مرايا – قالت السلطة القضائية كلمتها الفصل بحق 236 شخصا، اعتادوا ارتكاب جرائم السرقة والجنايات الأخرى بحق المجتمع بين عامي 2019-2021، وغلظت العقوبات الصادرة بحقهم لتصل في عدد منها الى الأشغال المؤقتة والسجن لمدة وصلت إلى 30 عاما.

وتتبعت وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، تعامل السلطة القضائية مع الأشخاص المدانين بالجرائم وعادوا لتكرارها على مدار ثلاث سنوات، وتبين أنها استخدمت العقوبة الأشد في 151 حكما ضمت 236 شخصا تمت إدانتهم بجرائم متعددة وعادوا لارتكاب الجرائم، لتحقيق الردع العام والخاص بحقهم.

وارتكب عدد من المدانين 15 جريمة بحق أفراد ومؤسسات، واستخدم القضاة العقوبة الأشد بحقهم حسب نصوص القانون وقرروا وضعهم بالسجن لمدد تراوحت بين 15 و 22 و30 عاما، وتدرجت العقوبات حسب خطورة هذه الجرائم على المجتمع، وتبين أن بقاءهم خارج السجن يشكل خطرا كبيرا تم معه تغليظ العقوبات وجمعها بحق المدانين.

وصنفت دراسة رسمية حكومية أجرتها وزارة العدل، فئات الجرائم المرتكبة في الأردن بين الأعوام 2013-2017 من حيث خطورتها وحجمها في المجتمع إلى 24 صنفا، وكان أكثرها ارتكابا الإيذاء بشتى أشكاله، مشيرة إلى أن أغلب نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل هم من فئة الشباب بين 18-41 عاما.

وبحسب نتائج الدراسة فإن 50.4 بالمئة من نزلاء مراكز الإصلاح قالوا إن سبب عودتهم للجريمة هو عدم وجود فرص عمل لهم في سوق العمل، و 30.4 بالمئة قالوا إن السبب هو توفر العيش في السجن دون مقابل، بينما أوضح 36.4 بالمئة أن سبب العودة للجريمة هو استمرار علاقتهم برفاق السوء خارج هذه المراكز، و47.1 بالمئة يكمن في عدم تقبل المجتمع لهم والنظرة السلبية لهم بعد خروجهم، فيما أفاد 51.6 بالمئة أن السبب هو غياب الرادع المجتمعي والوازع الديني.

وبينت الدراسة أن عدد الذين ارتكبوا جرائم خلال فترة الدراسة بلغ نحو مليون شخص بلغت نسبة الذكور منهم 80.5 بالمئة، وأغلب نزلاء مراكز الإصلاح موضوع الدراسة متزوجون، وقال 39.2 بالمئة من النزلاء الذين خضعوا للدراسة، انهم ارتكبوا أكثر من جريمة.

وبدأ العمل على الدراسة التي حملت عنوان “الجريمة والعود الجرمي واستراتيجيات المواجهة في المجتمع الأردني”، منتصف العام 2018 واستمرت ثلاثة اعوام، بناء على طلب من وزارة العدل، حيث تم تشكيل لجنة ضمت 15 شخصا من المختصين والخبراء في الجريمة والعقاب من الوزارة والمجلس القضائي ومديرية الأمن العام ووزارة التنمية الاجتماعية وخبراء من الجامعات الأردنية ومشروع سيادة القانون الممول من الوكالة الأميركية للتنمية، والمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي.

وقالت المتخصصة بعلم النفس التربوي الدكتورة روضة الرمحي لـ (بترا)، إن الدوافع والأسباب وراء ارتكاب الافراد للجرائم او تكرار ارتكابهم لها متنوعة ومتداخلة ولا يمكن حصرها في عامل واحد، حيث ان هناك من يقوم بتكرار نفس الجرم الذي ارتكبه سابقا ويسمى “العوْد الخاص”، ومنهم من يقوم بارتكاب جريمة اخرى مختلفة عن السابقة ويسمى “العوْد العام” .

وأضافت، ان الكثير من الدراسات الحديثة بحثت في تلك العوامل التي تلعب دورا كبيرا في العودة إلى الإجرام، حيث أرجعت بعضها الى عوامل متعلقة بظروف الفرد قبل الحبس، والأحداث التي حدثت أثناء حبسه، وفترة ما بعد إطلاق سراحه من السجن، سواء على المدى القريب أو الطويل .

