بعد فراق 17 يوماً عن صلاة التراويح في المساجد هذا العام، نعود لنصليها، ونستشعر روحانياتها ولذتها، ونستجمع الهمم، وكسب الأجر، ونرفع أكف الضراعة لله طالبين المغفرة والرحمة وندعو الله زوال البلاء.
بلهفة وشجن استقبل المصلون، خبر السماح بأداء صلاة التراويح في المساجد والذهاب لها سيراً على الاقدام، كأنه يوم عيد، يباركون لبعضهم البعض ويهنئون بهذا القرار الذي أوقع في النفس بشارة خير، حيث حُرموا منها رمضان العام الماضي احترازيا، في ظل انتشار فيروس كورونا، والذي أودى بحياة الكثيرين.
وكانت الحكومة قد أعلنت على لسان وزير الدولة لشؤون الاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة المهندس صخر دودين، السماح للمواطنين بالخروج سيرا على الأقدام لأداء صلاتي العشاء والتراويح اعتبارا من يوم الجمعة الثلاثين من نيسان، وبحسب مدة حددها وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية بـ 45 دقيقة من وقت أذان العشاء وبعدها يغلق المسجد مباشرة.
وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، التقت عددا من رواد المساجد وحمائمه للحديث عن وقع خبر إعادة فتح المساجد لأداء صلاة التراويح في النفوس، حيث قال الشيخ عبدالله الشويكي إن صلاة التراويح في المساجد لذة لا يعدلها لذة، وما زادها شوقا أننا حرمنا منها العام الماضي ، وفي عشرين يوما خلت من رمضان الحالي، وما يهون علينا أنها جاءت في العشر الأواخر من رمضان.
واشار الشويكي إلى أن عودة فتح المساجد لصلاة التراويح في الثلث الأخير من رمضان، سيسعد بها أهل المساجد وحمائمها لما في ذلك من طمأنينة وسكينة ووقار واستدعاء للهمة وتنشيط للمسلم في زيادة الجهود والعمل للتقرب الى الله، داعيا بالتوجه إلى الله بالدعاء وبقلوب موقنة الإجابة بزوال هذه الجائحة، مشيرا إلى أن التراويح بالمساجد هي ما تميز شهر رمضان المبارك، ولها روحانية إيمانية خاصة في نفوس المسلمين.
وبدوره، قال السبعيني فريد الشيخ الذي يجد المسجد بيتا ثانيا، إن صلاة التراويح سنة سنها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، حيث تحتل أهمية خاصة لدى الصائمين، فهي لقاء اشتياق وتجرد عن ملاهي الحياة وتطلع إلى مرضاة الله، مشيرا إلى أن هذه الليالي يغتنمها المسلم لغسل الذنوب وتهدئة الروح، وتحصيل الأجر العظيم والخيرات.
وأشار الشيخ إلى أننا في رمضان الماضي حُرمنا هذه الصلاة، لذا علينا أن نعوض ذلك بالعشر الأواخر من رمضان هذا العام، وأن نستجمع الطاقات وأن نتوجه إلى الله بقلوب خاشعة، وننسى كل فكر يشغلنا عن عبادة الله، فالأيام سريعة وراحلة.
وقالت المعلمة هبة النجار إن صلاة التراويح تحقق عظمة الشعور في النفس لما فيها من السكينة والطمأنينة، والثقة التي تتولد داخل النفس حين يرفع المؤمن أكف الضراعة لله طالبا العفو والأجر، حينها ينتاب المؤمن يقين، بأن الدعاء سيستجاب لبركة هذا الشهر المبارك، مشيرة إلى أن شهر رمضان هو شهر القرآن والإيمان والدعاء.
ففي هذا الشهر المبارك، تقول النجار يزيد المسلمون فيه أعمال الخير، طالبين من الله العلي العظيم، مضاعفة الأجر والثواب، فهو فرصة لتجديد الإيمان في النفوس، واستشعار محبة الله، بدوام الصحة والعافية، لا سيما ونحن نعيش في ظل جائحة تحصد الأرواح وتسرق العزيزين.
