مرايا – مع انتهاء جولة الملك عبد الله الثاني إلى منطقة الغمر، مساء أمس السبت، بعد إنهاء الحكومة الأردنية العمل بملحقين ضمن اتفاقية وادي عربة، تطرح تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاقية برمتها، في ظل أحاديث إسرائيلية عن مرورها بـ”حالة موت بطيء”.
واستعرض تقرير نشره موقع “عربي21” الخروقات التي تعرضت لها الاتفاقية، وجاء فيه إنه خلال السنوات الـ 25 الماضية، تعرضت الاتفاقية للعديد من الخروقات من الجانب الإسرائيلي، منها محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في عمّان، وتحويل مسار المياه العادمة من طبريا إلى مدن أردنية ، بالإضافة إلى خروقات يومية لبند الوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة.
وكانت الكاتبة الإسرائيلية سمدار بيري قالت: إن الاتفاقية تمر في حالة موت بطيء، بعدما كان يفترض أن تضمن “سلاما دافئا وحقيقيا” بين الجانبين.
وقالت بمقال في صحيفة يديعوت أحرنوت، نقلا عن أحد المشاركين في الاتفاقية من الجانب الإسرائيلي: “إن العلاقة لا تزال غامضة وقاتمة بين الطرفين، رغم مرور 25 عاما على الاتفاقية”.
النائب طارق خوري قال حول مستقبل الاتفاقية: إن الجانب الرسمي، يشعر أنه لم يحقق شيئا من الاتفاقية، وربما يسعى إلى تجفيف الاتفاقية، وهو ما بدا في سحب ملفي الباقورة والغمر.
واوضح خوري لـ”عربي21″ أن القناعة الرسمية هي أن الاتفاقية، “لم تخدم الأردن بشيء، وخلال السنوات الماضية كان الخروقات كبيرة لها، خاصة ملف المقدسات”.
لكنه في الوقت ذاته رأى أن الجانب الأمني من الاتفاقية، “سيستمر لأسباب كثيرة” وأضاف “هناك حدود طويلة وظروف أمنية في المنطقة ومعابر، وفي حال وقف التنسيق في هذا الجانب سنعلم ساعتها أن الاتفاقية انتهت”.
بدوره قال الناشط النقابي وعضو لجنة مجابهة التطبيع السابق المهندس ميسرة ملص، إن الاتفاقية كبلت الأردن وفرضت على المعادلة الداخلية الكثير من القيود.
وأوضح ملص لـ”عربي21″ أن الاتفاقية تسببت في إفراز قانون الصوت الواحد، الذي قيد حرية اختيار نواب البرلمان، وخلقت مجالس ضعيفة كان أداؤها سلبيا، طيلة السنوات الماضية”.
أما على الصعيد الاقتصادي، فرأى أن الاتفاقية رغم رفضها من ناحية المبدأ بكل تفصيلاتها، إلا أنها لم تقدم للاقتصاد الأردني أي فائدة رغم الوعود برغم العيش والسلام الاقتصادي، وفي أول فرصة شرب الأردنيون المياه الإسرائيلية العادمة القادمة من طبريا”.
وأعرب عن اعتقاده بوجود “وجهين” للجانب الرسمي “غير مفهومين” وتابع “المناوشات في ملفي الباقورة والغمر وقضية الأسيرين اللبدي ومرعي من جانب، والأمر الآخر جسر الشيخ حسين وشاحنات نقل البضائع التي لا تهدأ، فضلا عن اتفاقية استيراد الغاز بالمليارات مع الكيان”.
وأشار ملص إلى أن “المخيف في الأمر، وجود مصالح عميقة بين الجانبين، في ظل تصدير حالة عداء للتسويق المحلي”.
وبشأن مستقبل العلاقة مع الاحتلال، قال إنها “ستمزق يوما ما، كما مزق حلف بغداد، لأنها مرفوضة شعبيا”.
من جانبه قال الباحث الاستراتيجي الدكتور عامر السبايلة: إن اتفاقية وادي عربة قائمة على جزئين: “الأول التعاون العسكري والاستخباري، وهو أمر لا يمكن أن يتأثر تحت أي ظرف من الظروف، والآخر هو السياسي، وهو ما يعاني من صعوبات كبيرة بسبب حالة الرفض الشعبي لوادي عربة”.
وقال السبايلة لـ”عربي21″: إن “المراقب للأداء السياسي وفق الاتفاقية، والمناوشات فيها، يتفاجأ من طبيعة العلاقة بين طرفين بينهما اتفاقية سلام، لأن حتى المتابعين الإسرائيليين، يدركون أن هناك محاولة لاستثمارها شعبوياً”.
وأضاف: “ما يلزم الإسرائيليين يحصلون عليه، وهم ليسوا بحاجة لبقية الأمور، وحين تتأزم العلاقة سياسيا، لا تجد إسرائيل نفسها مضطرة لتقديم أي مواقف أو خطوات، لأن الجانب الأهم في الأمر يسير وفق المطلوب”.
وعلى صعيد العلاقة بين الجانبين قال المحلل السياسي: “هناك بلا شك فتور في العلاقة السياسية، ولو أردنا مقارنة الملك الراحل الحسين بالملك عبد الله، فالأخير لم يزر إسرائيل ولم يصنع الاتفاقية وليس هناك كيمياء بينه وبين نتنياهو، بل كانت العلاقة على مضض، على خلاف الملك حسين الذي كان يضع الكاريمزا في تحركاته ويتحكم بها في هذا المسار”.
وشدد على أن الفجوة “تزيد وتتسع بين الجانبين، لكن دون الرغبة في تصعيد العلاقة، مع استمرار تعزيز الجانب الأمني على حساب السياسي”.
وأكد السبايلة: “على أن إدراك موازين القوى، يعطي مؤشرا على شكل العلاقة السياسية وعلى الأردن استثمار ما يقدم عسكريا وأمنيا لخلق توازن مع إسرائيل”.
وبشأن مستقبل الاتفاقية قال: إن “هناك مساحات قليلة للمناورة، ولا تستطيع التحول إلى عدو بين يوم وليلة، بعد سنوات من العمل والتنسيق، وكلما استطاع الأردن التواجد على طاولة الحل، واستثمار ما بيده من أوراق حساسة بطريقة ديناميكية سياسية، فإن قدرته على التأثير أكبر”.
“عربي21”