مرايا – أعرب مشاركون في الورشة الاقتصادية الوطنية التي وجه جلالة الملك عبدالله الثاني لعقدها، عن تفاؤلهم بجدية تنفيذ ما ستخرج به الورشة من توصيات ومخرجات للنهوض بالاقتصاد الوطني بمختلف قطاعاته.
وأكدوا أن الورشة تؤسس لجسور شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، وتسعى لوضع حلول لمشاكل كل قطاع اقتصادي من خلال التشخيص للتحديات والمشاكل، والبدء في وضع حلول إجرائية وتنفيذها على المدى القريب والمتوسط والبعيد، ليشعر الناس بالتغيير الحقيقي، خاصة في ظل ما يعيشونه من أوضاع اقتصادية صعبة.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني قد تابع في وقت سابق أعمال الجولة الثانية من ورشة العمل الاقتصادية الوطنية المنعقدة في الديوان الملكي الهاشمي تحت عنوان “الانتقال نحو المستقبل: تحرير الإمكانيات لتحديث الاقتصاد”.
ووجه جلالته في رسالته للأردنيين بمناسبة عيد ميلاده الستين، بتنظيم ورشة عمل وطنية تجمع ممثلين من أصحاب الخبرة والتخصص في القطاعات الاقتصادية، بالتعاون مع الحكومة، لوضع رؤية شاملة وخارطة طريق محكمة للسنوات المقبلة، تضمن إطلاق الإمكانيات، لتحقيق النمو الشامل المستدام، الذي يكفل مضاعفة فرص العمل المتاحة وتوسيع الطبقة الوسطى ورفع مستوى المعيشة لضمان نوعية حياة أفضل للمواطن.
وتجمع ورشة العمل التي تغطي قطاعات حيوية نحو 300 من الاقتصاديين وأصحاب الاختصاص، يمثلون القطاع الخاص وغرف الصناعة والتجارة والحكومة والبرلمان والقطاع الأكاديمي والمؤسسات العامة والمجتمع المدني والإعلام.
والقطاعات هي: الزراعة والأمن الغذائي، والطاقة، والمياه، والتعدين، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والأسواق والخدمات المالية، والرعاية الصحية، والتجارة، والصناعة ومن ضمنها الصناعات الدوائية، والسياحة، والتعليم وسوق العمل، والنقل والخدمات اللوجستية، والتنمية الحضرية والتغير المناخي، والصناعات الإبداعية.
وتهدف الورشة إلى تقييم الوضع الراهن للاقتصاد الوطني وتحديد الفرص لتنمية القطاعات الاقتصادية وزيادة تنافسيتها، وبلورة خارطة طريقة اقتصادية لتحفيز النمو وإيجاد الفرص الاقتصادية وتحسين نوعية الحياة والخدمات الأساسية للأردنيين.
وقال رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق إن الانطباعات الأولى لاجتماعات ورشة العمل الاقتصادية، تشير إلى هناك حرصا للقيام بالمهام المنوطة بهم على أكمل وجه، ووفقا لما وجه إليه جلالة الملك.
وأضاف أن النقاشات تتسم بالشفافية والصراحة المطلقة، دون فرض أي شيء على أعضاء كل لجنة، مشيرا إلى أن الخطوة الأولى من عمل اللجان تمثلت في تشخيص واقع الحال بهدف وضع خارطة طريق للعلاج.
ولفت إلى أن اليوم الأول ضمن لجنة التجارة شمل نقاشات مفتوحة، وحوارات حول وضع القطاع التجاري وإلى أين يتجه، والتحديات التي يواجهها، كونه أكبر مساهم في الناتج المحلي الإجمالي، وأكبر مشغل للأيدي العاملة، ومن أكثر القطاعات التي تدفع الضرائب وأكثرها قابلية للتوسع في المستقبل.
