ركزت جلالة الملكة رانيا العبدالله على الحاجة لعمل عالمي مشترك لمساعدة اللاجئين حول العالم على الاندماج في المجتمعات المستضيفة، محذرة من أنه سيكون هناك المزيد من أزمات اللاجئين في المستقبل.

جاء ذلك خلال مشاركتها الثلاثاء، بجلسة حوارية لمبادرة كلينتون العالمية، عقدت على هامش أسبوع الجمعية العامة للأمم المتحدة الـ77 في نيويورك.

وخلال الجلسة التي أدارتها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون وشارك فيها المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، سلطت جلالتها الضوء على تجربة الأردن وجهوده في استضافة اللاجئين، وقالت إننا في الأردن ما زلنا ملتزمين بدعم ومساعدة اللاجئين على الاندماج في مجتمعنا.

وهدفت الجلسة إلى استكشاف طرق لتعزيز الشعور بالانتماء في عالم غير مستقر خاصة في ضوء زيادة أعداد اللاجئين والنازحين.

وأشارت جلالتها إلى المشاعر الإيجابية التي يظهرها الشعب الأردني تجاه اللاجئين، منوهة إلى دراسة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قبل ثلاثة أشهر أظهرت أن 96% من الأردنيين ما زالوا متعاطفين مع اللاجئين، وهو أمر لافت فيما يتعلق بمنظومة القيم الخاصة بنا في الأردن، حيث لن ندير ظهرنا أو ننقلب على أشخاص يبحثون عن مأوى وحماية.

وأكدت جلالة الملكة على الدور المهم الذي تلعبه السياسة التي اتبعها الأردن في استقبال اللاجئين والترحيب بهم في الاندماج الاجتماعي، وقالت “الموطن ليس مجرد مكان. إنه أشخاص – ومن الصعب على الشخص أن يشعر أنه في موطنه إذا شعر أنه غير مرغوب أو غير مرحب به”.

وبالحديث عن أزمة اللجوء، أشارت جلالتها إلى أنها ليست أزمة إنسانية مؤقتة. بل هي أزمة تنمية بشرية تتطلب حلولاً طويلة المدى، تركز على النمو وبناء القدرة على التكيف، والاستدامة وخلق الوظائف.

وأكدت أن تقاسم المسؤولية العالمية تجاه اللاجئين هو واجب، وليس خياراً، مشيرة إلى أن برامج الاستجابة للاجئين، تعاني من نقص حاد في التمويل في كل مكان في العالم.

وأشارت إلى أن العالم معرض لمواجهة أزمات متكررة، وأن النزوح القسري من الممكن أن يكون نمطاً سنوياً، حيث إنه وبحسب البنك الدولي، بحلول عام 2050 سيتسبب تغير المناخ وحده في نزوح أكثر من 200 مليون شخص.

وبالحديث عن أزمة اللجوء الأوكرانية أشارت إلى التناقض في استجابة العالم للأزمة مقارنة بالأزمات السابقة، وقالت إن “التباين في الأسلوب والسخاء والأهمية التي أولتها الدول في الترحيب باللاجئين الأوكرانيين مقارنة باللاجئين من مناطق أخرى من العالم مثل سوريا أو السودان أو ميانمار، كانت بالفعل مذهلة”.

كما أشارت جلالتها إلى الضغط المتزايد على المساعدات الإنسانية نتيجة أزمة اللجوء الأوكرانية، الذي دفع بلاجئين من مناطق أخرى من العالم إلى أسفل قائمة الأولويات. مؤكدة أنه لا يمكن تطبيق الإنسانية بشكل انتقائي.

وعن أهمية القيادة عندما يتعلق الأمر بأزمة اللجوء، أشارت جلالتها إلى الصعوبة التي يواجهها القادة في تحقيق التوازن بين أجندتهم المحلية، والالتزامات الإنسانية العالمية، مؤكدة أن الحل لا يكمن في تطبيع الخوف من الآخرين.

وأضافت “قد يكون من المغري بالنسبة للقادة، استخدام خطاب شعبوي والتحريض على الخوف والغضب تجاه الآخرين، وإبقاء الناس منطوية على بعضها وخائفة من عالم تعتقد أنه خطير لكن لا يمكن أن يكون ذلك هو الحل، فمن الواضح أن استخدام شعارات غاضبة أسهل من إيجاد حلول بناءة، لكن الحقيقة تبقى حقيقة.

نحتاج إلى قيادة واثقة وشجاعة ومتعاطفة والأهم من ذلك أن تكون صادقة من أجل إدماج اللاجئين في المجتمع. ففي حال تم إدماج اللاجئين بطريقة صحيحة، يمكن أن يكونوا مساهمين حقيقيين في المجتمعات المستضيفة”.

وتم إطلاق مبادرة كلينتون العالمية من الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في عام 2005 لتحويل الأفكار إلى عمل من خلال إيجاد مساحة يلتزم فيها القادة من مختلف القطاعات لتشكيل شراكات والعمل معاً. وتجمع المبادرة قادة من العالم لإيجاد وتنفيذ حلول لأكثر التحديات العالمية الحاحاً، ولقاءات هذا العام هي الأولى منذ عام 2016.

كما تشارك جلالتها في وقت لاحق في نيويورك بقمة كونكورديا السنوية 2022، إلى جانب الرئيس والمدير التنفيذي لمركز “ويلسون” الأميركي السفير مارك جرين، وستتحدث عن الحرب الأوكرانية والمعلومات المضللة وبناء الثقة والقيادة في الأوقات المضطربة.

وكونكورديا هي منظمة غير ربحية تأسست في عام 2011 لتعزيز وإدامة الشراكات بين القطاعين العام والخاص من أجل إحداث تأثير اجتماعي.