مرايا – أصدرت محكمة التميير قراراً نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي، تضمن أن أسعار الفائدة الجديدة في حال رفعها من البنك المركزي تسري على العقود الجديدة المنظمة بعد صدورها.
وبشأن العمليات والعقود التي تسبق رفع سعر الفائدة، قالت المحكمة، إن “العبرة تكون لما تم الاتفاق عليه عند التعاقد”.
“لا يستطيع البنك الدائن بإرادته المنفردة رفع نسبة الفائدة عن النسبة المتفق عليها عند إبرام العقد في ظل صدور قرار جديد من البنك المركزي برفع نسبة الفائدة”، وفق قرار المحكمة.
وأضافت أن “نسبة الفائدة المعول عليها هي تلك التي جاءت باتفاق الطرفين مكتوبة بخط اليد في العقد دون غيرها من شروط مطبوعة”.
“من المستقر عليه فقهاً وقضاءً بأن الأصل في استحقاق الفوائد الاتفاقية هو اتفاق الدائن مع المدين ، فإذا اتفق الطرفان على سعر معين فلا يجوز للدائن أن يستقل برفعه”، وفق نص القرار.
وتضمن قرار القضية 1208/2019، أن “سلطة البنك المركزي في إصدار الأوامر والقرارات بتحديد الحد الأعلى والأدنى لمعدلات الفوائد … لا يعني بحال من الأحوال اعتبار ما يصدره من قبيل القواعد المتعلقة بالنظام العام التي تسري بأثر مباشر على ما يستحق في ظلها من فوائد العقود السابقة على العمل بها”.
المحامي محمود عوجان الذي ترافع عن الطرف المدين قال لـ “المملكة” إن حكم محكمة التمييز يعد أول قرار يصدر بعدم أحقية البنك برفع سعر الفائدة على العقود السارية، إذ إن قرارات البنك المركزي برفع سعر الفائدة تسري على العقود الجديدة.
وذكر أن موكله حصل على قرض سكني من أحد البنوك، ليتفاجأ بارتفاع قيمة الفائدة المطلوبة عن القيمة المنصوص عليها في العقد.
واعتبر نص القرار أن “الأصل في استحقاق الفوائد الاتفاقية هو اتفاق الدائن مع المدين، فإذا اتفق الطرفان على سعر معين فلا يجوز للدائن أن يستقل برفعه، وأن أسعار الفائدة الجديدة في حال رفعها من قبل البنك المركزي تسري على العقود الجديدة المنظمة بعد صدورها أما بالنسبة للعمليات والعقود السابقة على صدورها فإن العبرة تكون لما تم الاتفاق عليه عند التعاقد”.
المادة 43 من القانون رقم 19 لسنة 1979 المعدل لقانون البنك المركزي أعطى البنك “سلطة إصدار الأوامر في تحديد الحد الأدنى والأعلى لمعدلات الفوائد دون التقيد بأحكام أي تشريع آخر بحدود مقدار الفوائد، وذلك وفقاً للخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وطبقاً للسياسة العامة للدولة”.
ورأت محكمة التمييز أن قرارات البنك المركزي “لا تعتبر على إطلاقها من قبيل القواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام، ولا يترتب البطلان على مخالفتها فيما تعقده البنوك مع عملائها من عقود مصرفية إلا إذا جاوز سعر الفائدة المتفق عليها الحد الأقصى الذي تحدده تلك القرارات ، اعتباراً بأن الحد الأقصى المقرر للفائدة التي يجوز الاتفاق عليها قانوناً هو مما يتصل بقواعد النظام العام التي تستوجب حماية الطرف الضعيف في العقد من الاستغلال “.
وقالت المحكمة إن “العقود السابقة على صدور قرار برفع الفائدة تبقى محكومة بالاتفاق الجاري بين الطرفين، وخاضعة للقوانين التي نشأت في ظلها ولا يغير من ذلك أن يرد شرط بالعقد المبرم بينهما على تخويل البنك الدائن رخصة رفع نسبة الفائدة المتفق عليها، ودون حاجة لموافقة مجددة من العميل المدين”.
ورأت المحكمة أنه “لا يجوز قانوناً تحصين حسابات وقيود البنك واعتبارها صحيحة وملزمة للعميل قبل فحصها وتدقيقها من قبل مدقق حسابات قانوني”.
ويقوم مدقق الحسابات القانوني بـ “بيان مقدار المبالغ التي قبضها العميل من البنك، والمبالغ التي سددها في الحساب وقيمة العمولات والفوائد، ونسبة كل منهما، وكيفية حسابها لتتحقق محكمة الموضوع من أن حساب الفوائد والعمولات قد جرى حسب شروط العقود وأحكام القانون”.
وذكرت المحكمة أن “التزام العميل بقيود البنك حسب شروط العقد كون العميل ارتضى بالعقود التي وقعها مع البنك فإن المقصود بذلك أن قيود البنك تكون ملزمة له في حالة سلامتها وصحة ما جاء فيها وموافقتها لشروط التعاقد أما في حالة الطعن في صحة قيود حسابات البنك، أو في نسبة حساب الفوائد والعمولات فلا تكون قيود البنك ملزمة للعميل إلا بعد فحصها من قبل خبير محاسب قانوني”.
“سابقة قضائية”
ووصف القاضي السابق ومراقب شركات السابق محمود عبابنة قرار محكمة التمييز بأنه “سابقة قضائية، وقرار مشهود”.
وذكر عبابنة وهو محامٍ مزاول، أنه بعد القرار على البنوك الالتزام بالفائدة المتفق عليها في العقد في الزمان الذي تم فيه التوافق على الفائدة.
وقال، إنه لا يجوز للبنك رفع سعر الفائدة المتفق عليه؛ لأن القرار التمييزي أكد أن رفع الفائدة لا يجوز أن يتم من طرف واحد من دون موافقة الطرف الآخر.
“الاتفاقية محدودة بوقت التوافق عليها (وقت أخذ القرض)، والفائدة يجب أن تبقى ثابتة، وهي جزء من العقد وليست جزءا من مستلزماته، ويتم تفسير العقد في ظل الظروف التي نشأ فيها”.
ورأى عبابنة، أن “تعليمات البنك المركزي ليست من قبيل النظام العام، ولا يجب اتباعها بحذافيرها وبشكل دائم وكيفما كان، وتصبح من النظام العام عند زيادة الفائدة عن الحد الأقصى للفائدة المحددة بموجب تعليمات البنك المركزي.
“البنك لا يمكنه زيادة الفائدة من تلقاء نفسه بدون موافقة الطرف الآخر في العقد … لكن القرار لا يمنع البنك من تخفيض نسبة الفائدة إذا كانت برضى الطرفين”.
ويعتقد عبابنة أن قرار محكمة التمييز “سيفتح باباً واسعاً للاقتراض، وسيزيد من الحركة التجارية وسيزيد من الاستثمار”.