ملفات اقليمية ساخنة بعد جولات امنية وسياسية
الملك في ابوظبي والصفدي في الرياض وحسني الى رام الله
احتمالية ان تشهد القاهرة وعمان انتخابات فلسطينية للمجلس الوطني واردة
قلق مصري من ادارة بايدن وتخوفات من عدم رسوخ واستقرار المصالحة الخليجية
مرايا – كتب : عمر كلاب
في اللحظة التي تتحسس فيه بعض العواصم رأسها , قبيل ولوج الرئيس الامريكي الجديد الى مكتبه البيضاوي , يسير الاردن بخطوات ثابتة نحو دور محوري اقليمي مسنود بنهج ملكي قائم على التماسك امام عواصف الاقليم وعدم التورط الى المسافة التي لا تقبل الرجعة , فسلوك الدولة الاردنية بعدم التورط في الملفات العربية وتشابكاتها المناطقية تأتي بثمارها رغم التأخير في الحصاد احيانا وصعوبة الكُلف الاقتصادية والسياسية المؤقتة , ولعل المثال الاردني في ملف الخلاف الخليجي – الخليجي حاضر بقوة في الاذهان , رغم محاولات جرّ الاردن الى الانحياز الموّرط .
خلال بواكير الاسبوع الحالي كانت الماكنة الاردنية فاعلة , وعاد هدير الطائرات الملكية يرهق اذان كثيرة , فمن ابو ظبي الى الرياض كانت الحركة مرسومة على البيكار السياسي الملكي , وبالتوازي كانت الزيارة الأمنية الى رام الله وبداية العمل في المحور الاكثر حساسية في الاقليم بعد اعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني تلك الانتخابات التي لم تتكيف اشكالها بعد , ولعل تكييفها في العواصم العربية مرتبط بالتصور الأمني اكثر من ارتباطه بالتصور السياسي لذلك كان لقاء مديري المخابرات في الاردن ومصر مع الرئيس الفلسطيني مؤخرا في رام الله .
حصيلة الجولات والتحركات الاردنية ستكون هي الملف الاسخن على طاولة القمة الثنائية اليوم بين الملك والرئيس المصري , الذي يثق بالعقل الملكي وحنكته في التفاعل والتعامل مع العقل الغربي عموما والعقل الامريكي على وجه الحصر , فتصريح الرئيس الامريكي المُنتخب بعدم التعامل مع الادارات المتناغمة مع ادارة ترامب اربك كل الحسابات في العواصم العربية بعد اندياح معظمها نحو التفاعل العضوي مع ترامب ومشاريعه سواء بالسكوت على خزعبلاته التي افضت الى اعمق ازمة في الخليج العربي بعد احتلال الكويت , او اجراءاته الاُحادية في ملف الصراع العربي – الاسرائيلي , من القدس عاصمة موحدة ونقل السفارة اليها وصولا الى الجولان ومحاولة صهينتها .
ادارة ترامب لم تربك فقط محور الاعتدال العربي بل خلقت شروخا في عموده الفِقري , ونجا الاردن باعجوبة منه , بصمود خارق قاده الملك عبد الله بحكمة ووقار , مما جعل الاردن فعلا عقل دول الاعتدال وجازى الله الجغرافيا والموارد , التي جعلت من الاردن عقلا فقط وليس اداة الفعل القوية لهذا المحور , فالعلاقات مع المحاور المطروحة في الاقليم تجتمع في العاصمة عمان رغم كل الضغوطات والكُلفالسياسية وتبعاتها الاقتصادية , فالسفير الايراني والاسرائيلي والتركي كلهم في عمان , وعلاقات عمان يشوبها الفتور مع بعض المحاور لكنها لا تستكين الى فقه القطيعة مما جعلها حاضرة بقوة في الاقليم .
صحيح ان ثمة تباين في الرأي مع الادارة الجديدة حيال ملفات سياسية تتعلق بالعلاقات مع قوى الاسلام السياسي ومحاور الاصلاحات السياسية والحريات لكنها ملفات ليست ضاغطة على العصب الاردني بنفس القوة الضاغطة على العصب الخليجي الاماراتي والسعودي والمصري وكذلك لم يتورط بالمجازفة بالانحياز كما النموذج القطري , وكل ذلك يؤهل الاردن الى لعب دور استراتيجي في المرحلة القادمة وارتفاع قدرته على العمل الفاعل وبالتالي تحقيق المكاسب المنشودة للحالة الاردنية التي جاء وقت قطاف اعتدالها وعقلانيتها .
كذلك ينتظر الاردن ثمار المصالحة الخليجية ورسوخها على الارض الواقع , فما زال القلق الاردني حاضر من بداية انزياح بين ابو ظبي والرياض بفعل المصالحة وتبعاتها , رغم تأكيدات السفير الكويتي في الاردن بأن المصالحة ثابتة وسيرى الجميع شكلا جديدا من العلاقة الخليجية – الخليجية قوامها التماسك والعمل المشترك , ويبقى الضاغط الاكبر هو مخرجات الانتخابات الفلسطينية في ايار ويوليو القادمين وشكل انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني في العاصمتين عمان والقاهرة وان كان ثمة ترتيبات سيتم التوافق عليها لعقد الانتخابات اساسا .
المشهد مربك نسبيا لكنه اقل اربكا على شاشات الرادار في الاردن , التي ترصد وتحلل كل الرسائل بما فيها امكانية حدوث ارباك يشوب دخول بايدن الى البيت الابيض بعد الخطوة الايرانية غير المفهومة مؤخرا بإطلاق صواريخ على مقربة من البوارج الامريكية , وإن كان ثمة رأي يقول ان الحزب الديمقراطي يبالغ في دور ترامب وجماعته في دخول بايدن الى البيت الابيض لشحن العالم كله وليس الشارع الامريكي فقط ضد ترامب لانهاء ظاهرة الترامبية وتقليل فرصها في مستقبل الايام .