قال السفير العراقي لدى الأردن، حيدر منصور العذاري، إن المباحثات الفنية المتعلقة بمشروع مد أنبوب النفط بين العراق والأردن، دخلت مرحلة “متقدمة جدا” وجدية، بالتوازي مع مباحثات إنشاء المنطقة الصناعية المشتركة، إضافة إلى مشروع الربط الكهربائي الاقليمي، وهي مشاريع أقرّت رسميا ضمن مخرجات قمة بغداد الثلاثية المنعقدة في حزيران المنصرم.
وكشف السفير العذاري في لقاء مع CNN بالعربية، عن إصرار العراق والمملكة وحرصهما على إنجاز منظومة المشاريع بمنأى عن أية “تباينات سياسية في وجهات النظر”، وفي إطار التنسيق الإقليمي الثلاثي بين العراق والأردن ومصر، مؤكدا أن سياسة الانفتاح التي انتهجتها القيادة العراقية مع الأردن على وجه الخصوص خلال العامين الماضيين، “مستمرة”.
وأضاف: “نحن نعمل مع الأردن في كل الاتجاهات، كل دولة لديها وجهة نظرها وتوجهاتها في علاقاتها الإقليمية والدولية، العراق يحترم خصوصية الأردن وعلاقاته مع الدول المحيطة ودول العالم، وكذلك الأردن يحترم علاقات العراق، وهذا لا يمنع تشكيل علاقة تكاملية”.
وبيّن الدبلوماسي العراقي، أن تنسيق تلك المشاريع يجري على مستوى رفيع جدا، عبر مكاتب القيادات الثلاثة الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وذلك لضمان تسهيل أية عراقيل محتملة، وفقا له.
وعن مشروع الربط الكهربائي مع الأردن أكد العذاري أنه يشهد أيضا تقدما، وكذلك المنطقة الصناعية المشتركة، حيث تم تكليف شركة لإجراء دراسة جدوى ورفع توصيات بها، إلى الوزارات المعنية لدى الجانبين.
ورجّح العذاري خلال حديثه، اتخاذ خطوات أخرى متقدمة بشأن أنبوب النفط في المرحلة المقبلة، وتحديدا بعد تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، كاستحقاق بعد إعلان نتائج الانتخابات العراقية.
وتسلمت الحكومة العراقية، وفقا للعذاري منذ إقرار مجلس الوزراء العراقي مشروع الأنبوب قبل أشهر، عروضا من شركات مهتمة بتنفيذه وهي قيد الدراسة، وقال: “نتطلع لإحالة المشروع للتنفيذ إلى الشركات الأفضل”.
ويعد المشروع الذي يمتد من البصرة إلى العقبة وعلى امتداد نحو 1700 كيلومتر، منفذا جديدا للعراق “وفرصة لتنويع مصادره في تصدير النفط الخام العراقي”، بحسب العذاري، وهو مشروع تم الاتفاق عليه في 2013.
وأضاف: “بعد إنجاز الأنبوب سيتم ربطه مع مصر ضمن التنسيق الثلاثي كما هو مشروع الربط الكهربائي بين الأردن والعراق وتحديدا في المنطقة الغربية، سيتم الربط أيضا مع جمهورية مصر”.
وقالت وزارة النفط العراقية في بيان لها قبل أيام، إن المشروع يهدف إلى إضافة قيمة اقتصادية للعراق والأردن، شريطة تخفيض كلف التنفيذ الى ما دون 9 مليارات دولار.
ويزّود العراق الأردن بما مقداره 10 آلاف برميل من النفط الخام يوميا، وبما مجموعه 840 ألف خلال الاشهر الثلاثة الماضية، وفقا لتصريحات حكومية، وهي عملية تتم بموجب مذكرة تفاهم أبرمت أوائل 2019 جددت مؤخرا.
وعن المنطقة الصناعية الحدودية المقرر إقامتها على مقربة من معبر طريبيل العراقي والكرامة الاردني (بمساحة تقدّر بـ4800 دونم)، بيّن العذاري أنها ستتضمن مدينة صناعية ومنطقتين “حرّة”، وذلك لخدمة الشركات الصناعية والمصانع، وأضاف: “هذا مشروع استراتيجي تنموي سيعود على البلدين بالفائدة، خاصة وأن العراق ليس عضوا في منظمة التجارة العالمية بينما الأردن عضو فيها”.
