مرايا – لم يخف رئيس الوزراء، عمر الرزاز، في كلمته الأسبوعية أمس، مخاوفه من انتشار فيروس كورونا المستجد على نطاق مجتمعي، وفقدان السيطرة على المرض، بيد أنه أرسل مجموعة من الرسائل، مفادها بأن الأردن لا يقبل بالتخلي عن مواطنيه، ولن يسمح بأن يكون المواطن فريسة المرض، لأنه أغلى ما يملك الأردن.
وثاني رسائل الرزاز، أن الوضع العام للوباء قد يجبر الحكومة على اتخاذ مزيد من الإجراءات من بينها التفكير بإغلاقات، ولكن بوسائل وطرق جديدة، فضلا عن توقعات بتعليق التعليم في القطاعات التعليمية، ولو لمدة محددة، ليعاود العمل بالتعليم في الصفوف حال تغير المنحنى الوبائي إيجابا.
وفي ثنايا السطور، كشف الرزاز عن أن أجهزة الدولة، ليست في حالة استرخاء، وأنه أوعز لوزرائه بتكثيف الجهود للرقابة على الإجراءات الوقائية من جهة، والغذاء والدواء وسلاسل الإنتاج وغيرها من جهة أخرى، متعهدا بأن حادثة “التسمم الغذائي”، أو ما باتت تُعرف بـ”حادثة الشاوروما” أو فساد الأغذية لن تتكرر مجددا.
وفي السياق، رأى خبراء وسياسيون أن الرئيس الرزاز الذي بدا هادئا، في كلمته الأسبوعية أمس، “كان لسان حاله يتحدث عن سلسلة قرارات قيد الطبخ، جوهرها بأن المملكة لن تسمح بتطور الحالة الوبائية إلى مستويات قياسية، إلا أنه لم يبد حاسما وواثقا في كافة القرارات التي سيصار إلى العمل عليها واتخاذها”.
وكشف خبير وبائي عن “أن ما تحدث به الرئيس الرزاز يلمح إلى سلسلة إجراءات قد يكشف عنها قريبا”، موضحا أن اجتماعا للجنة الوطنية للأوبئة، يعقد اليوم الاثنين، سيناقش أبرز القضايا التي تحدث بها الرئيس”.
وقال إن اللجنة ستناقش الحجر المنزلي للحالات المشتبهة، بعد حالة التفشي المجتمعي، بسبب عدم قدرة المستشفيات على استيعاب أعداد كبيرة في مراكز الحجر.
بيد أن مسؤولا سياسيا سابقا، من جهته قال “إن قرارا قد يصدر قريبا بالتحول بالتعليم عن بعد بالمدارس والجامعات، للحد من انتشار الفيروس”، مشددا على أن الحظر الشامل يلقي بظلال سيئة على الاقتصاد.
وأشار إلى “أن هناك أفكارا يمكن أن تكون بديلة عن الحظر الشامل، لكسر حلقة الفيروس، من بينها العزل بين المدن، انتقالا إلى العزل الدقيق (الذكي) للمناطق التي تشكل بؤرا للوباء”.
وأوضح المسؤول “يمكن أن يتم فرض حظر شامل لساعات محدودة من اليوم، وتقليل أعداد العاملين في الجهازين الحكومي والخاص، واستثناء من تجاوز الخامسة والخمسين أو الستين عاما، وذوي الأمراض المزمنة وأولئك الذين يعانون من نقص المناعة، من العمل، إضافة إلى تقليل ساعات عمل المنشآت الاقتصادية دون إغلاقها، وتقليل ساعات انتقال المواطنين”.
وزاد “أن هناك طرقا كثيرة يستخدمها العالم في منع انتشار الفيروس بحالات التفشي المجتمعي، من بينها التدرج بإعادة الإغلاق، بما يشمل الأماكن التي تشكل تجمعات كبيرة”.
ولفت إلى ضرورة تشديد الرقابة على المنشآت والأفراد والسيارات، معتبرا أن ما تحدث به الرئيس الرزاز عن الإيعاز لوزرائه بتشديد الرقابة، “متأخر ويستوجب إجراءات أكثر حزمًا”.
عضو في اللجنة الوطنية للأوبئة، طلب عدم الكشف عن اسمه، من ناحيته قال إن اللجنة تدرس سلسلة من القرارات والإجراءات، خلال اجتماعها اليوم، تمكنها من الحد من انتشار “كورونا”، مضيفا أن اللجنة ستتشدد في الإجراءات التي من شأنها محاصرة الوباء والقضاء على البؤر الساخنة.
فيما قال مسؤول حكومي سابق “إن ما تحدث به الرئيس الرزاز يُشير إلى أن الضغوط الاجتماعية والإعلامية، التي ألقت باللائمة على الحكومة بعدم قدرتها على التوازن بين الملفين الصحي والاقتصادي، خصوصا في ظل ارتفاع أعداد الإصابات المقلق، هو ما دعا الحكومة إلى البدء باستراتيجية جديدة للتعاطي مع الفيروس”.
وأضاف “ما قال عنه الرئيس الرزاز إن الأردن كان أكثر الدول تشددا بالحظر، أضاع الجهود التي بذلتها الحكومة للسيطرة على الفيروس”، معتبرا “أن تحذيرات الرئيس والتشدد بالإجراءات، لا يمكن أن تؤتي أكلها إذا ما خير الناس بين الحظر والالتزام”.
وأكد المسؤول أن ذلك يُعتبر من مسؤوليات الحكومة ورئيسها ويدخل في باب الولاية العامة، التي تختار الأفضل لمواطنيها من أجل صحتهم.
عضو آخر في اللجنة الوطنية للأوبئة، دعا الحكومة إلى اتخاذ إجراءات وإيصال الجميع إلى بر الأمان أو تمرير الوضع الوبائي بشكل جيد لشهرين فقط.
وألمح إلى أن الشهرين الحالي والمقبل من الأوقات التي تنتشر فيها الفيروسات، وستكون صعبة في حال لم تتخذ الحكومة خطوات جدية لمنع انتشار الوباء ومحاصرته.
وفي ظل الارتفاع غير المسبوق بحالات الإصابة بـ”كورونا”، التي تجاوزت مائتين، يستوجب على الحكومة اتخاذ إجراءات قوية، وفقا لمصدر حكومي، قال “إن حالة الانفلات الوبائي لا يمكن السيطرة عليها مستقبلا، إذا ما ارتفعت معدلات الإصابة إلى المئات والآلاف”.
نائب، طلب عدم الكشف عن اسمه، من جانبه أشار إلى أن تأخير الحكومة في اتخاذ إجراءات مشددة لن يعفيها من مسؤولياتها، بوقف انتشار الفيروس، حتى وان جهزت المستشفيات لاستقبال المرضى والمصابين، إذ أن دورها ابتداء وقائي وليس علاجيا.
وأضاف أن ما تقوم به الحكومة من تأخير في الإجراءات يدفع ثمنه المواطن لاحقا، مؤكدا ضرورة أن تتخذ الحكومة إجراءات قاسية حتى ولو وصلت حد الحظر الشامل في حال استوجب الأمر ذلك.