مرايا – قال رئيس الوزراء عمر الرزاز، إن الموارد البشرية في الأردن هي الثروة الحقيقية التي تفتخر بها الأردن وتفاخر بها دول العالم.
وأضاف الرزاز في كلمة له خلال ورشة عمل أقامتها اللجنة الإدارية النيابية بعنوان: “الموارد البشرية في الأردن إلى أين؟ (التفكير خارج الصندوق)”، “بعيدا عن جلد الذات، نحن أحوج ما نكون إلى نظرة شاملة لمواردنا البشرية للانتقال بشكل نوعي، ليس فقط إصلاح وإنما تحوّل”.
وتابع: “نحن نفاخر بمواردنا البشرية لكن لن نرضى أن نتراجع قيد أنملة في قدراتها، نريد إطلاق طاقات شبابنا ومواردنا البشرية، هذا هو التحدي، فهناك فرق هائل بين أن ننظر إلى فئة العاطلين عن العمل كعبء أو كفرصة هائلة موجودة لدينا”.
وقال: “إذا أردنا أن نعظم قيمة مواردنا البشرية ونطلق طاقاتها علينا أن ننظر إلى مسيرة الإنسان من البداية إلى النهاية”، متسائلا: “هل نولي كافة هذه المراحل الأهمية التي تستحق؟”.
وأردف قائلا: “تشرفت بالعمل في مواقع تعنى ببداية الطرق ونهايته؛ التربية والتعليم والضمان الاجتماعي، ولمست بشكل مباشر أهمية البداية والنهاية”.
وأضاف: “في البداية أدركنا وتعلمنا أن مرحلة رياض الأطفال هي أهم مرحلة في تكوين الذهن للإنسان واكتشفنا سريعا أننا لا نولي هذه المرحلة الاهتمام الذي تستحقه، نعم لدينا رياض أطفال حكومية والقطاع الخاص ولكن الفرق هائل بين الأطفال الذين يخوضون هذه المرحلة وينتقلون إلى الصف الأول وبين الأطفال الذين يحرمون من هذه المرحلة، وينعكس نفسيا على الطفل الذي يعتقد أنه أقل ذكاء وقدرة من زميله وهو لا يعلم أنه أخذ عاما أو عامين من التأهيل قبل الصف الأول، وتستمر هذه الفجوة طيلة الحياة”.
وتابع: “أنتهي بمرحلة التقاعد، حيث لمسنا من المتقاعدين الإمكانات الهائلة والخبرة الموجودة لديهم واستعدادهم لتقديم خدماتهم مجانا طالبين فرصا للتطوع والمشاركة”.
وأشار الرزاز إلى أن الدول المتقدمة في العالم؛ ألمانيا وكوريا وفرنسا، تولي أهمية كبيرة للمتقاعدين، الأمر الذي “ينعكس عليهم جسديا ونفسيا إيجابيا وكذلك على المجتمع”.
وبين أنه “علينا أن ننظر إلى هذه المسيرة ككل”، متأملا “الخروج بتصور لهذه المسيرة من خارج الصندوق”.
وتابع: “بعد رياض الأطفال تأتي مرحلة الدراسة ولمست إبداعا في مدارسنا الحكومية والخاصة، ولمسنا أيضا بالمقابل أداء تقليديا يعتمد على التلقين ولا يشجع على التفكير المستقل والنقدي بل على التكرار والحفظ، واليوم جميعنا نعلم أن هذا ليس ما يحتاجه الإنسان، كل المعلومات موجودة على هواتفنا الذكية، نحتاج إلى فهم وتطبيق هذه المهارات، ونجد تفاوتا كبيرا في تطبيقها وممارستها، في المقابل نجد إقبالا شديدا من المعلمين عند توفير هذا التدريب والتأهيل”.
وأردف قائلا: “امتحان “البيزا” علمنا بشكل واضح أن الطالب إذا لم يفهم لماذا يدرس المادة، لن يعشقها ولن يقبل عليها، أما إذا فهم المغزى منها وبشكل تطبيقي سيمارسها وسيبدع فيها”.
وشدد الرزاز أنه “علينا أن نكون في مقدمة الدول في إغناء مواردنا البشرية”.
وأشار إلى أن هناك فجوة في اكتساب مهارات الحياة ومهارات العمل، وأضاف: “للأسف في مرحلة معينة أصبحنا نركز على التعليم الأكاديمي البحت وتضخمت مناهجنا والكتب المدرسية بشكل هائل وأصبح المعلم والمعلمة يلهثون لإنجاز المادة وبسرعة على حساب الفهم والتداول والتساؤل”.