واعتبر أن الورشة أتاحت فرصة لكثير من ممثلي القطاعات والخبراء، لإبداء رأيهم في حضور الحكومة، وهو ما كان “صعبا” في السابق بسبب عدم وجود جسور شراكة حقيقية ولقاءات تبادلية، مؤكدا ضرورة مأسسة هذه الشراكة بين القطاعين العام والخاص، كمطلب رئيسي لجميع القطاعات، خاصة في اتخاذ القرارات والتخطيط.
وأكد أن الورشة هي فرصة لا تعوض للقطاع الخاص ليقول ما يريد ويضع ما يواجهه من معوقات على طاولة النقاش، انطلاقا من الدفعة المعنوية التي أعطاها جلالة الملك عبدالله الثاني خلال زيارته للورشة السبت الماضي.
وأكد أنه لن يكون هناك مجال للشك بأن توصيات الورشة ومخرجاتها ستنفذ، لافتا إلى أن جلالة الملك وجه في آخر زيارة لأعمال الورشة لوضع خطة طويلة الأمد ومتوسطة، تشمل التشخيص للمشاكل السريعة والحلول الإجرائية لها في ظل صعوبة الوضع الاقتصادي الحالي، وما يمر به العالم من موجة غلاء في الأسعار، ليشعر الناس بالتغيير، من خلال رفع الضرر عن القطاع الخاص، والقضاء على البيروقراطية والمزاجية وغيرها.
وقال إن تقاطع المخرجات للقطاعات المقسمة في لجان، أمر يدعو للتفاؤل، مشيرا إلى أن اعتماد الأهداف الاستراتيجية وإقرارها بضمانة ملكية خلال مدة زمنية محددة، سيدفع مستثمرين إلى الدخول كشركاء أو تبني مشروعات، أو البحث عن شركاء أردنيين.
وأوضح أن الخوف من عدم استقرار التشريعات وتغيير القرارات بتعاقب الحكومات، كان عائقا حقيقيا أمام الدخول في مشاريع استراتيجية وكبرى، وهو ما سيتبدد بفضل وجود كفاءات كبيرة، تعي المستقبل الواعد بكل أطرافه التقليدية والإلكترونية على مستوى التجار مثلا، بما يحقق أكبر استفادة من التطور الحاصل في العالم.
وعبر الحاج توفيق عن اعتقاده بأن الأردن يسير نحو الأفضل في هذه المرحلة الحاسمة، خاصة باجتماع عدد كبير من الخبراء كل في قطاعه، وإتاحة الفرصة للجميع لطرح نقاشاته وأفكاره باحترام كبير للرأي والرأي الآخر.
من جهته، أكد رئيس جمعية المستشفيات الخاصة الدكتور فوزي الحموري، وجود إرادة حقيقية لإحداث فرق واضح نحو تطوير منظومة الصحة من حيث تحسين الأداء وتوسيع مظلة التغطية الصحية الشاملة وزيادة التنسيق بين مكونات القطاعين العام والخاص بما يحقق استفادة مثلى من الإمكانيات.
وقال إن اللجنة المعنية بالصحة درست التحديات التي تواجه القطاع، والفرص المتاحة أمامه لتقديم خدمات صحية جيدة وعادلة لجميع المواطنين والبناء على ما أنجز خلال العقود الماضية، مشيرا إلى التنوع في أعضاء اللجنة، جاء بهدف وضع توصيات شاملة وحلول ستناقش الأسبوع المقبل.
وحول محور السياحة بين أن لجنة السياحة – وهو عضو فيها- درست مشاكل وتحديات جميع أنواع السياحة، لافتا إلى أنه عرض ملف السياحة العلاجية والاستشفائية، وما تتمتع به من ميزات تنافسية جعلت الأردن يتبوأ مراكز أولى في الإقليم، كمركز جاذب لهذا النوع من السياحة، بالإضافة لعرضه التحديات التي تواجه القطاع عموما من ارتفاع في التكاليف التشغيلية، والجنسيات المقيدة وهجرة الكفاءات ونقص الكوادر التمريضية المدربة والمنافسة من بعض الدول في الإقليم.