وأشارت إلى أن على الجميع أن يسعد، ويحمد الله بأداء صلاة التراويح في العشر الأواخر من رمضان، حيث فيها ليلة القدر، وأن يتسابقوا لعمل الخير، وأن يحافظوا على السلامة العامة، بالالتزام بالتعليمات الصحية، حفاظا على السلامة العامة، ولتبقى مساجدنا آمنة ومشرعة أبوابها، مستذكرة رمضان العام الماضي، وفيه خيم الحزن على النفوس؛ بتعليق صلاة التراويح في المساجد جراء الوباء.
عميد كلية الشريعة بجامعة جرش، الدكتور عبدالله الوردات، قال إننا اليوم وبعد فِراق مرير ها هي بيوت الله تشرع أبوابها، لصلاة التراويح، لننتقل من صلاة البيوت إلى بيوت الله ورحابه، فرحين مستبشرين، مهنئين بعضنا البعض، بهذه العودة المباركة، وهذا دليل على أن الخير باق في هذه الأمة إلى يوم القيامة كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واكد الوردات أن الابتلاء سنة من سنن الله في هذا الكون، يبتلي الله عباده بالخير والشر، لقوله تعالى: ( وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)، مشيرا إلى أهمية النظر إلى كل ابتلاء يصيبنا بإيجابية فأمر المؤمن كله له خير.
وأشار إلى أن البلاء هو اختبار إلهي ورسالة ربانية، الحكمة منه الصبر والرجوع إلى الله تعالى والتعلق به والرضى بقضائه وقدره، وعند الامتحان تظهر معادن الناس؛ فمنهم من عرف الغاية والمقصد فأخذ بالأسباب وهو مطمئن القلب، ومنهم من شغله الفعل عن الفاعل، فتاه وضجر وسخط.
وبين أن جائحة كورونا هددت حياة الناس جميعا، وغيرت من حياتهم الطبيعية وما اعتادوه وأوقعتهم في حرج شديد وضنك وخوف وهلع واضطراب، وأغلقت المساجد جراء ذلك وإيقاف صلاة الجمعة والجماعات وصلاة التراويح في رمضان.
ودعا الوردات إلى التوجه إلى الله بالدعاء والصبر وعدم الجزع، ومعرفة الأساليب والإجراءات الوقائية، التي نقاوم بها هذا الوباء واستشعار المسؤولية من الجميع، مع القناعة بأن الوباء أمرٌ واقع وخطير، يتحمل المجتمع الجزء الأعظم من مسؤولية مواصلة التحرز والاحتياط منه إلى زوال هذا الوباء.
وحذر من التسبب في إعادة نشر هذا الوباء وحرمان المسلمين من شعائر شهرهم الكريم ومن أيام هي خير الأيام، فكما أمرنا الله تعالى بإقامة الشعائر من قيام الليل وصيام وصلاة أمرنا كذلك بالأخذ بالأسباب ودفع الضرر والمضرة عن الناس، لقوله صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار).
وتابع:” فلا تجعلوا تعطشكم لطاعة الله وعبادته سببا للإضرار بالناس، ولا تجعلوا بيوت الله مكانا لنشر الضرر والوباء، فعليكم بالالتزام بطرق الوقاية وأخذ الحيطة والحذر من هذا الوباء، من لبس الكمامة وتعقيم اليدين والالتزام بالتباعد وإحضار السجادة الخاصة للصلاة، مؤكدا أن من ابتلي بهذا الوباء وجب عليه التزام منزله حتى لا يكون سببا في اتساع رقعة هذا البلاء.
يذكر أن وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور محمد الخلايلة عمم على مديري الأوقاف في جميع محافظات المملكة بجملة من الإجراءات والتعليمات الواجب الالتزام بها عقب قرار الحكومة بالسماح لأداء صلاتي العشاء والتراويح، وتوجيه أئمة المساجد بعدم الإطالة في صلاة الجماعة والتخفيف على المصلين، وتوجيه مدراء الأوقاف بتشكيل لجان تفتيش على المساجد في المديريات.
(بترا)