مرايا – أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أنه لا يقبل إعاقة أو تعطيل العمل الحزبي في الأردن أو مضايقة منتسبيه من أي جهة كانت، طالما أن هذا العمل لا يخرج عن القانون.

وقال جلالته في حوار أجرته يومية الرأي، إن الجاهزية الحزبية عملية تراكمية شاقة تتطلب تقديم المصلحة العامة على المنفعة الذاتية والبرامج الواقعية على الطموحات الشخصية.

وأضاف، أننا لا نريد تكرار تجارب الماضي في مجال الحياة الحزبية بل نتعلم منها الدروس لنبني نموذجنا الخاص والمنسجم مع أحكام الدستور.

وأشار جلالته إلى أن الدولة بكل مؤسساتها، وكذلك حالة التوافق الوطني وجهت رسالة جدية لها أصل دستوري وقانوني من خلال إقرار التشريعات، تدعو الجميع للمشاركة في العمل الحزبي.

وعن التجارب السابقة قال جلالته إننا لم ننجح بشكل كبير في تعزيز الحياة الحزبية خلال العقدين الماضيين، لأن التشريعات لم توفر الأدوات الكافية لتحقيق ذلك، إضافة إلى أن البيئة السياسية لم تكن محفزة للأحزاب.

وأوضح، “لذلك انتقلنا إلى مفهوم التحديث الذي يتضمن تهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لمشاركة أوسع في الحياة العامة وصنع القرار، التي تنطلق من أحزاب برامجية واقعية”.

وبين أن الأحزاب لا تبنى من الأعلى إلى الأسفل، ومن المهم توضيح ذلك، فدور الدولة هو تسهيل عمل الأحزاب وتوفير البيئة التي تشجع العمل الحزبي والمشاركة، ولكن ليس من مهمتها بناء الأحزاب، الذي هو دور المجتمع بأطيافه السياسية والاقتصادية، لتعكس برامجها طموحاته واحتياجاته واتجاهاته.

وأشار الملك إلى أن بناء نموذجنا الديمقراطي، مسؤوليتنا جميعا، وعندما نتحدث عن قانون الأحزاب فهذا القانون ليس موجها للأحزاب القائمة فحسب، بل للمجتمع الأردني، فلم يعد العمل الفردي منتجا. نريد عملا جماعيا على أساس أحزاب برامجية، تمثل الجميع وتسهم في ظهور نخب جديدة في الدولة ومؤسساتها. ويجب أن يكون الحوار هو الأساس لإقناع الشباب بالبرامج التي تعبر عن تطلعاتهم وأفكارهم.

وأكد أن الأبواب مفتوحة أمام الشباب لقيادة مسيرة التحديث، لكن عليهم ألا ينجروا خلف الشعارات الشعبوية، بل أن ينخرطوا في البرامج الواقعية والقابلة للتطبيق، فالجيل الجديد يعرف ما يريد.

وفي ذات الوقت قال جلالة الملك إن اختلاف الآراء أمر صحي وحق للجميع، لكن لا يكفي أن نستغرق في نقد الوضع الحالي، بل يتعين علينا العمل لتغييره لمواصلة تحقيق أهداف التحديث، فنحن في مرحلة انتقالية طال أمدها ولا يمكن أن نظل فيها للأبد.

وتمنى جلالته على بعض نخبنا أن تهجر ثقافة الصالونات السياسية وتنخرط في الحياة الحزبية، فالتغيير للأفضل لن يكون إلا بأدوات الديمقراطية المعروفة، والمشاركة لن تتحقق في المرحلة المقبلة إلا بالعمل الحزبي المنظم.

وأضاف، أن ما أنجز على صعيد التحديث السياسي يشكل خطوات تاريخية ومهمة لمستقبل الأردن، فقد بنيت منظومة التحديث السياسي بأعلى درجات التوافق الوطني واليوم تأخذ مداها في التطبيق.

وأكد أن إطلاق مسارات التحديث لم يأتِ استجابة لضغوط أو ظروف طارئة، بل تعبيرا عن إرادة وطنية في استشراف المستقبل لإنضاج التحول الديمقراطي، ونجاح التحديث السياسي لا يتحقق بإنكار الإنجاز والإساءة لمسيرتنا