مرايا – يبدو أن الانطباعات الاولية بخصوص نتائج وتداعيات إنتخابات البلديات خصوصا في بعض البلديات الكبيرة والضخمة في المملكة لا تسير لصالح البوصلة الرسمية بالضرورة. أو قد لا تميل الى الهدوء المفترض بالرغم مما يثار حول عدم وجود أجندة سياسية أو حزبية وراء العملية الانتخابية وبالرغم ممّا يقال عن اقتصار التنافس على السياق العشائري فأكثر من دليل وقرينة برزا خلال الساعات القليلة الماضية يظهران وجود شخصيات قوية ومناكفة تمكنت من الفوز بالانتخابات وسيكون لها دور محوري في مجال العمل البلدي خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
هنا يلفت الأنظار وبصورة خاصة الرئيس المنتخب لبلدية اربد الكبرى وهي ثاني مدن الكثافة السكانية على مستوى المملكة وتعتبر من أضخم البلديات أو المجالس البلدية وقد فاز برئاسة البلدية هذه الدكتور نبيل الكوفحي وهو أحد مؤسسي حزب زمزم الإسلامي وكان من القيادات المتقدمة في صفوف الإخوان المسلمين قبل الانشقاق عنهم لصالح تجربة حزب زمزم.
ميزة الدكتور الكوفحي أنه إنتخب بعدد أصوات ضخم وهائل وغير مسبوق في تاريخ الانتخابات الاردنية برمتها وقوامها 38000 الف صوت وهو رقم لم يصله سابقا الا والده الراحل القيادي الاخواني البارز في البرلمان الأردني الدكتور احمد الكوفحي.
الأضواء تتسلّط على الكوفحي بكثافة وفي متابعات اخبارية لما حصل معه امس الاول تم التركيز على احد الموظفين الغاضبين الذي دخل مكتبه وقام بالصياح ووصفه الكوفحي بعد ان الاجهزة الامنية بأن موظف غير متزن نفسيا.
الكوفحي وفي أول تصريحات تلفزيونية له اعلن بانه سيشن انطلاقا من العمل البلدي حملة تنظيف وسيعمل باتجاهات تحارب الفساد و هو شعار في غاية الاهمية بسبب تجاذبات من عدة انواع لها علاقة ببلدية اربد الكبرى.
ورغم أن بعض المراقبين صنفوا بداية تدشين الكوفحي لمرحلته في رئاسة البلدية بالحديث عن الفساد تحديدا باعتباره تصريح شعبوي الا ان وجود شخصية مسيسة وعميقة مثل الكوفحي سيشكل فارقا على الارجح في التعاطي ما بين بلدية اربد و العاصمة عمان بمختلف تلاوينها وتكويناتها المؤسسية والسياسية.
لكن على جبهة موازية رئيس بلدية مدينة الكرك الجديد المهندس محمد المعايطة والمعروف بأرائه النقدية في الايقاع والحياة العامة في البلاد لفت الأنظار بقرار مثير اتخذه في اول يوم دوام له بصفته العمدة المنتخب لمدينة الكرك وقرار شعبي بامتياز حاول فيه الاعلان عن التبرؤ مما فعله رئيس البلدية سلفه رئيس بلدية الأسبق من توزيع بعض الدروع في نشاطات وفعاليات تطبيعية مع الاسرائيليين شهدتها المدينة.
المهندس المعايطة اعلن انه قرر مخاطبة الخارجية لاستعادة الدروع التي منحها سلفه لنشطاء يهود زاروا المدينة في اطار نشاط تطبيعي وبالتالي يوحي بعض رؤساء البلديات الكبرى الجُدد بأنهم ليسوا في جيب الحكومة. ولا جيب السلطات في جزئية محددة ومهمة للغاية سياسيا لها علاقة بالتطبيع وسلوك المعايطة هنا يمكن ان تقلده العشرات من مجالس البلدية الصغيرة الامر الذي يعني ولادة نجوم في العمل البلدي قد يكون لهم بصمة سياسيا في قضايا مثيرة للجدل من بينها التطبيع خصوصا وان عملية التطبيع مع اسرائيل متوسعة ودخلت في أعماق لها علاقة بعد الغاز بالمياه والكهرباء.
على جبهة ثالثة يحاول رئيس البلدية المرشح الذي خسر انتخابات رئاسة بلدية مدينة الطفيلة جنوبي البلاد وهو عضو البرلمان الأسبق غازي الهواملة إثارة المزيد من الجدل في السياق السياسي بالرغم من خسارته للانتخابات.
الهواملة حصل على عدد عملاق وكبير من الأصوات قوامه اكثر من 5000 صوت وهو لا يمكن الاستهانة به إذا ما تعلّق باستمرار الهواملة بالرغم من خسارته في سياق جملة تحتج او تعترض او اميل الى المعارضة وتتبنّى الحراك الشعبي بين الحين والاخر.
ولا يبدو أن نتائج الانتخابات البلدية جبهة آمنة في مدينة مثل معان جنوبي البلاد فقد تجمع ممثلو عشائر في رسالة واحدة ضد نائب رئيس الوزراء وأبرز مدينة معان في نخبة عمان العاصمة التي تحكم الامور في الحكومة على الاقل وهو توفيق كريشان.
وكان البيان قاسيا في نقد كريشان الحكومة او السلطات لتنظيم انتخابات مزورة.
وبالتالي في معان الأجواء الشعبية في إطار تداعيات انتخابات بلدية معان لا تبدو راضية حتى الآن علما بأن العديد من البؤر لا تزال في إطار الاعتراض وإن كانت الانتخابات من الناحية الاجرائية والقانونية تم الاقرار بحصول مخالفات فيها لكنها ليست من صنف المخالفات التي يمكن ان تمس جوهر منظومة النزاهة الانتخابية.
لكن في معان ثمّة “ردّة فعل” للجبهة العشائرية التي تدعم رئيس البلدية الجديد حيث تجمّع أقاربه في مشهد احتفالي مهيب تخلله ذبح الجمال وإطلاق مكثف لرصاص الابتهاج على عين السلطات.