وأشار الدكتور الحموري إلى أن عمل اللجان يتمحور حول كيفية الانتقال إلى مستقبل مشرق من خلال تحرير الإمكانيات المتوفرة لدى مختلف القطاعات، معربا عن تفاؤله المنبثق من الاهتمام الملكي بمتابعة أعمال اللجان وتوجيه الحكومة نحو تحقيق الأهداف المرجوة.
بدوره، بين عضو مجلس إدارة الملتقى الاقتصادي الأردني المهندس باسل مرجي، أن الورشة فريدة من نوعها من حيث عدد المشاركين من القطاع الخاص ضمن القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وقال إن أهم ميزة في الورشة، هي التفاؤل السائد في الأجواء العامة، وفي القطاعات كافة، مشيرا إلى أن الاقتصاديين يشعرون بأنهم في موقع المسؤولية، لكونهم جزءا من القرار المصيري للقطاعات الاقتصادية كافة، وللوطن بأكمله.
ولفت المهندس مرجي إلى أن النقاشات كانت موضوعية ومثمرة من ناحية تحديد الرؤية المستقبلية للقطاع التجاري، وكيف يجب أن يكون بعد 10 سنوات في العام 2033.
وأكد أن المرحلة المقبلة في الأسابيع اللاحقة ستركز على تحديد الأهداف الاستراتيجية للقطاع التجاري بوضوح وموضوعية، بناء على استغلال نقاط القوة للفرص المتاحة في القطاع والميزة التنافسية المستدامة في مختلف القطاعات التجارية الفرعية.
وعدد أهم المحاور، منها التجارة الإلكترونية وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي وجعل الأردن مركزا إقليميا لإعادة التصدير إلى الأسواق المجاورة، والعمل على إيجاد مراكز تسوق سياحية كما في دبي وبعض الأسواق الأخرى، لتكون رديفا وداعما للقطاع السياحي.
وأضاف أنه سيتم السعي لتحقيق مكاسب سريعة لهذا القطاع من خلال تعليمات إجرائية فورية-سيتم تحديدها- للوزارات المعنية والتي لا تحتاج لسن قوانين جديدة، حتى يلمس المواطن الأردني أثرها في القريب العاجل.
من جانبه، أوضح ممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات في غرفة صناعة الأردن المهندس إيهاب القادري، أن تبني الديوان الملكي لوضع خطة اقتصادية واضحة المعالم تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال وإيجاد قاعدة وأساس عمل للقطاعات الاقتصادية المختلفة، يعد تأكيدا للنهج المتبع من جلالة الملك بالعمل بمأسسة لا تعتمد في تطبيقها على الأفراد وإنما على سياسات عابرة للحكومات.
وعلى الصعيد العملي، قال قادري، إن الورشة تعمل على وضع رؤية للقطاع الصناعي والقطاعات الاقتصادية الأخرى عامة خلال السنوات العشرة المقبلة، والبحث في ممكنات ومحركات النمو وعناصر تمكين التنمية من الإنتاج الصناعي.
ولفت إلى أن هذه الرؤية ستخرج في خارطة طريق متينة نحو التطوير والنمو المستدام، وأن وجود أهداف واضحة المعالم يعمل على تنمية شاملة للقطاعات الصناعية، مما يعد فرصة كبيرة للتطور ودعم المنظومة المؤسسية التي تخدم الجميع بالتساوي.
من جهته، أكد رئيس النقابة اللوجستية الأردنية نبيل الخطيب، أن الانطباعات الأولى لأول جلستين من الورشة، تشير إلى الجدية الحقيقية بوجود مخرجات ستطبق على أرض الواقع.
وأشار الخطيب إلى ضرورة متابعة توصيات الورشة ومتابعة تنفيذها الفعلي، بناء على خطة طريق اقتصادية واضحة، تتماشى وتواكب التحديث السياسي المرتقب في السنوات العشرة المقبلة، بنحو يلمسه المواطنون بسرعة على المديين القريب والبعيد.
بترا