مرايا – تبلغ فعالية لقاح كوفيد-19 من شركة فايزر 95٪، ومودرنا 94٪، وجونسون آند جونسون 66٪، لكن ماذا تعني هذه النسب المئوية في الواقع؟

 
بحسب ما نشره موقع LiveScience، إنه ليس مجرد سؤال أكاديمي، حيث أن طريقة فهم غير المتخصصين لهذه الأرقام تؤثر بدرجة كبيرة على انطباعاتهم وقراراتهم بشأن تلقي اللقاح، ومدى التزامهم بالإجراءات الاحترازية بعد التطعيم، كما تنعكس آثار هذا الفهم على تعزيز سبل منع انتشار الوباء على نطاق أوسع.

أعربت بروفيسور بريان باركر، عالمة الفيروسات في جامعة درو في نيوجيرسي، في إشارة إلى لقاح فايزر، عن اعتقادها بأنه “من المهم أن يكون مفهومًا أنه لقاح فعال للغاية. وأن فاعليته أكثر بكثير مما قد يعتقد البعض”، مشيرة إلى أن الاعتقاد بأن فعالية 95% تعني أنه أثناء التجارب السريرية التي أجرتها شركة فايزر تعرض 5% ممن تلقوا اللقاح بمرض كوفيد-19، هو سوء فهم شائع.

إن المعنى الصحيح هو أن النسبة المئوية الفعلية للأشخاص، الذين تم حقنهم باللقاح تجارب فايزر أو مودرنا، وأصيبوا بكوفيد-19 هي 0.04٪ أي أنها أقل بحوالي مائة مرة من ذلك الاعتقاد الخاطئ. إن ما تعنيه نسبة 95 ٪ في الواقع هي أن الأشخاص الذين تم تطعيمهم لديهم خطر أقل بنسبة 95 ٪ للإصابة بكوفيد-19 مقارنةً بالمجموعة الضابطة، أي الأشخاص الذين لم يتم تطعيمهم في التجارب السريرية. وبمعنى آخر، أن نتائج التجارب السريرية للقاح فايزر أظهرت أن من حصلوا على اللقاح كانوا أقل احتمالًا للإصابة بالعدوى 20 مرة من المجموعة الضابطة.

أفضل من لقاح الحصبة والإنفلونزا

وأضافت بروفيسور باركر أن هذا التوضيح يشير إلى أن اللقاح وفقا لنتائج التجارب السريرية هو “أحد أكثر اللقاحات فعالية”. وللمقارنة، فإن لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية MMR ذو الجرعتين فعال بنسبة 97٪ ضد الحصبة و88٪ فعال ضد النكاف، وفقًا لبيانات المركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها CDC. كما أن لقاح الإنفلونزا الموسمية فعّال بنسبة تتراوح ما بين 40٪ و60٪ (وتختلف نسبة الفاعلية من عام إلى أخر، اعتمادًا على لقاح ذلك العام وسلالات الإنفلونزا) ، لكنه لا يزال، على سبيل المثال يمنع ما يقدر بنحو 7.5 مليون حالة إصابة بالإنفلونزا في الولايات المتحدة خلال موسم الإنفلونزا 2019-2020، وفقًا لما نشره CDC.

لذا، إذا كانت الفعالية تعني تقليل حالات الإصابة بكوفيد-19 بنسبة مئوية قليلة، فإنه تجدر الإشارة أيضا إلى تعريف ما يمكن اعتباره “حالة إصابة بكوفيد-19، حيث أن كل من شركة فايزر ومودرنا تحددها بأنها الحالة التي يمكن أن تُظهر عرض واحد على الأقل (مهما كان خفيفًا) ونتيجة إيجابية لاختبار بي سي أر. أما شركة جونسون آند جونسون فقد حددت “الحالة” بأن تكون نتيجة مسحة بي سي أر إيجابية، بالإضافة إلى عرض واحد على الأقل من الأعراض المتوسطة (مثل ضيق التنفس أو مستويات الأكسجين في الدم غير الطبيعية أو معدل التنفس غير الطبيعي) أو عرضين أكثر اعتدالًا على الأقل (مثل الحمى والسعال والتعب والصداع والغثيان).

