مرايا – أصبح الترقب سمة آلاف الأسر الفلسطينية في قطاع غزة خاصة، بسبب الظروف الاقتصادية التي تعيشها، والتي تتراوح بين الحصار الإسرائيلي، والحصار الذاتي الذي تمارسه السلطة الفلسطينية على الموظفين، من قطع رواتب وخصومات، ناهيك عن تفشي البطالة.
المواطن بلا عمل والموظف بلا راتب، والبيوت بلا مواد تموينية، والسفير القطري محمد العمادي أصبح النجم الذي ينتظره كثيرون وأعينهم تتجه صوب شنطة المال التي يحملها وفيها حوصرت آمالهم.
وصل العمادي قطاع غزة الأسبوع المنقضي حتى يُموِن أكثر من 100 ألف أسرة، بواقع 100 دولار للأسرة الواحدة.
ارتص المواطنين في صفوف تحت أشعة الشمس الحارقة أمام مكتب البريد قبل الإعلان الرسمي عن وصول العمادي، فحاجة أطفالهم جعلتهم لا يأبهون بشيء.
المواطن سمير القصاص يمسح ندى جبينه بدون ريق يبتلعه، يقول بصوت مُتعب:” أقف هنا وفي هذا الوقت وأنا صائم لأن صاحب السوبرماركت الذي أستدين منه يقف يومياً أمام بيتي يطالبني بنقوده المستدانة”.
يتحدث القصاص عن فصول معاناته باقتضاب: ” المائة دولار لن تجلب لبيتي ما يشتهونه أطفالي، وسأعود إليهم كما كل مرة دون طلباتهم التي يدونوها لي كل يوم دون استجابة”.
القصاص يطالب بأن يكون المبلغ أكثر من الذي يستلمونه حتى يتسنى له جلب احتياجات أسرته المختلفة , والتي لا تقضيها المائة دولار.
ويتفق المواطن سليم العباسي من خانيونس مع سابقه، ويضيف على حديثه: ” نتمنى أن يكون توقيت صرف المساعدات في وقت مغاير عن وقت سطوع الشمس، خاصة أن أعداد المنتظرين كبيراً والطوابير طويلة”.
وبعد أن شاهد المواطن إبراهيم حسن اسمه مدرجاً ضمن القائمة هرع إلى البريد في مدينته، سعيداً وكأنه وجد كنزاً على حد قوله”.
يقول حسن:” المبلغ الذي سأستلمه اليوم والبسيط جداً سيكفي هذه القائمة من الطلبات التي كنت أحكم عليها بالتأجيل، لأن جيبي فارغاً من شيكل واحد”.
العامل حسن والذي أصبح بدون عمل بسبب ظروف قطاع غزة، يئس من تحسن ظروفه، يضيف: “أصبحت جل أمانينا أن يزورنا العمادي أكثر من مرة ويساعدنا، لأننا فقدنا ثقتنا في رئيسنا والقيادة جميعاً”.
هل تعرفون ما معنى أن تقوم زوجتك بتسخين طبق العدس أكثر من مرة في الأسبوع لأطفالك؟ يختم المواطن حسن حديثه”.
وتحتمي أم أنس من خانيونس بقبعة ظنت أنها ستحجز عنها أشعة الشمس التي حرقت قلبها بسبب وقفتها أمام البريد، لأن زوجها لا يقوى على الوقوف، وقالت بلغتها العامية: “ما رماك على المر إلا الأمر منه”.
” لا يوجد في بيتي أي أساسيات حتى الدقيق أطلبه من جيراني، إلى متى سيتحملون طلباتي؟”.
ويطالب آخرون بتنظيم الطوابير كعمل أكثر من فرع للبريد، مع توفر وسائل لحمايتهم من حرارة الشمس الحارقة.
ويسخر الحاج سعيد أبو هلال من السؤال هل هو سعيداً بمساعدة العمادي له ويقول:” من العمادي مائة دولار، ومن السعودية كيس لحمة، ومن عباس العقاب!”.
وتساهم أيادِ عديدة في رفع المعاناة عن كاهل المواطن في قطاع غزة من خلال ما تقدمه من مساعدات متنوعة سواء توزيع السلات الرمضانية أو من خلال الافطارات الجماعية لهم.
وبرز دور التيار الإصلاحي في حركة فتح في تقديم المساعدات، من بداية شهر رمضان، ولاقت طريقة عملهم استحسان المواطنين لأنها حفظت ماء وجوههم بعيدا عن عدسة الكاميرات التي اعتمدتها جمعيات كثيرة لاقت الاستياء من الكل الفلسطيني.
وكان النائب جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار المؤسسات الإغاثية العربية والإسلامية والدولية، طالب بتوجيه دعم عاجل لإغاثة الأسر المعوزة في غزة خلال شهر رمضان، مُؤكداً أن “الاوضاع الاقتصادية والإنسانية تزداد صعوبة بسبب استمرار الحصار.
وحسب الخضري يعيش “85% من سكان قطاع غزة تحت خط الفقر ومعدل دخل الفرد اليومي بلغ دولارين يوميا، في أرقام صادمة لمعدلات الفقر والبطالة وغياب اَي أفق حقيقي ينهي المعاناة أو يخفف من آثارها”.
وفي تصريحات له أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، محمود الزهار إن المقاومة كانت رسالتها واضحة أنها “لن تقبل، ولن تسمح أن يجوع الشعب الفلسطيني، وألا يعالج وألا يتعلم وألا تضاء بيوته، وألا يأخذ رواتبه”.
وأوضح أن هذه الثوابت الحياتية اليومية لا يمكن التنازل عنها، مضيفاً: “الاحتلال يدرك هذه الحقيقة، ومن هنا نرى وجود استجابات”. “أمد للإعلام”