مرايا – “مؤلم جدا أن تسمع أن ابنك مريض بالسرطان، والمؤلم أكثر ألا تستطيع ضمه لصدرك، أو أن تخفف عنه آلامه، والأشد ألما أنك عندما يسمح لك بضمه تجده جثة هامدة باردة من صقيع ثلاجات الاحتلال الإسرائيلي”.
بعبارات مليئة بالحزن والمرارة لا يمكنها وصف حجم الألم والحرقة في قلبها، تتحدث والدة الشهيد سامي أبو دياك عن فراقها لفلذة كبدها بمرض السرطان في السجون الإسرائيلية من دون أن تراه أو تحتضنه.
الدموع والصراخ والعويل يملأ القاعة المجاورة لثلاجة الموتى في مستشفى المدينة الطبية العسكري في عمان، هنا شقيقة أم سامي تمسح دموعها، وأخرى تصبرها بشهادة ابنها وراحته من ظلم السجان، وهناك شقيقته التي أغمي عليها، وبينهما والد أثقل الهمّ كتفيه ويمسك دموعه ويترحم على ولده.
دقائق معدودة هي ما سمح بها الأهل لأم الشهيد سامي لرؤية ولدها واحتضانه بعد أعوام طويلة من الأسر في السجون الإسرائيلية، عانى فيها الأمراض والأوجاع بمختلف أصنافها.
أوجاع مرض
سألتها عن سامي، فاسترسلت في رواية قصة ابنها للجزيرة نت قائلة “منذ الانتفاضة في 2002 اعتقل سامي بعدما اشتبك مع قوات الاحتلال، وأصيب في رأسه وجسده إصابات بليغة كادت أن تقتله، وتم علاجه بطريقة سيئة جدا، حيث رافقه الألم والمرض طوال 17 عاما من الاعتقال”.
وتتابع “في المحكمة العسكرية حُكم على سامي بالسجن ثلاثة مؤبدات وثلاثين عاما، قضاها متنقلا في سجون الاحتلال والزنازين الانفرادية وأوجاع المرض، حتى عام 2015، حيث أصيب بمرض السرطان في الأمعاء، وأجريت له أكثر من خمس عمليات جراحية تم فيها استئصال أجزاء من الأمعاء”.
تذرف دمعة وتكمل “لكن وبسبب الإهمال الطبي المتعمد لحالته المرضية، أُصيب بتسمم في جسده وفشل كلوي ورئوي، واستمر العام الماضي أكثر من شهر بالمستشفى تحت التخدير، وموصول على أجهزة التنفس الصناعية”.
سجّان جبان
“الجندي الإسرائيلي جبان يخاف من الأسير حتى وهو مريض”؛ كما تصف أم الشهيد، وتضيف “فسامي كان في غيبوبة ومكبلا من يديه وقدميه، ولم تسمح قوات العدو لنا بزيارته إلا ربع ساعة في آخر أيامه وهو يلفظ أنفاسه الأخير، كان صوته خافتا، وجسمه نحيلا وبالكاد يعرف من حوله”.
وبلغة التحدي تختم حديثها بالقول “أحتسب ابني شهيدا عند الله، وكل الأسرى أبنائي، ومهما حصل من قتل وتعذيب وسجن سنبقى شوكة في حلق الإسرائيليين، ولن تطيب لهم حياة في فلسطين، وسننتصر عليهم في يوم من الأيام القريبة إن شاء الله”.
وناشدت العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والحكومة الأردنية إتمام صفقة تبادل للأسرى الأردنيين علّها تحظى باحتضان ابنها الثاني الأسير سامر المعتقل منذ 2005 ومحكوم عليه بالمؤبد وثلاثين عاما، وأخيه صلاح الذي اعتقله الاحتلال الشهر الماضي.
غصة في القلب
نظرت إلى والد سامي، الذي يود أن يتحدث إلا أن غصة في الحلق تخنقه، لكنه تماسك وقال “طلبنا عدة مرات من محكمة الاحتلال الإفراج عنه بحكم المرض حتى نتمكن من علاجه، لكنها رفضت الطلب في كل مرة”.
وتابع للجزيرة نت أحضرت الخارجية الأردنية مشكورة وبمتابعة من الملك عبد الله الثاني جثمان ابني ليتم دفنه في الأردن، لأن العدو الإسرائيلي كان سيبقي جثته شهورا وربما سنوات في ثلاجات الموتى من دون دفن.
وطالب نواب وفعاليات شعبية حكومة بلادهم بصفقة لتبادل الأسرى مع إسرائيل، يتم بموجبها الإفراج عن الأسرى الأردنيين لدى الاحتلال، مقابل الإفراج عن المتسلل الإسرائيلي للأردن، الذي يحاكم أمام محكمة أمن الدولة.