الاحتلال يقمع احتفال آلاف المقدسيين بانتصارهم ويطاردهم

 عاد الهدوء الحذر إلى القدس المحتلة، أمس، بعد انتصارها على الاحتلال الصهيوني الذي رضخ لصمود المقدسييّن بإزالة الحواجز الحديدية من محيط باب العمود بالمدينة وانسحابه منه، وسط احتفالات عارمة للشبان المقدسييين امتدّت حتى فجر أمس.

ولم يمنع ذلك قوات الاحتلال من مطاردة الفلسطينيين ومهاجمتهم واعتقال وإصابة العديد منهم، في مواجهات محدودة، بالتزامن مع إغلاقه بحر قطاع غزة بالكامل في وجه الصيادين الفلسطينيين الذي يعتبر مصدر رزقهم الوحيد.
وفي وقت سابق؛ قمعت قوات الاحتلال تجمهر آلاف الفلسطينيين، من شبان وشيوخ ونساء وأطفال، بمنطقة باب العامود، واعتدت عليهم بالضرب، أثناء احتفالهم بانتصارهم على الاحتلال، وترديدهم للهتافات والشعارات الوطنية، بعدما تمكنوا من اقتلاع الحواجز الحديدية عند باب العامود، وأجبروا الاحتلال على إزالتها، كما أسقطوا البوابات الإلكترونية أمام المسجد الأقصى العام 2017.
وقد انسحبت شرطة الاحتلال من المكان عقب مواجهات استمرت عدة أيام، أسفرت عن اعتقال أكثر من 100 مقدسي وإصابة 750 آخرين، خلال اعتداءات نفذتها قوات الاحتلال ضدهم.
غير أن معركة المقدسيين مع الاحتلال لم تنتهِ بعدْ؛ حيث دعت ما تسمى “جماعات المعبد” اليهودية المتطرفة، التي فازت بمقاعد في الكنيست الصهيوني خلال الانتخابات الأخيرة، إلى مؤتمر تحضيري لبحث كيفية تنظيم “اقتحام آلاف المستوطنين للمسجد الأقصى في يوم القدس”، الذي يوافق في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، بدءاً من شهر أيار (مايو) المقبل.
وتعد هذه المرة الأولى التي تدعو فيها المنظمات المتطرفة إلى مؤتمر بهذا الحجم لاقتحام المسجد الأقصى، وحثها لأنصارها من المستوطنين على جعل يوم الـ 28 رمضان علامة فارقة في عدوانهم ضد المسجد.
واعتبرت “جماعات المعبد” المتطرفة في دعوتها، أن المؤتمر يشكل “خطوة مهمة على طريق استعادة مقدسهم”، ونحو عودة شعب “الاحتلال” إلى جبل المعبد، وفق مزاعمها.
وفي الأثناء؛ توالت ردود الفعل الفلسطينية المُشيّدة بانتصار الشعب الفلسطيني على الاحتلال؛ حيث اعتبرت حركة “فتح” أن “القدس تؤكد للجميع فلسطينيتها وعروبتها وقوتها بالرغم من محاولات التهويد الصهيونية المتواصلة”.
وقال عضو المجلس الثوري، المتحدث الرسمي باسم حركة فتح، أسامة القواسمي، إن “المقدسيين بهبتهم يدافعون عن كرامة الأمتين العربية والإسلامية، ويعلنون بأن القدس هي بوابة الحل، ولا استقرار بدون أن تكون عاصمة دولة فلسطين المستقلة”.
من جانبه؛ قال القيادي في حركة “حماس”، خليل الحية، إن “رضوخ الاحتلال لمطالب المنتفضين في القدس، دليل واضح على إن الاحتلال لا يُجدي معه إلا المواجهة والمقاومة بأشكالها كافة”.
