مرايا – يستضيف الاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء، اجتماعا وزاريا لمؤتمر بروكسل 4 حول “دعم مستقبل سوريا والمنطقة”، لتجديد دعم العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، وحشد دعم مالي دولي، ومساعدات إنسانية داخل سوريا وفي دول مجاورة.
ويشارك وزيرا الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي والتخطيط والتعاون الدولي وسام الربضي، في الاجتماع الذي يعقد افتراضيا لأول مرة بسبب تداعيات فيروس كورونا المستجد في العالم.
أشارت تقارير للأمم المتحدة إلى أن 11.7 مليون شخص يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة والحماية، ويقدر عدد النازحين بنحو 6.2 مليون شخص، فيما يحرم أكثر من مليوني طفل من التعليم، ويعيش ما يقدر بـ 83% من السوريين تحت خط الفقر.
سفير الأردن في الاتحاد الأوروبي في بروكسل، يوسف البطاينة، قال إن الأردن “سيعمل على تذكير المجتمع الدولي بتعهداته ومسؤولياته تجاه اللاجئين، وإبراز الأعباء المترتبة على الأردن جراء استضافة أعداد كبيرة من اللاجئين”.
ويشارك في الاجتماع، حوالي 80 مندوبا من دول مجاورة تستضيف اللاجئين السوريين ودول شريكة وأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومنظمات دولية لمعالجة الجوانب السياسية والإنسانية والتنموية الرئيسية للأزمة السورية.
ويستضيف الأردن، الذي يعتبر ثاني أعلى دولة في العالم بعدد اللاجئين، أكثر من 1.3 مليون سوري منذ بداية الأزمة في 2011، يبلغ عدد المسجلين في المفوضية أكثر من 657 ألف لاجئ مسجل لدى الأمم المتحدة.
“حلّ يقبله السوريين”
وزير الخارجية الصفدي، الذي يلقي كلمة خلال الاجتماع، أكد خلال اجتماع آخر نظمه منتدى أنطاليا للدبلوماسية مطلع الشهر الحالي، أن الدول المستضيفة للاجئين تواجه تحديات اقتصادية كبيرة فاقمتها جائحة فيروس كورونا المستجد، “ما يستوجب برنامج دولي متكامل لمساعدتها في تحمل عبء اللجوء”، مشددا على “ضرورة إسناد الدول المضيفة لتتمكن من تقديم الرعاية الصحية اللازمة للاجئين”.
وأشار إلى أن “حل قضية اللاجئين تكمن في العودة الطوعية إلى وطنهم، لكن إلى حين ذلك، يجب أن يتحمل المجتمع الدولي كله مسؤولية توفير العيش الكريم لهم”، مؤكدا أهمية “مؤتمر بروكسل الرابع في اعتماد برامج متكاملة لضمان توفير الدعم الكافي للاجئين وللدول المستضيفة”.
وأوضح في لقاءات عدة، أن الحل السياسي للأزمة السورية يجب أن “يقبله السوريون، ويحفظ وحدة سوريا، وتماسكها، ويعيد لها أمنها واستقرارها، وينهي معاناة السوريين”.
مشاركة الأردن “تأتي في سياق حث المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته تجاه الأردن، كمستضيف للاجئين، وتوفير تمويل لازم لخطة الاستجابة لتمكين الأردن من الاستمرار بدوره الإنساني، خاصة وأن مستوى المساعدات المقدمة لخطة الاستجابة للأزمة السورية للعام 2019 موّلت فقط بنسبة 51%”، بحسب ما أكد مصدر لـ “المملكة” في وقت سابق.
– عجز تمويل متكرر –
الحكومة، أطلقت خطتها لاستجابة الأردن للأزمة السورية للأعوام (2020 –2022)، بحجم متطلبات يبلغ نحو 6.6 مليار دولار، حيث تبلغ للعام الحالي 2.249 مليار دولار، موّل منها حتى 24 حزيران / يونيو الحالي 221 مليون دولار، فيما يبلغ حجم متطلبات العام المقبل 2.262 مليار دولار، و2.049 مليار دولار للعام 2022.
