مرايا – قال رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، إن نجاح أي برنامج اقتصادي لا يمكن عزله عن تجذير جهود مكافحة الفساد فعلا لا قولا، من خلال سيادة القانون على الجميع، ودعم استقلالية القضاء العادل بكل متطلبات مهمته الوطنية في محاسبة كل أوجه التقصير والفساد أينما وجدت ومهما طالت من أسماء أو عناوين.
وأضاف خلال افتتاحه أعمال الدورة العادية الرابعة لمجلس النواب، إنه “لا مجال للعبث بالمقدس الدستوري وحمل الأمانة أمام الله أولاً، وأمام المليك، وأمام شعبنا الذي ينبض بالعزيمة والإنجاز”.
وتاليا نص كلمة الطراونة:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على النبي العربي الهاشمي الأمين
وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى الأنبياء والمرسلين.
بدايةً اسمحوا لي أن أرفع أسمى آيات التهنئة والتبريك لمقام سيدي صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني وولي عهده الأمين وللأسرة الأردنية الواحدة الموحدة بمناسبة ذكرى المولد النبوي، سائلا المولى أن تعاد هذه الذكرى والوطن مصان بكل الخير ومحصن من كل شر، فخورين بتجاوزنا للتحديات بكل صبر.
أما بعد؛
فلقد تشرفنا اليوم بالاستماع لخطاب العرش السامي خلال افتتاح أعمال دورتنا العادية، وهي المناسبة التي يوجهنا جلالته فيها للالتزام بمسار سنوي من الخطط والبرامج والتوجهات.
وهي المناسبةُ التي كرس سيدي صاحب الجلالة من خلالها مفهوماً للبرنامج الوطني المرن في استجابته للتحديات، عميقاً في تعامله مع الهم الوطني، عابراً لكل الاختلالات التي تقع نتيجةً لظروف نعرفها جميعا.
لقد صدح الصوت الهاشمي في المطالبة بتحمل المسؤولية من قبل السلطات الدستورية ووضعنا أمام قيم وطنية راسخة قوامها إن كنا مسؤولين اليوم فإننا مساءلون غداً، الأمر الذي يحتم علينا التحلي بكل الجدية والإخلاص والوفاء فيما نقوم به من موقعنا التشريعي والرقابي.
وعليه لا مجال للعبث بالمقدس الدستوري وحمل الأمانة أمام الله أولاً، وأمام المليك، وأمام شعبنا الذي ينبض بالعزيمة والإنجاز.
الزميلات والزميلات؛
ها نحن على بعد زيارة من احتفالاتنا بعودة أراضي الباقورة والغمر، التي أمر جلالةُ الملك بإنهاء العمل بملحقها من معاهدة السلام الأردنية الاسرائيلية، لتبقى أراضي أردنيةً بعد إنهاء عقودِ المستأجرين الإسرائيليين فيها، وتخضع بذلك للقوانين الأردنية على كل شبر منها، بعد إنهاء مظاهر التواجد الإسرائيلي إلا بقوانيننا وأنظمتنا وسيادتنا، وشروط السلام المتكافئ.
إن هذه المناسبة تسجل بحروف من نور، معاني السيادة الوطنية، ومفاهيم الالتزام بقيم هوية الوطن الجامعة، ومضامين التمسك بكل مقدس وطني، لتنتصر كرامتنا على كل التحديات، ولنزهو فخراً بكل منجزاتنا رغم كل ما تعرفونه من ضغوطات وأجندات، معطوفة على ظروف الجوار والإقليم والصراع الأممي على الأرض العربية.
الزميلات والزملاء؛
نبدأ اليوم أعمال دورتنا العادية الرابعة، وهي بمثابة الشوط الأخير لنا قبل موعد الاستحقاقات الدستورية ومواعيدها للعام المقبل، وهي الدورة التي أتمنى أن نجسد من خلالها رسالةً لشعبنا العظيم ونكرس معها تطبيقات العمل الوطني ضمن أولوية الأهم على المهم، وتجذير مفاهيم التعامل مع الملفات وفق مصالح وطنية مقدرة.
وإذا كنا على علم واطلاع بأن ما يشغل عقل الملك ويشغل جميع الأردنيين هو الهم الاقتصادي، فإن علينا واجب دعم توجهات جلالته وأن نضع خطتنا ورؤيتنا في الأمر من منطلق دورنا التشريعي عبر مناقشة وإقرار قانون موازنة عامة موجه بهدف معالجة فجوات رواتب القطاع العام، ودعم قطاعي التعليم والرعاية الصحية، ومعالجة التشوه الضريبي الذي عطل حركة الأسواق، وأسهم في تراجع النشاط الاقتصادي للقطاعات الفاعلة.
ولنكون مساهمين في صياغة ملامح الرؤية المقبلة، فعلينا التذكير بأن نجاح أي برنامج اقتصادي لا يمكن عزله عن تجذير جهود مكافحة الفساد فعلا لا قولا، من خلال سيادة القانون على الجميع، ودعم استقلالية قضائنا العادل بكل متطلبات مهمته الوطنية في محاسبة كل أوجه التقصير والفساد أينما وجدت ومهما طالت من أسماء أو عناوين.
إننا بحاجة اليوم أن ننخرط في جهد وطني قوامه إعادة الثقة بمؤسساتنا الدستورية، وذلك عبر الالتزام المطلق وتحت طائلة مراقبة الشارع، بمضامين العدالة والمساواة وعناوين سيادة القانون ودولة المؤسسات، واستهداف الطبقة الفقيرة في برنامجِ دعم وإسناد، والعمل حقا لا قولا ببرامج التشغيل الوطني الذي يعالج عقدة الشباب الأردني الذي أثقله الإحباط، وبغير ذلك سنكون تجاوزنا دورنا في آخر عمرنا بالتقصير.
الزميلات والزميلات؛
نتمسك في مجلس النواب بثوابت ومواقف وثقناها في الميادين وعلى المنابر، فالقضيةُ الفلسطينية ثابت وطني، وندعم جهود جلالة الملك المفدى عبر مطالبته بحل عادل وشامل يضمن إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران العام ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية، وإنهاء الاحتلال وجميع مظاهره، واستكمال باقي قضايا الوضع النهائي عبر مفاوضات يقبل بها الفلسطينيون.
كما سنظل في مقدمة كل جهد وطني في جهود مكافحة الإرهاب الذي نعتبره خطراً أممياً، ما أن تختفي ذيوله، حتى يطل علينا برأسه باسم جديد وممارسات بشعة، ليمارس هذا الإرهاب الجبان أعمالَه تحت مظلة الدين ويستبيح دماء البشر بجهل وعبث وتخريب.
الزميلات والزملاء؛
مجددًا أتمنى أن نتحد على أهداف المرحلة المقبلة، وكلي أمل بأن نصنع أمراً مختلفا في دورتنا هذه، فنتركه لمن هم بعدنا كرسالة في استمرار بناء عمل البرلمانات الوطنية، عبر العمل الجماعي الكتلوي والجبهوي والتشاركي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته