يكونوا يوما مع اعفاء سُراق المياه لأنهم لن ينسوا يوما ما التعب والمصاعب للحفاظ عل ثروتنا المائية من العبث والدمار. ويعلموا كذلك بان التسامح بسرقات المياه يعني وبكل بساطة بان الأردنيين سيعانون من قلة وصول المياه لان غيرهم تحت بند “القانون لا ينطبق عليهم” قد قاموا بسرقة مياه غيره دون حسيب او رقيب. علماً بان سُراق المياه ليس من الفقراء او محدودي الدخل بل يعتقدون بأنهم من أصحاب النفوذ “مع كرهي الشديد لهذا المصطلح”.
وهل سيقبل مجلس النواب الموقر رد وزارة المياه خلال الصيف القادم على مداخلات أصحاب السعادة النواب عندما تنقطع المياه عن دوائرهم الانتخابية “باننا لم نعد نسيطر على خطوط المياه بسبب كثرة الاعتداءات كنتيجة مباشرة للعفو العام لان سُراق المياه يأملون بعفو ثاني وثالث قادم؟؟!!

اعلم بان هذه المقالة ستجلب لي المزيد من “وجع الرأس” ولكن الموضوع من الأهمية بمكان ولا يمكن السكوت عليه مهما كانت الأسباب. وفي النهاية فإنني اناشد أصحاب السعادة والمعالي أعضاء مجلس الاعيان الموقر برفض هذا التعديل لان التاريخ لن يرحم من عبثوا بكاس شرب مياه الأردنيين

والله من وراء القصد