وفي عام 2019، بلغ حجم تمويل خطة استجابة الأردن للأزمة السورية، نحو 1.211 مليار دولار، من أصل 2.4 مليار دولار، وبنسبة تمويل بلغت 50.4%، وبعجز بلغ 1.189 مليار دولار، فيما بلغت نسبة تمويل الخطة حوالي 64% في عامي 2017-2018.
وقدّم الاتحاد الأوروبي مساعدات للأردن 3.2 مليار يورو منذ عام 2011، 923 مليون يورو منها كمساعدة ثنائية، و375 مليون يورو كمساعدة إنسانية، و1.9 مليار يورو كمساعدة في القدرة على الصمود.
وبحسب تقرير جديد للبنك الدولي، أدى الصراع في سوريا منذ عام 2011 إلى انخفاض معدلات النمو السنوية لإجمالي الناتج المحلي في المتوسط بمقدار 1.6 نقطة في الأردن، ما سبب “خسائر اقتصادية واجتماعية فادحة”.
وأشار التقرير إلى أن تراجع حركة التجارة العابرة التي تمر من خلال سوريا، وتعطل صادرات الخدمات مثل السياحة، أثر على إجمالي الناتج المحلي بنسبة -3.1 نقاط مئوية في الأردن، لافتا إلى أن تأثير الصراع على إجمالي الناتج المحلي أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر بمقدار 4 نقاط مئوية في الأردن.
“نداء عالمي أكثر إلحاحا”
الأمم المتحدة، دعت الجهات الدولية المانحة إلى مضاعفة التزاماتها تجاه السوريين والمنطقة، والتضامن مع دول تستضيف مستويات قياسية من اللاجئين ومواصلة دعمها لبرامج الأمم المتحدة المنقذة للأرواح والتي تحمي الأسر الضعيفة وتبني القدرة على الصمود في جميع أنحاء سوريا والمنطقة وتسعى لإيجاد حلول دائمة لوضع حد لمعاناة المدنيين.
نداء العمل الإنساني للأمم المتحدة والشركاء داخل سوريا، يأتي في وقت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، حيث تلحق الآثار الناجمة عن فيروس كورونا أضراراً واسعة بالاقتصادات وتهدد بزيادة زعزعة الاستقرار في المنطقة.
ومن المتوقع أن تعلن حكومات وجهات مانحة أخرى عن تعهدات لدعم النداء العالمي، تبلغ 3.8 مليار دولار، وخطة الاستجابة الاقليمية لدعم اللاجئين وتمكين المجتمعات المضيفة لهم لدول الجوار السوري بقيمة 6.04 مليار دولار، حيث يبلغ مستوى تمويل الخطتين حالياً 30% و19% على التوالي.
– أزمة بعمر حربين عالميتين –
منسق الإغاثة الطارئة في الأمم المتحدة، مارك لوكوك، قال: “لقد بلغت مدة الصراع في سوريا تقريبا مدة الحربين العالميتين الأولى والثانية مجتمعتين، هناك جيل كامل من الأطفال لم يعرفوا في حياتهم سوى المشقة والدمار والحرمان، وهناك ما يقرب من 2.5 مليون طفل خارج المدرسة”.
وتعتبر الأزمة السورية أكبر أزمة للاجئين في العالم، حيث ينتشر 6.6 مليون لاجئ في جميع أنحاء العالم، وتعيش الغالبية العظمى منهم؛ أي أكثر من 5.5 مليون شخص في الأردن، تركيا، لبنان، العراق ومصر.
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي: “لقد تركت أزمة فيروس كورونا تأثيرا فوريا وفادحا على سبل كسب الرزق بالنسبة لملايين اللاجئين السوريين ومضيفيهم في المنطقة”.
وأضاف: “لقد خسر الأشخاص الأشد ضعفا داخل المجتمعات – بما في ذلك ملايين اللاجئين – مصادر دخلهم الهشة والهزيلة أصلا، وهم ينزلقون أعمق فأعمق في هاوية الفقر والديون”، داعيا المجتمع الدولي إلى توحيد جهوده لتوفير دعم مستدام ومضمون للاجئين السوريين والبلدان والمجتمعات في المنطقة التي استضافتهم على مدى سنوات.
