قال وزير الداخلية، مازن الفرايه، إن التوجيهات الملكية السامية أكدت باستمرار ضرورة حفظ الأمن والنظام العام وتأمين الحياة الكريمة للمواطن الأردني ومنع أي تجاوزات على حق المواطن في الحياة والعيش الآمن في مكان سكناه وإقامته.

جاء ذلك لدى ترؤس الفرايه، اليوم الأربعاء، في مبنى الوزارة اجتماعا، لإعلان وثيقة ضبط الجلوة العشائرية التي أعدتها وزارة الداخلية، بالتعاون مع الجهات المعنية، بحضور وزيري العدل الدكتور أحمد زيادات، والأوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الدكتور محمد الخلايلة، ومستشار جلالة الملك لشؤون العشائر عاطف الحجايا، وسماحة قاضي القضاة الشيخ عبد الحافظ الربطه، وسماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد الكريم الخصاونة، وأمين عام وزارة الداخلية الدكتور خالد أبو حمور، ونيافة مطران الأردن/ رئيس مجلس الكنائس في الأردن المطران خريستوفورس عطا الله، ومحافظي الميدان عبر تقنية الاتصال المرئي والمسموع، ومساعد مدير الأمن العام للقضائية العميد محمد طبيشات.

وأوضح وزير الداخلية أن هذا اللقاء المهم يهدف إلى إشهار خطوة مهمة على طريق إنهاء ممارسة تسربت إلى عاداتنا وتقاليدنا، بما يسمى “الجلوة العشائرية”، مبينا أن القرآن الكريم حث في أكثر من موضع على أهمية الإصلاح بين الناس وتحقيق العدل وعدم تحميل الآخرين نتائج أعمال أو جرائم لم يرتكبوها، امتثالا لقول المولى عز وجل: “ولا تزر وازرة وزر أخرى” وقوله تعالى ‏”إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أخويكم”.‏وأضاف الوزير الفرايه أن العشائر الأردنية تعتبر إحدى المكونات الأساسية للمجتمع الأردني، وذلك انطلاقا من كونها وحدة اجتماعية راسخة، أركانها (الانتماء للوطن، والولاء للعرش الهاشمي المفدى)، مسخرة طاقاتها وخبرات أبنائها لخدمة الأردن الأقوى والأجمل بعيداً عن العصبيات الضيقة والمصالح الشخصية.

وأشار إلى أن “ضبط الجلوة العشائرية هو موضوع لقائنا هذا اليوم، حيث لاحظنا جميعاً خروج البعض عن العادات والأعراف والتقاليد العشائرية المتبعة، والتشدّد بالمطالبات المادية والمعنوية، وعلى نحو يخالف شريعتنا الغراء والديانات السماوية جمعاء وقيمنا الإنسانية، وخاصة فيما يتعلق بالجلوة وتبعاتها”.

وقال إنه يوجد نحو (413) قضية عشائرية على مستوى المملكة ما زالت منظورة ويجري التداول بشأن حلها وإنهائها وصولاً إلى الصلح والوئام، إلا أن كثرة الاجتهادات والاختلافات، والبدع الدخيلة، والمغالاة والتشدد من قبل بعض الأطراف المعنية بهذه القضايا أدى إلى تأخير حلها.

وأكد أن اعتماد وثيقة ضبط الجلوة العشائرية سيؤدي إلى إنهاء الظواهر غير الحضارية، ومنع أي تجاوز على العادات والأعراف العشائرية وإنهاء البدع الدخيلة على مجتمعنا بهذا الخصوص، وخاصة فيما يتعلق بالجلوة في ظل التقدم الحضاري والعلمي والعمراني، وقيام البعض بحرق البيوت والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة والأخذ بالثأر وفرض شروط في صكوك الصلح والعطوة تخالف الدستور والقوانين والعادات العشائرية، فلا يعقل أن تجلي مئات العائلات من بيوتها ومن مناطق سكناها إلى مناطق أخرى ويستمر هذا الجلاء لأشهر أو سنوات.

وبين الفرايه أنه جرت صياغة وثيقة ضبط الجلوة العشائرية بما يحقق الغايات المرجوة وسيصار إلى مباشرة العمل بتنفيذها خدمة للوطن العزيز على قلوبنا، خاصة وأن هذا يأتي في وقت تعمل دائرة قاضي القضاة على استكمال إصدار قانون (الديات).

