نقل نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، اليوم، رسالةً من جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رئيس جمهورية قبرص نيكوس اناستاسيادس، أكدت الحرص على تطوير التعاون الثنائي، وبحثت الأوضاع في المنطقة والجهود المبذولة لتحقيق الأمن والاستقرار وتعزيز التعاون الإقليمي.
وبعث الرئيس القبرصي خلال استقباله الصفدي في نيقوسيا، اليوم، بتحياته إلى جلالة الملك وتهانيه بالذكرى السادسة والسبعين لاستقلال المملكة. وشدّد الرئيس القبرصي على أهمية العلاقات مع الأردن واستمرار العمل على تعزيزها في مختلف المجالات.
وثمّن الدور الرئيس للأردن والجهود التي يقودها جلالة الملك لمواجهة التحديات الإقليمية وتحقيق الأمن والاستقرار. وجرى خلال اللقاء بحث آفاق زيادة التعاون الثنائي، وفي سياق آلية التعاون الثلاثي مع اليونان، وفي إطار الاتحاد الاوروبي أيضاً، كما جرى بحث عدد من القضايا إقليمية وفي مُقدمها القضية الفلسطينية.
وكان الصفدي، أجرى محادثات مُوسعة مع نظيره القبرصي إيوانيس كاسوليدس، استعرضت الخطوات التي اتخذها البلدان لتنفيذ مخرجات القمة التي جمعت جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس القبرصي بالسابع عشر من شهر كانون الأول 2021 ولتنفيذ مخرجات القمم التي عقدت في إطار آلية التعاون الثلاثي مع اليونان لتطوير التعاون الاقتصادي والاستثماري والسياحي. وتقدّمت القضية الفلسطينية القضايا الإقليمية التي بحثها الصفدي وكاسوليدس والتي شملت جهود حلّ الأزمة السورية، والأوضاع في لبنان، وجهود دعم العراق ومكافحة الإرهاب إضافةً إلى الأزمة الأوكرانية وتبعاتها.
وفي تصريحاتٍ صحافيةٍ مشتركة بعد المباحثات، شكر الصفدي نظيره القبرصي على “الحوار الصريح المُعمق الذي أجريناه، والذي انطلق من قاعدة التعاون الصلبة التي تأسست بين المملكة وقبرص على مدى ستين عاماً من العلاقات الدبلوماسية والحوار المستمر بين جلالة الملك وفخامة الرئيس الذي أتطلع إلى لقائه اليوم لأتشرف بتسليمه رسالةً من جلالة الملك عبد الله الثاني حول سبل تطوير علاقاتنا المتميزة وحول جهودنا المشتركة من أجل تجاوز تحديات المنطقة وتحقيق الأمن والاستقرار”.
وأكّد الصفدي، أن الأردن يُماثل قبرص “الحرص على تطوير هذه العلاقة وزيادة آفاق التعاون بما ينعكس إيجاباً على البلدين وعلى المنطقة”، لافتاً إلى أن تبعات الأزمة الأوكرانية فيما يتعلق بالأمن الغذائي ومصادر الطاقة إلى غيرها تتطلب تعاوناً إقليمياً.
وزاد الصفدي “نرى أن في التعاون مع قبرص ضرورة من أجل مواجهة هذه التبعات. وقال الصفدي “نسير بخطى صحيحة وثابتة نحو المزيد من التعاون، خصوصاً أننا استطعنا توقيع الكثير من الاتفاقات التي أوجدت البيئة التشريعية التي تسمح بتعاون اقتصادي وتجاري وسياحي أكثر، خصوصاً بين القطاع الخاص في البلدين، ولعل اتفاقية منع الازدواج الضريبي اتفاقية مهمة تؤشر إلى الرغبة المشتركة لإيجاد البيئة الكفيلة بزيادة التعاون”. وقال الصفدي “في القضايا الإقليمية، أودّ أن أثمّن عالياً موقف قبرص الواضح في دعم الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية التي يقوم الأردن بجهودٍ كبيرة من أجل حمايتها في ضوء الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وأشكر قبرص أيضاً على موقفها الواضح والثابت في دعم حل الدولتين سبيلاً وحيداً لتحقيق السلام العادل والشامل الذي نريده جميعا”.