وقال الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية / نائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل: “عانى السوريون لفترة طويلة جدا، وبعد تسع سنوات من الصراع، هناك خطر بأن يصبح للعالم مناعة ضد صور وأحداث المعاناة غير المقبولة وغير الضرورية، ولكن لا يمكننا أن نسمح بحدوث ذلك؛ لا يمكننا تجاهل محنتهم”.
“من واجبنا الأخلاقي مواصلة دعم شعب سوريا”، أضاف بوريل، موضحا أن بروكسل 4 يهدف إلى زيادة حشد المجتمع الدولي وراء جهود تقودها الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي دائم للأزمة السورية بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، السبيل الوحيد لإعادة الاستقرار والسلام لجميع السوريين.
المفوض الأوربي لشؤون إدارة الأزمات، يانيز لينارتشيتش، قال “إن الوضع الإنساني في سوريا معرّض لخطر أكبر لأن جائحة فيروس كورونا تهدد الفئات الأكثر ضعفا، ولن يتخلى الاتحاد الأوروبي عن الشعب السوري الذي هو في أشد الحاجة إلى المساعدة داخل البلاد وكذلك في المنطقة”.
“تمديد السماح بنقل المساعدات”
لوكوك، ناشد مجلس الأمن تجديد منح الإذن للمنظمات الإنسانية نقل المساعدات عبر المعابر وفق قرار مجلس الأمن 2504، الذي ينتهي مفعوله بعد 10 أيام، حيث تعرب منظمات إنسانية عن مخاوفها من عدم القدرة على الوصول إلى ملايين السوريين الذين يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات التي تُنقل عبر الحدود للبقاء على قيد الحياة.
وأوضح أنه في أيّار/مايو الماضي وحده، عبَرت 1781 شاحنة الحدود من تركيا إلى شمال غرب سوريا محمّلة بمساعدات، معظمها غذائية، وتكفي لـ 1.3 مليون شخص كل شهر.
ووفقاً لتقرير الاحتياجات العالمية لإعادة التوطين المتوقعة لعام 2021، الذي أطلق الأسبوع الحالي، فإن الأكثر عرضة للخطر والذين هم بحاجة إلى إعادة التوطين هم اللاجئون السوريون. وللعام الخامس على التوالي، يمثل السوريون جموع السكان ممن لديهم الاحتياجات الأعلى لإعادة التوطين (41%)، يليهم اللاجئون من جنوب السودان (9%) واللاجئون الكونغوليون (9%).
وتساعد عملية إعادة التوطين، التي تنطوي على نقل اللاجئين من بلد اللجوء إلى بلد وافق على قبولهم ومنحهم إقامة دائمة، على ضمان حماية أولئك الذين قد تكون حياتهم في خطر أو لديهم احتياجات محددة لا يمكن معالجتها في البلد الذي التمسوا فيه الحماية.
في عام 2019، استقبلت 26 دولة 107800 لاجئ بهدف إعادة التوطين، منهم 64000 تقريبا بمساعدة المفوضية، وقد وفرت الولايات المتحدة للمفوضية لهذا العام 57600 فرصة فقط لإعادة التوطين. ولسوء الحظ، فإن فيروس كورونا سوف يؤثر على التحقيق الكامل لمساحات إعادة التوطين هذه، بحسب مفوضية اللاجئين.
“تعهدات سابقة”
منذ بداية الصراع في سوريا عام 2011، حشد الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه أكثر من 20 مليار يورو من المساعدات الإنسانية ومساعدة الاستقرار.
في مؤتمر بروكسل 1، الذي عقد خلال يومي 4-5 نيسان/ ابريل 2017، تعهدّ المانحون بتقديم 5.6 مليار يورو كمساعدات لعام 2017، و3.47 مليار يورو كمساعدة للفترة 2018-2020.
وتعهد المانحون في مؤتمر بروكسل 2، الذي عقد خلال يومي 24-25 نيسان/ ابريل 2018، بتقديم 3.5 مليار يورو لعام 2018، و2.7 مليار يورو للفترة 2019-2020.
مؤتمر بروكسل 3، الذي عقد في الفترة من 12 إلى 14 آذار/ مارس 2019، تعهّد المانحون بتقديم 6.2 مليار يورو لعام 2019، و2.4 مليار يورو لعام 2020 وما بعده.