وتابع: “ضحينا بحصص الرياضة والفنون والنشاط والتطوع لأن المادة الأكاديمية كبيرة وبحاجة لإنهائها، لذلك كان هنا إصرار على إعادة حصص النشاط إلى البرنامج وإعادة النشاطات الصيفية والكشفية والعمل على فتح المدارس في فترة ما بعد الظهر، متسائلا: “لماذا تغلق مدارسنا الساعة 2 ظهرا؟ لماذا لا تكون مدارسنا مفتوحة طيلة النهار وتكون نواة لفعاليات تبادر فيها المدرسة أو مؤسسات المجتمع أو الأهالي أو المعلمين، سواء كانت نشاطات رياضية أو غيرها”.
واسترسل قائلا: “مهارات الحياة والعمل بالفريق إذا لم يكتسبها الشاب والشابة في المدرسة من المتأخر أن نبدأ فيها في فترة العمل وهذه مرحلة تحتاج إلى تركيز بدأنا فيها في التربية والتعليم ونخطو خطوات لكنها بحاجة إلى تعزيز”.
وحول اختيار الطالب لتخصصه (أكاديمي أو مهني)، قال الرزاز: “الخلل لدينا وليس لدى الطالب، فبعلامة التوجيهي العُشر تقرر مصيره إذا كان يريد أن يدرس (كيماء أو أحياء أو طب أو صيدلة) وهذا بحاجة ماسة لتطوير نظام الثانوية العامة (التوجيهي) ونظام القبول، والعمل جار الآن بشكل حثيث على هذا الموضوع”.
وواصل حديثه: “مرحلة الانتقال من الدراسة إلى العمل مرحلة مهمة ولا نوليها الاهتمام الكافي، ونعمل حاليا بشكل حثيث على هذا الموضوع في المدارس من خلال برنامج خدمة وطن لنبني هذه الثقافة ونغلق الفجوة، إلا أن الطريق لا زال طويلا حتى نصل إلى ما نصبو إليه”.
وتابع: “عند دخول العمل، هناك خيار صعب وهو الاختيار ما بين القطاع العام والقطاع الخاص ومفهوم التسجيل في ديوان الخدمة المدنية والانتظار في صفوف العاطلين عن العمل؛ لأن آلية تحفز على الانتظار على الدور في ديوان الخدمة المدنية”.
وأشار: “مؤخرا كان هناك نقلة نوعية إلا أنها بحاجة إلى تعزيز، حيث تم تطوير نظام الخدمة المدنية لينتقل من مفهوم الانتظار إلى الانخراط في أي فرصة عمل أو أي مهنة أو حتى تطوع الذي يضيف نقاطا مهمة في إمكانية الحصول على العمل”.
وأضاف: “هناك فعلا تحولات في نظام الخدمة المدنية مرتبطة بكيفية استقطاب المتقدمين، والتعامل مع المسارات المهنية للارتقاء من رتبة إلى رتبة وربط هذا الارتقاء بالأداء وجودته وهذه امور لم تكن على مستوى الطموح رغم أنه أصبح هناك تطوير في المراحل السابقة، فالانتقال من ثقافة الانتظار إلى ثقافة الانخراط بغاية الأهمية وعلينا أن نعززها معا”.
وحول الإحلال الوظيفي وإعداد القيادات، قال الرزاز: “لدينا معهد الإدارة العامة وهناك تدريب للشباب في القطاع العام ولكن لا يكفي وليس متخصصا، نتطلع إلى معهد الإدارة العامة للعب دور أكبر بكثير مما لعبه في المراحل الأخيرة”.
وشدد على ضرورة هيكلة قطاع التعليم ككل وإعادة رسم العلاقة ما بين التربية والتعليم والتعليم العالي وهيئة الاعتماد والجانب المهني والتقني وكيفية رسم هذه الخارطة.
وأضاف: “دخلنا القرن الـ21 وكل العالم يعيد النظر في دور الجامعات والكليات والمدارس وأهمية الشهادات المهنية والإطار الوطني للمؤهلات وكيف يتسلسل لأن التعلم في هذا العالم أصبح تعلما مدى الحياة وليس هناك نقطة آخذ فيها شهادة الطب أوالهندسة أو المحاسبة وانتهي، بل أصبحت الحاجة ملحة إلى التدريب وهذا يتطلب إعادة رسم العلاقة بين المؤسسات لننحو نحو التعلم المستدام والحق في التعلم”.