إشكالية المقارنات

ويمكن للشخص المصاب بحالة معتدلة من كوفيد-19، وفقًا لهذا التعريف، أن يتأثر بشكل طفيف أو أن يلازم الفراش ويعاني من المرض لبضعة أسابيع.

وهنا تظهر إشكالية أخرى في مقارنة نسبة فاعلية اللقاحات ببعضها البعض، إذ توضح بروفيسور باركر أنه من الصعب مقارنة الفعالية مباشرة بين لقاحات فايزر ومودرنا وجونسون آند جونسون، على سبيل المثال لا الحصر، لأن التجارب السريرية حدثت في مناطق جغرافية مختلفة مع مجموعات سكانية مختلفة، وفي نقاط زمنية مختلفة قليلاً في فترة الجائحة مما يعني أيضا أن هناك طفرات مختلفة في وقت كل تجربة.

وتردف بروفيسور باركر موضحة أنه “كان هناك المزيد من الأشخاص الذين المصابين بسلالة B117 [التحور المنتشر في المملكة المتحدة] أو أنواع أخرى من السلالات والطفرات خلال فترة تجربة جونسون آند جونسون أكثر مما كانت عليه أثناء تجربة مودرنا “.

حماية من ظهور الأعراض

ولم تفحص أي من تجارب اللقاح الثلاث على الإطلاق مصابين بكوفيد-19 دون ظهور أعراض عليهم. وقالت بروفيسور باركر: إن “كل أرقام الفعالية تشير إلى الحماية من ظهور الأعراض، وليس الحماية من التعرض للإصابة”. و(تشير بعض الدراسات المبكرة إلى أن لقاحي فايزر ومودرنا يقللان أيضًا من عدد الجزيئات الفيروسية في جسم الشخص، والتي تسمى الحمل الفيروسي، واحتمالية الاختبار الإيجابي على الإطلاق، مما يقلل من انتقال العدوى. ولكن مازالت هناك حاجة حتى الآن للتأكد من دقة هذه الدراسات والنتائج، بحسب ما ذكرته بروفيسور باركر، فإنه لا يمكن لمن تم حقنهم باللقاح أن يتخلوا عن ارتداء الكمامات الواقية واتباع باقي الإجراءات الاحترازية.

لكن جميع التجارب الثلاث استخدمت أيضًا تعريفًا ثانيًا لـ”حالات الإصابة”، يُحتمل أن يكون أكثر أهمية، حيث إن المعيار الأكثر حسمًا هو مدى الفاعلية والحماية من أسوأ مضاعفات كوفيد-19. لذا، فإن الشركات الثلاث قامت أيضًا بقياس أداء لقاحاتهم ضد حالات الإصابة الشديدة، مما يعني تأثر القلب أو معدل التنفس بشدة و/أو الحاجة إلى الأكسجين الإضافي ودخول وحدة العناية المركزة وفشل الجهاز التنفسي أو الوفاة.

حماية 100% من الوفاة

كانت جميع اللقاحات الثلاثة فعالة بنسبة 100٪ في الوقاية من الأمراض الشديدة بعد ستة أسابيع من الجرعة الأولى (لعقار مودرنا) أو سبعة أسابيع بعد الجرعة الأولى (بالنسبة إلى لقاح فايزر وجونسون آند جونسون، حيث أن الأخيرة تشتمل على جرعة واحدة فقط)، لم يضطر أي من الأشخاص، الذين حصلوا على اللقاح للدخول إلى المستشفى، كما لم تسجل أي حالة وفاة بسبب كوفيد-19، بعد أن أصبحت اللقاحات سارية المفعول بالكامل. واختتمت بروفيسور باركر قائلة: “نحن محظوظون بشكل لا يصدق لمدى فعالية هذه اللقاحات”.