وشدّد الصفدي أن “الوضع القائم لا يمكن أن يستمر، كلنا نريد السلام، نريد سلاما عادلاً وشاملاً، سلاماً تقبله الشعوب، وسلاماً يتيح الفرصة أمام كل دولنا وشعوبنا لتتعاون أكثر في مواجهة التحديات المشتركة. لكن طريق هذا السلام لا يمكن إلا أن يمر عبر تلبية جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وفي مقدمها حقه في الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وفق قرارات الشرعية الدولية ولتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل”. وقال الصفدي “تحدثت مع معالي الوزير حول خطورة استمرار الوضع الراهن، حيث تغيب آفاق التوصل إلى هذا الحل السياسي، وحيث تتراجع الثقة بجدوى العملية السلمية. والسبيل الوحيد إلى تجاوز ذلك هو إعادة تفعيل محادثات جادة وفاعلة لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين”.
وزاد الصفدي “نحذر أيضاً من الانعكاسات الخطيرة للإجراءات الإسرائيلية اللاشرعية التي تقوض فرص تحقيق السلام على أساس حل الدولتين، مثل بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي والانتهاكات في المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف”. وأكّد الصفدي “لا بد من العودة إلى التهدئة الشاملة عبر احترام الوضع التاريخي والقانوني في القدس، واحترام حرية المصلين المسلمين والمسيحيين في أداء شعائرهم، حتى نعود معاً جميعاً إلى طاولة المفاوضات، ونسير بثبات على طريق تحقيق السلام العادل والشامل الذي تلتزم به المملكة، وكل الدول العربية خياراً استراتيجياً وضرورة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة”. وذكر الصفدي “أتطلع إلى المزيد من التعاون والنقاش من أجل أن نبني على هذه العلاقة المتميزة بما فيه الخير لمنطقتنا وبما يخدم مصالح شعوبنا”.
وقال الصفدي “موقف الأردن ثابت، لا بد من احترام القانون الدولي لا بد من احترام ميثاق الأمم المتحدة لابد من احترام مبدأ عدم الاعتداء على الدول وعلى سيادتها”، واضاف “في القضية القبرصية ندعو إلى حلٍ سياسيٍ يلتزم قرارات الشرعية الدولية”.
من جانبه، قال وزير الخارجية القبرصي كاسوليدس، أن المباحثات ركزت على الوضع في القدس، قائلاً “أود ان أشيد بالجهود الأردنية المستمرة من أجل منع تفاقم الأوضاع. في هذا الاطار أود أن أؤكد على الدعم الكامل لقبرص للحفاظ على الوضع القائم للمقدسات الإسلامية والمسيحية تحت الوصاية الهاشمية الأردنية”، لافتاً لأهمية ممارسة المصلين شعائرهم الدينية. واضاف كاسوليدس “هناك ضرورة ملحة أن نحتفظ بالاستقرار الهش في المدينة القديمة في القدس من أجل منع اندلاع مزيد من العنف”، وزاد فيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط “أكّدت على الالتزام والدعم الثابت لقبرص للجهود التي تُتخذ لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم يعتمد على حلّ الدولتين وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن”.
وأكّد الوزير القبرصي أهمية الخطوات التي اتخذها البلدان لتعزيز التعاون في مكافحة الحرائق، بحيث يكون هنالك آلية تنسيق مؤسسية لمواجهة الحرائق والتي تأتي في سياق الرؤية التي طرحها جلالة الملك عبدالله الثاني لتعزيز التعاون في مواجهة التحديات الإقليمية.
وقال “إن الزيارة تتم في إطار التنسيق المستمر الثنائي بيننا، وقد تباحثنا وتحدثنا عن مجالات التعاون فيما بيننا، وتبادلنا وجهات النظر لخطواتنا المقبلة، بهدف توطيد العلاقات المتميزة بيننا، في ضوء اجتماع القمة الثلاثي لبلدينا والذي سيتم في قبرص خلال النصف الثاني من عام 2022. وأشار كاسوليدس بأن المباحثات تطرقت أيضاً إلى الوضع في أوكرانيا وآثاره بالإضافة إلى القضية القبرصية.
وذكر الوزير القبرصي إلى أنه تمّ البحث في العلاقات في إطار الاتحاد الأوروبي، قائلاً “نحن راضين على التأكيد على انعقاد مجلس الشراكة ما بين الاتحاد الأوروبي والأردن والذي سوف يجتمع في الثاني من شهر حزيران القادم، وسوف أقوم بما هو مستطاع لحضور هذا الاجتماع بصفتنا أقرب دولة من الاتحاد الأوروبي للأردن”.