وأضاف إن “المقدسيين أثبتوا مجدداً قدرتهم على مواجهة الاحتلال وصد مخططاته، والحفاظ على المدينة المقدسة ومسجدها المبارك وهويتها الفلسطينية العربية، مثلما أثبتوا أنهم أقوى من الجلاد والاحتلال، بتسجيلهم انتصاراً جديداً عليه”.
ودعا الحية “الكل الفلسطيني، إلى البناء على إنجاز المقدسيين، بفرض الانتخابات في مدينة القدس بقرار وطني فلسطيني، وتحويل يوم الاقتراع إلى مواجهة واشتباك مع الاحتلال”.
بدورها؛ دعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى “استثمار الانتصار الميداني في القدس المحتلة وحالة الالتفاف الوطنية والشعبية والفعاليات والتظاهرات العارمة، من أجل وضع برنامج عمل وطني لدعم صمود أبناء الشعب الفلسطيني في القدس بما يعزز من قدرتهم على التصدي للهجمة الصهيونية المتواصلة على المدينة ومقدساتها، وينهي التقصير والإهمال بحقهم”.
ونوهت إلى ضرورة تشكيل القيادة الوطنية الموحدة لإدارة وتوسيع الاشتباك المفتوح مع الاحتلال على امتداد الوطن المحتل، وتنفيذ القرارات الوطنية بفك الارتباط معه ووقف الالتزام باتفاقيات “أوسلو” والتزاماتها الأمنية والسياسية والاقتصادية.
وبالمثل؛ قالت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، إن “الشعب الفلسطيني انتصر بإرادته الفولاذية وبصموده وتضحياته وبمشاركة كافة أبناء الشعب الفلسطيني داخل الوطن المحتل وخارجه”.
ورأت أن انتصار القدس على الاحتلال يبرز القدرة على “فرض حضورها في معركة الديمقراطية المتمثلة بالانتخابات القادمة عبر الاشتباك مع الاحتلال وليس من خلال انتظار موافقته عبر بروتوكولات أوسلو التي عفا عنها الزمن”، وفق قولها.
وقالت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية إن شباب القدس وأهلها أثبتوا قدرة وحدة النضال والإصرار بالحق على إفشال إجراءات واضطهاد المحتلين والتصدي لعنصريتهم.
وأوضحت أن هذا الانتصار يؤكد امكانية فرض الانتخابات الديمقراطية في القدس رغم أنف الاحتلال وجعلها معركة مقاومة شعبية ناجحة.
وأكد حزب الشعب الفلسطيني أهمية المقاومة الشعبية الفاعلة في تحقيق إنجازات وانتصارات مهمة على طريق النضال الوطني لصدّ مخططات الاحتلال ضد القدس، والقضية الفلسطينية برمتها، ما يستدعي الإسراع بتوسيع وتعزيز المقاومة الشعبية وتعميقها في مواجهة الاحتلال.
في غضون ذلك؛ أغلقت سلطات الاحتلال، أمس، بحر غزة في وجه الصيادين الفلسطينيين “رداً على إطلاق الصواريخ من القطاع تجاه المستوطنات الصهيونية المحاذية له”، وفق زعمها.
واعتبر الناطق باسم حركة “حماس”، عبد اللطيف القانوع، إغلاق الاحتلال بحر قطاع غزة أمام الصيادين، تعديا صارخا على حقوقهم وأحد أشكال العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني.
وقال القانوع، في تصريح له، إن “سياسة الاحتلال العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني لن تكسر روح الصمود لديه أو تحد من عزيمته”.
وأضاف: “لن نقبل بإجراءات التضييق والتشديد من جديد على أبناء الشعب الفلسطيني، بينما يتحمل الاحتلال الصهيوني النتائج المترتبة على سلوكه العدواني”.
وقد دوت صفارات الإنذار، فجر أمس، في المستوطنات الصهيونية القريبة من غلاف غزة، بعد إطلاق قذائف صاروخية من القطاع باتجاهها، بحسب ما أعلن جيش الاحتلال الصهيوني.