وأكدت أن أحد الأسباب الرئيسية وراء عودة هؤلاء إلى السجن تكمن في الصعوبة التي يجدونها في التأقلم مع الحياة الطبيعية خارج السجن، وإعادة العلاقات مع أسرهم، وكذلط عودتهم إلى الأماكن عالية الخطورة.

ولفتت إلى أن دراسات أخرى توصلت الى أن هناك عوامل نفسية واجتماعية تتمثل بالضغوط التي تواجه مرتكب الجريمة بعد قضاء مدة العقوبة، حيث يتعرض للتحقير الاجتماعي والتخلي عنه من قبل الاشخاص المحيطين به، ونظرة المجتمع السلبية له، ما يتسبب بفجوة بينه وبين الاندماج الاجتماعي أو ما يسمى بالوصمة التي تشكل عليه عبئا اجتماعيا ونفسيا ثقيلا.

واكدت أن للعامل الاقتصادي دورا في ذلك أيضا، فالبطالة والفقر لهما الاثر الكبير على العودة للجريمة، وقد يكون هذا مرتبطا بالعامل الاجتماعي وهو الوصم فلا يجد مكانا للعمل به، وغالبا ما يكون لهم تاريخ عمل سيئ ولديهم الآن سجل جنائي للتعامل معه، فيزداد الوضع الاقتصادي سوءا، ما يجعله يعتقد خطأ بأن ارتكاب بعض الجرائم يعود عليه بفائدة هي أنها تدر عليه دخلا وهذا الاعتقاد يشكل حافزا له لتكرار السلوك الجرمي مرة أخرى.

وأشارت الى أن العوامل القانونية والتشريعية لارتكاب الجرائم متعلقة بضرورة تحديث التشريعات والمواد القانونية نتيجة لتطورات الحياة المستمرة واصبح ايضا من الضروري ان تواكب التشريعات هذه المستجدات.

ولفتت الى أن الوسائل والطرق التي يمكن من خلالها الحد من تكرار الافراد لأكثر من جريمة، تكمن بداية في التعرف على العوامل المؤدية للجريمة والعودة اليها هي الخطوة الهامة والرئيسية، إذ إن التعرف على دوافع العودة هي الخطوة الاولى لمواجهتها .

وشددت الرمحي على ضرورة التعرف على احتياجات هذه الفئة للحد من تصرفاتهم وذلك من خلال مساعدتهم على حل المشكلات التي تواجههم، وتوفير مؤسسات لتأهيل وإصلاح الافراد وتعليمهم وتقديم الرعاية الاجتماعية والنفسية، فضلا عن التوعية بأضرار تكرار العمل الاجرامي على الفرد نفسه وعلى المجتمع، وتوفير فرص عمل لهم بعد خروجهم من المؤسسات الاصلاحية التأهيلية، وتكاتف الجهود لإعادة دراسة شكل الجريمة ونوعها ودوافعها، وايجاد حلول واقعية للسيطرة والحد من تفشي الجريمة في المجتمع.

وقالت، إن ايقاع العقوبة يحقق الحماية للأفراد من التعدي عليهم وعلى ممتلكاتهم ويعمل كذلك على تهذيب وتأهيل المجرم ليعود مواطنا صالحا للمجتمع.
واضافت، ان العقوبات الرادعة للجناة لها دور في الحد من انتشار الفكر المتهاون في اقتراف الجريمة، فيما يكون لتغليظ العقوبة على من يكرر الجريمةاثر فعال في التقليل من احتمالية تكرار الجرم، ويعتبر كذلك رادعا لمن تسول له نفسه او من تدفعه افكاره للقيام بهذه السلوكات غير القانونية.

وذكرت الرمحي أن بعض الدراسات خلصت الى انه قد يكون من الأفضل زيادة تضخيم الردع للمجرمين المكررين، وأن تصبح الغرامات الأكبر للمخالفة الأولى واجبة النفاذ، باعتبار ذلك رادعا لعدم تكرار المخالفة.

وتشير الارقام الرسمية إلى أن الفترة الواقعة بين عامي 2013-2017 سجلت 9 آلاف و874 تهمة سرقة بالنشل، و11 تهمة سرقة بنك، والف و742 تهمة سرقة واقعة في بيت السكن، و119 حالة سرقة في دور العبادة، و4 آلاف و701 سرقة قطع مركبات ومكوناتها ولوازمها، و117 حالة سلب في الطريق العام ليلا من شخصين فأكثر باستعمال العنف، وألف و 143 حالة سرقة أقدم عليها الخادم من مال مخدومه.

(بترا – بركات الزيود)