مرايا – تعد مشكلة البطالة في الاردن الهاجس الاكبر أمام الحكومات حيث ارتفعت النسب من 11% في عام 2010 لتصل الى 19% بحلول 2019، اما معدلات الفقر فما زالت الاحصائيات غير واضحة المعالم بخصوصها الا ان الارقام تشير الى ان 1.4 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر الرسمي.
وحسب تقارير دائرة الاحصاءات العامة بلغ معدل معدل البطالة خلال الربع الأول من عام 2019 (19.0%) بارتفاع مقداره 0.6 نقطة مئوية عن الربع الاول من عام 2018 الذي كان يمثل 18.7%.
هذا وقد بلغ معدل البطالة للذكور خلال الربع الأول من العام الحالي (16.4%) مقابل (28.9%) للإناث، ويتضح أنّ معدل البطالة قد ارتفع للذكور بمقدار 0.4 نقطة مئوية وارتفع للإناث بمقدار1.1 نقطة مئوية مقارنة بالربع الأول من عام 2018.
كما بينت النتائج أن معدل البطالة كان مرتفعاً بين حملة الشهادات الجامعية (الأفراد المتعطلون ممن يحملون مؤهل بكالوريوس فأعلى مقسوماً على قوة العمل لنفس المؤهل العلمي)، حيث بلغ 24.4% مقارنة بالمستويات التعليمية الأخرى.
ويقول خبير الاستثمار وادارة المخاطر الدكتور سامر الرجوب «الفقر والبطالة وجهان لعملة واحدة ويؤثران على بعضهما البعض ولا يمكن حل المشكلة إلا من خلال محاربة الفقر والتقليل من معدلات البطالة معاً فهي مشكلة غير قابلة للتجزئة».
ويتابع تعكس ارقام البطالة تراجع النشاط الاقتصادي منذ زمن طويل ودخوله في دوامة الركود، فالمعدل المستخدم حاليا للبطالة يستثني اعدادا كبيرة من المتعطلين عن العمل ممن فقدوا العزيمة على البحث عن عمل او غير القادرين على العمل نتيجة اعاقة حركية مثلا.
ويرى الرجوب ان التعريف الحالي لمعدل البطالة لا يفرق بين الوظائف المؤقتة والدائمة ويعتبرها جميعها ضمن القوى العاملة مما يجَمل الواقع ويخفي حجم المشكلة الحقيقي التي نعاني منها.
ويعلل الرجوب اسباب ارتفاع ارقام البطالة بوجود خلل واضح في توزيع مكتسبات التنمية على المحافظات والذي جعل الناتج المحلي الاجمالي يتركز مناطقيا وبشدة في المدن الرئيسية وعلى رأسها العاصمة عمان ويضعف بشدة ويتبعثر في باقي المحافظات التي ترتفع معها ارقام الفقر.
ويتابع هذا الخلل الهيكلي في توزيع مكتسبات التنمية يرفع اعداد المتعطلين عن العمل الى ارقام قياسية في المحافظات التي تبعد عن عمان ويرفع من المعدل العام التجميعي للبطالة ويعمق المشكلة مما يصعب معه حلها. ويلفت ان التراجع الاقتصادي دفع ارباب العمل الى البحث عن العمالة الارخص وتوظيف المزيد ممن يحملون مؤهلات اقل من الثانوية العامة على حساب المؤهلات الاعلى مما رفع معدلات البطالة الى اكثر من 58% لتلك الفئة.
ويشير الرجوب ان الاقتصاد الاردني بشكله وأدائه الحالي لا يمكن ان يستوعب اعداد المتعطلين عن العمل ولا يمكن ان يقضي او يخفف جذرياً من معدلات الفقر.
ويبين أن المتعطل عن العمل لا يستطيع ان يخلق دخلاً حقيقيا يساهم في تحسين مستواه المعيشي كما ان الوظائف المؤقتة (والتي تدخل ضمن تعريف العاملين ضمن الاحصاءات المحلية) لا يخلق الدخل الكافي لحياة كريمة وفي كلا الحالتين فإن مشكلة البطالة تضعف من الطلب الكلي وتدفع عجلة النمو الى الخلف، اما الفقر فهو عائق رئيس امام الباحثين عن وسائل لتوفير الدخل فلا يستطيع الفقير توفير الدخل الكافي لايجاد مصدر دخل ثابت ومستمر، ولا يستطيع الدخول في مشاريع.
ويبين الرجوب ان انتشار الفقر يؤثر سلبا على الحصول على التعليم او استمراره فيه مما سيؤثر لاحقا على فرص المتعطلين في النجاح في المشاريع التي يمكن ان توفرها صناديق تمويل الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر. ويؤكد ان البطالة ليست المشكلة انما هي انعكاس لأثر المشكلة الاكبر المتمثلة بطبيعة هيكل الاقتصاد الاردني الذي يتبنى الخدمات ويبتعد كل البعد عن الانتاج والتصنيع، وللبحث عن حلول لتخفيض البطالة يجب التفكير في تغيير النهج العام للسياسة الاقتصادية نحو الانتاج وبناء قاعدة صناعية تكون روافدها المهارات المهنية والتخصصات التقنية.
ويضيف كما ولا بد من تغيير شكل وطريقة التعليم في الاردن وخصوصا الجامعي لتحويلها الى بيوت خبرة يسمح لها بتملك وادراة المشاريع الصناعية والانتاجية والتكنولوجية، وبذلك تصبح الجامعات هي المختبر والورشة والمصنع.
الخبير الاقتصادي مازن ارشيد يقول تعد نسبة البطالة بحسب اخر تقارير دائرة الاحصاءات العامة الاعلى تاريخيا كما تشير البيانات المالية ان نسبة الفقر تجاوزت 14% وهذه ايضا تعتبر نسبة مرتفعة، فكلما ارتفعت نسبة الفقر ارتفعت نسبة البطالة.
ويشير ارشيد ان الاردن حسب التقارير تعتبر الاولى عربيا في الغلاء المعيشي وهي بالمقابل تحتل الرقم 28 عالميا بين 200 مدينة, وبالتالي كلما ارتفعت التكاليف المعيشية مع ثبات الدخل كلما تأكل الدخل وزادت نسبة الفقر.
ويتابع فارتفاع تكاليف المعيشة نتيجة ارتفاع الضرائب على المواد الاساسية والغذائية وزيادة الاعتماد على المحروقات مما يؤدي الى زيادة كلفة التشغيل وبالتالي تحاول بعض الشركات ان تقلص نفقاتها بعدم تجديد عقود العمال . الثلاثيني نضال عبد الحليم وهو متعطل عن العمل يقول ان مشكلة الفقر مرتبطة بشكل رئيسي بالبطالة فعدم توافر فرص عمل كافية بالاضافة الى قلة المشاريع المتاحة التي تستقطب طاقات الباحثين عن العمل يؤدي الى خلل في المنظومة الاقتصادية وانخفاض المستوى المعيشي للفرد مما يؤدي الى تفاقم مشكلة الفقر. جريدة الرأي