مرايا – أكدت ورقة بحثية إسرائيلية أن “الجمود السياسي مع الفلسطينيين ندفع ثمنه في علاقاتنا مع الأردن، رغم أن السياسة التي انتهجها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو طوال العقد المنصرم قامت على التفريق بين المسارين: العربي العام والفلسطيني الخاص، لكن الأزمة التي نعيشها مع الأردن بسبب استئجار المناطق الزراعية دليل جديد على خطأ هذا النهج، بعكس ما سعى إليه نتنياهو”.
وأضاف ليئور لاهارس في الورقة التي نشرتها صحيفة يديعوت أحرنوت، وترجمتها “عربي21” أن “توجه نتنياهو بالالتفاف على المسار الفلسطيني عبر الوصول لتطبيع العلاقات مع الدول العربية دون التقدم في العملية السياسية مع الفلسطينيين بات خاطئا، لأننا في هذه الأيام نحيي مرور 25 عاما على اتفاق السلام مع الأردن، والقراءة التاريخية تؤكد صعوبة الفصل بين الساحتين الأردنية والفلسطينية”.
وأشار لاهارس، الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الفلسطينية الإسرائيلية بمعهد ميتافيم للعلاقات الإسرائيلية الإقليمية، وخبير العلاقات الدولية بمعهد لاونارد ديفيس بالجامعة العبرية، إلى أنه “في 13 أيلول/ سبتمبر 1993 تم الإعلان عن اتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وبعد وقت وقصير في العام التالي تم التوقيع في حفل متواضع على اتفاق مثيل مع الأردن”.
وأكد أن “تفاصيل الاتفاق الأردني الإسرائيلي كانت جاهزة مسبقا، لكن الملك حسين أعاق التوقيع بانتظار التفاهمات الفلسطينية الإسرائيلية، مما يعني أن اتفاق أوسلو منح الضوء الأخضر للأردنيين للتوقيع على اتفاق مماثل مع إسرائيل”.
وأوضح أنه “بعد أسبوعين فقط من اتفاق أوسلو، عقد لقاء سري بين الملك حسين ورئيس الحكومة الإسرائيلية إسحاق رابين، وفي نوفمبر من ذات العام بدأ الحسين مع وزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريس البحث في تفاصيل الاتفاق، لكن الحسين بقي حذرا، وأصر أن تكون اللقاءات سرية، حتى أيار/ مايو 1994 حين بدأ الانسحاب الإسرائيلي من غزة وأريحا، حينها أعطى الملك الضوء الأخضر على علنية اللقاءات مع الإسرائيليين”.
وأكد أنه “في 25 يوليو وقع رابين والحسين على تفاهمات واشنطن التي نصت على إنهاء حالة الحرب بينهما، وفي 26 تشرين الأول/ أكتوبر تم التوقيع بصورة نهائية على اتفاق السلام، ومنذ البداية كان الرابط وثيقا بين الساحتين الفلسطينية والأردنية، وبعد أن دخل الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي في أول أزمة لعملية السلام لدى انتفاضة النفق في سبتمبر 1996 رد الأردن بعنف على السلوك الإسرائيلي آنذاك”.
وأضاف أن “الموقف الأردني الغاضب من إسرائيل تكرر لدى البدء في البناء بمستوطنة جبل أبو غنيم أوائل 1997، الذي أدى إلى أزمة بين عمان وتل أبيب، حين أرسل الملك حسين في حينه رسالة شديدة اللهجةإلى نتنياهو، ومع ذلك فقد بذل كل مساعيه لإنقاذ عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية”.
يذكر الكاتب أنه “في تشرين الأول/ أكتوبر 1998 حين عانى الملك حسين من مرض السرطان، وخضع للعلاج الكيماوي في الولايات المتحدة، أصر على حضور قمة واي بلانتيشن للضغط على نتنياهو وياسر عرفات للتوصل إلى نقاط توافقية بينهما، لكن التصعيد الذي شهدته الساحة الفلسطينية الإسرائيلية دفع الأردن لاتخاذ مواقف غاضبة تجاه إسرائيل، خاصة مع وصول الملك عبد الله الثاني”.
وأوضح أنه “منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في أيلول/ سبتمبر 2000 لم يتم تعيين سفير أردني في إسرائيل حتى العام 2005، وفي حرب إسرائيل على غزة أواخر 2008 اضطر الأردن لاستعادة سفيره من تل أبيب، ثم عين سفيرا جديدا في 2012”.
وأكد أن “الأردن موجود في قلب القضايا الأساسية الفلسطينية الإسرائيلية، ففي قضية القدس تعتبر الأردن لاعبا أساسيا فيها، وقد اعترف اتفاق السلام الفلسطيني الإسرائيلي بالدور الأساسي للأردن بالإشراف على الأماكن المقدسة، ومارس دوره في عديد الأزمات الدبلوماسية حول هذه القضية في سنوات ماضية، وكذلك في قضية اللاجئين الفلسطينيين، حيث يقيم مليونين منهم في الأردن، وكذلك في الترتيبات الأمنية في غور الأردن”.
وأشار أن “الرفض الأردني اليوم لعدم تجديد استئجار إسرائيل للمناطق الزراعية، ورفض الملك عقد لقاء مع نتنياهو، يشير إلى حجم التدهور في العلاقات بينهما، على عكس مستوى الثقة الذي كان قائما بين الملك حسين ورابين، مما يجعل إسرائيل مطالبة بالعمل على تغيير الوضع السيء مع الأردن، وتكثيف الحوارات معه، والتقدم في العملية السياسية مع الفلسطينيين، مما سيؤثر على العلاقات مع جارتنا الشرقية”.
عربي 21