وتراجع حجم التبادل التجاري بين العراق والأردن، بسبب قيود جائحة كورونا، خلال العام 2020 ليسجّل ما لا يتجاوز 450 مليون دينار أردني، فيما سجل قبل نحو عامين، ما يقارب المليار دينار أردني، وفقا للعذاري.
واعتبر الدبلوماسي العراقي أن ذلك “أقل من المأمول”، لكنه أوضح بأن الحركة التجارية لم تتوقف يوما حتى مع إغلاق الحدود أمام المسافرين، وأنها اقتصرت على نقل البضائع وفق نظام تفريغ البضائع وإعادة تحميلها في منطقة مشتركة دون دخول سائقي الشاحنات إلى أراضي البلدين، فيما أعيد السماح بالعمل بنظام المناولة المباشرة ودخول السائقين منذ سبتمبر/ أيلول المنصرم.
ومن بين التسهيلات المساندة، السماح لسفارتي البلدين بمنح التأشيرات لسائقي الشاحنات لمدة 6 أشهر، وفقا للعذاري، وقال إن “تم تجاوز الروتين في هذه العملية الآن هناك صلاحيات للسفارتين بإصدار التأشيرات خلال يومين أو ثلاثة”.
وتقدّر قيمة الاستثمارات العراقية في المملكة بنحو 18 مليار دولار أمريكي، إذ قال العذاري إن هناك مساع متواصلة، لتذليل العقبات أمام المستثمرين العراقيين، عبر تعزيز الاتصال بين السلطات الأردنية والمستثمرين.
وقال العذاري: “السفارة مهتمة بدعم المستثمرين العراقيين في الأردن، وتذليل العقبات أمامهم من خلال تشكيل فريق عمل برئاستي، وعضوية عدد من رؤساء الاقسام المختصة بالسفارة ليكون حلقة وصل، ما بين المستثمرين العراقيين والجهات الاردنية المختصة، ننظر إلى استحداث وزارة استثمار أردنية في تعديل حكومة بشر الخصاونة الأخير، بأنها رسالة ايجابية ورغبة حقيقية من قبل الحكومة الاردنية لدعم الاستثمار وتهيئة الاجواء المناسبة له”.
وعن الجدل المتعلق بتفاهمات بغداد وعمّان، حول أموال عراقية محجوزة لدى الأردن منذ سنوات، أكد العذاري أن “هناك تنسيق منذ سنوات بشأن هذا الملف، وأنه ملف قانوني بحت”.
وأضاف: “هيئة استرداد الأموال في العراق تواصل التنسيق بهذا الشأن، وتردنا مخاطبات ونتواصل مع الجهات الأردنية المعنية، وأجريت عدة زيارات متبادلة والتقينا محافظ البنك المركزي زياد فريز ووزير العدل الاردني ورئيس المجلس القضائي، ما كان أن الصورة لم تكن واضحة تماما لكن الجانب الأردني، أبدى استعدادا كاملا للتعاون مع العراق في هذا الملف”.
وتابع السفير العذاري قوله إن “هذا الملف شائك بالعموم وهو من اختصاص الدائرة القانونية في وزارة الخارجية العراقية مع هيئة الاسترداد والقسم القانوني في السفارة”، وأضاف: “الأمور قيد التفاهم، وأنها ليست دعوى مرفوعة”، لافتا إلى أن “هناك إجراءات قضائية لابد من السير فيها”، مبينا أن هذا الملف من ضمن الملفات المتفق على إنهائها.
وجاء توضيح السفير، عقب تصريحات نشرتها وكالة الأنباء العراقية، قبل أيام عن مديرة الدائرة القانونية في وزارة العدل العراقية حنان منذر نصيف، أنه “تم البدء حاليا بإقامة دعاوى قضائية في الأردن لأنها أكثر دولة لديها أموال محجوزة ومطلوب استردادها للعراق وهي منظورة أمام القضاء”.