وبين وزير الداخلية أن الوثيقة تضمنت العديد من البنود أهمها اقتصار تطبيق الجلوة على القضايا العشائرية وهي (القتل)، وأن المشمولين بالجلوة هم: (القاتل، والد القاتل، أبناء القاتل) من الذكور فقط لا غير، وأن مُدة الجلوة سنة واحدة قابلة للتجديد وحسب ظروف القضية التي يقررها الحاكم الإداري والمجلس الأمني في المحافظة، وأن مكان الجلوة يكون من لواء إلى لواء أو من حي إلى حي داخل المدينة وحسب نوع وظروف القضية، وأن تقدير قيمة الدية يعود إلى سماحة قاضي القضاة.

وبين وزير الداخلية أن الوثيقة مرت بمراحل متعددة، حيث جرى التوافق بين وزارة الداخلية ومستشارية شؤون العشائر على صيغة وثيقة ضبط الجلوة العشائرية، وجرى عرضها على الشيوخ والوجهاء والأشخاص المؤثرين في المحافظات والألوية كافة وتوقيعهم خطياً بالموافقة على اعتمادها وتم مخاطبة رئيسي مجلس الأعيان والنواب واللذين وافقا على اعتمادها والثناء على مضامينها.

وقال إنه بناء على ذلك فقد صدر قرار مجلس الوزراء رقم (3643) المتخذ في جلسته المنعقدة في الثامن من الشهر الحالي بالموافقة على اعتماد هذه الوثيقة.

وأوعز وزير الداخلية إلى المحافظين والحكام الإداريين، خلال الاجتماع، بالعمل مباشرة وبالتعاون مع كافة الجهات ذات العلاقة على تنفيذ بنود هذه الوثيقة بكل حزم وجدية بعيداً عن المجاملات وصولاً إلى تحقيق الأمن والسلم المجتمعي بمفهومه المطلق ودون السماح بالتجاوز على حياة المواطنين وحريتهم بالإقامة والسكن والعيش الكريم. من جانبه، قال وزير العدل إن الجلوة العشائرية ليس لها أي سند قانوني، معربا عن أمله بأن تكون الوثيقة خطوة مهمة لإلغاء الجلوة، فيما اعتبر وزير الأوقاف أن الوثيقة تمثل حلفا جديدا لتحقيق العدل وترسيخ الحقوق ونصرة كل إنسان مظلوم تم إخراجه من بيته ومنطقة سكناه بغير حق أو دون ارتكابه لأي ذنب، داعيا المواطنين وجميع فئات المجتمع إلى الالتزام ببنود الوثيقة.

وأعرب مستشار جلالة الملك عن بالغ الشكر لجميع الجهات التي ساهمت في صياغة الوثيقة خلال الفترة الماضية، مؤكدا أن التوجيهات الملكية السامية لمستشارية العشائر تركز باستمرار على متابعة قضايا العشائر ومنها الجلوة وتبعاتها السيئة على المواطنين، حيث تم عقد عدة لقاءات مع الجهات المعنية ومختلف الفعاليات لتسليط الضوء على آثار الجلوة حتى تم صياغة واعتماد هذه الوثيقة.

وقال مفتي المملكة إن الجلوة لا يوجد لها سند شرعي ولها أضرار كبيرة على ذوي الجاني وأقربائه، لا سيما تشريد الكثير من العائلات والأفراد دون ذنب، كما ثمن قاضي القضاة هذا الجهد المشترك المتمثل بإعداد وصياغة الوثيقة التي أجمعت عليها جميع الجهات ذات العلاقة وعلى المستويين الرسمي والشعبي، داعيا إلى الالتزام ببنودها وتطبيقها على الفور.

وقال رئيس مجلس الكنائس “إننا جميعا مدعوون لتعزيز السلام والأخوة ونبذ الفرقة وعدم تحميل الآخرين مسؤولية تصرفات لم يرتكبوها”، معتبرا أنه الوثيقة ستحقق آثارا إيجابية على الكثير من العائلات والأسر.

واعتبر مساعد مدير الأمن العام أن الجلوة العشائرية تفرض على المنظومة الأمنية عبئا كبيرا لحماية الأسر وترحيلهم من مناطق سكنهم وأن الوثيقة ستسهم بشكل مباشر في تخفيف هذا العبء. وفي نهاية الاجتماع، دعا وزير الداخلية المشاركين بالاجتماع للتوقيع خطياً على الوثيقة، حيث تم التوقيع عليها وإعلانها ومباشرة العمل بتطبيق بنودها.