العسعس: نجحنا في تجنب الأسوأ، ولكننا لم نقترب كثيرا من تحقيق آمال وتطلعات شعبنا المشروعة
مرايا – اشار وزير المالية الدكتور محمد العسعس إلى أن “القارئ للتاريخ يدرك تماما بأن أكثر من يعاني في أوقات الأزمات العالمية التي نمر بها حاليا هم الدول أو المواطنين الأكثر ضعفا، وعليه يجب على صانعي السياسات الاقتصادية العالمية التعامل مع هذا الموضوع بحكمة تأخذ بعين الاعتبار حماية هذه الفئات”.
وقال العسعس أن الحكومة الأردنية انتهجت طريقا يبتعد عن رفع العبء الضريبي على المواطن ويركز على نعزيز الإيرادات الحكومية من خلال محاربة التهرب والتجنب الضريبي والجمركي بشكل أكثر عدالة “فلا يجوز رفع العبء على الملتزمين ضريبيا في حين لا يتم ملاحقة من يتهرب من واجبه الوطني”.
وبين العسعس بأن برنامج الحكومة للإصلاح المالي والاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي يسير على الطريق الصحيح بسبب امتلاك الحكومة “لحرية قراراتها الاقتصادية دون املاءات خارجية”. واشار ان الحكومة تبنت هذه الاصلاحات بعد تحليل علمي أدى إلى إيمانها المطلق بأن هذه الإصلاحات الهيكلية هي التي ستطلق العنان للنمو الاقتصادي المؤدي لخلق الوظائف لشبابنا الطموح القادر على النهوض باقتصادنا الوطني.
وأوضح العسعس بأن سياسة الحكومة في مكافحة التهرب والتجنب الضريبي والجمركي أتت مستجيبة لمطالب شعبية “بمعاملة ضريبية عادلة كي يدفع الجميع نصيبهم العادل”، وبفضل هذه السياسة تمكنت الحكومة من تحقيق نظام ضريبي أكثر عدالة وتجاوز الإيرادات المحلية المستهدفة المحددة في الموازنة العامة لعام 2021 دون فرض ضرائب أو رسوم جديدة أو رفع الضرائب والرسوم الحالية.
وأكد العسعس بأن إحباط الشباب الأردني الباحث عن العمل وفرص التقدم في الحياة “حقيقي” وأن مطالبه للحكومة لعمل ما يلزم لتحقيق ذلك “مشروعة”، موضحا بأنه “على الرغم من نجاح الحكومة في منع تفاقم الأثار الاقتصادية وتفادي الأسوأ، إلا أنه لا يمكن القول بأننا تمكننا من تلبية أمال الشباب، وما زال أمامنا الكثير لذلك”. ودعا العسعس، بهذا الصدد، صانعي السياسات الاقتصادية العالمية إلى وضع الدول التي لم تتعافى بعد من تبعات جائحة الكورونا مثل الأردن نصب أعينهم عند صنع القرارات. لأن هذه القرارات تؤخذ بالعادة لمصلحة اقتصادات كبيرة دون اخذ أصداءها السلبية على الاقتصادات الصغيرة بعين الاعتبار .
وبالتالي، دعا العسعس إلى التعامل مع موضوع رفع نسبة الفائدة للفيدرالي الأمريكي وتداعيات ارتفاع أسعار الغذاء والوقود عالميا بحذر وحكمة وبأسلوب ينأى عن تكرار أخطاء الماضي والتي أثرت بشكل أساسي على الدول ذات الاقتصادات الأصغر والفئات الأكثر ضعفا، آملا أن يعطى الشباب في الشرق الأوسط، ومنه الأردن، الفرصة المشروعة لتحقيق طموحاتهم “حتى يصبح هذا الجيل آخر جيل في منطقتنا يعيش حياة من عدم اليقين والإحباط. وأكد العسعس على أهمية أن تركز السياسات المالية العالمية على حقيقة أن المواطن هو من سيتأثر أولا وبشكل أشد، سلبا أو إيجابا، بالسياسات الاقتصادية التي نصنعها في مثل هذه اللقاءات، وما يزال يتأثر بتداعيات الجائحة وآثار الحرب الروسية الأوكرانية على أسعار الغذاء والوقود عالميا، وبالتالي “لا بد من إنصافه عند رسم هذه السياسات”.
أما فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها، أشار العسعس بأن حكمة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم وتوجيهاته مكنت الأردن من اتخاذ تدابير وقائية مهمة مثل بناء وتعزيز المخزون الاستراتيجي للقمح والوقود، ومكن الاستقرار الاقتصادي الأردن من الحفاظ على الاحتياطيات الأجنبية عند مستويات مطمئنة.
ويأتي ذلك خلال مشاركة العسعس في جلسة حوارية عقدها صندوق النقد الدولي في واشنطن أمس بعنوان “آمال عظيمة: تحقيق الانضباط المالي مع الحماية الاجتماعية في أوقات عدم اليقين”. وذلك بعد اختيار العسعس كالوزير الوحيد الممثل لمنطقة الشرق الأوسط في هذه السلسلة، وذلك بسبب نجاح الحكومة في الحفاظ على الاستقرار المالي والكلي خلال أعتى الظروف كما أشاد بذلك السيد جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، والذي استضاف الجلسة وأدارها، كجزء من اجتماعات الربيع التي يعقدها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في العاصمة الأمريكية واشنطن والتي يشارك بها الوفد الأردني ضمن مجموعة وفود حكومية عربية وأجنبية.